الاقتصادية - تتجه أوروبا الآن نحو كساد اقتصادي أعمق من الكساد الذي يصيب الولايات المتحدة، وهي تفتقر إلى المرونة اللازمة للتصدي للوضع الاقتصادي المتردي، وفقاً لعدد من التنفيذيين وصانعي السياسة البارزين.

يشعر رجال الأعمال الأوروبيون بالقلق من أنه على الرغم من أن الأزمة الأوروبية ناشئة عن الولايات المتحدة، إلا أن أوروبا ستعانيها بقدر أكبر. وينضم كثير منهم إلى المستثمرين في حض البنك المركزي الأوروبي على التخلي عن تركيزه على التضخم وأن يركز بدلاً من ذلك على محاولة إبعاد الكساد الاقتصادي الذي يطول عليه الأمد.

وقال بالدوميرو فالوكنس، وهو رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة إف سي سي، وهي شركة إسبانية متخصصة في البنية التحتية: "متى سيتعافى الاقتصاد الأمريكي؟ ربما خلال سنة أو سنتين. وفي أوروبا؟ بعد الولايات المتحدة بسنة. وفي إسبانيا؟ بعد ذلك بستة أشهر".

وقالت كارمن ريو، كبيرة التنفيذيين والمالكة المشاركة لمجموعة ريو للفنادق والمنتجعات، وهي من المجموعات السياحية البارزة في إسبانيا: "ستكون نهاية الأزمة أهون على الولايات المتحدة مما هي في أوروبا. فهم أكثر نشاطاً في الولايات المتحدة، في حين أن أوروبا أكثر جموداً منها بما لا يقاس".

ويشعر التنفيذيون وصانعو السياسة بأن أوروبا لم تستفد من الأيام الطيبة التي شهدتها على مدى السنوات القليلة الماضية لدفع الإصلاحات في مجالات مثل مرونة العمل.

والشركات في جميع أنحاء أوروبا، من ديملر وسيمنز إلى كيه إم بي جي ويوني كريدي، تُعِد نفسها للتباطؤ الاقتصادي من خلال تخفيض الوظائف والإنتاج والتوظيف. ويأتي هذا في الوقت الذي تدهور فيه النمو الاقتصادي بعد الربع الأول القوي، ما دفع كثيراً من المحللين إلى التنبؤ بأن عدداً من الاقتصادات الأوروبية أصبحت منذ الآن قريبة من الكساد الاقتصادي. وشعر صانعو السياسة بالاطمئنان من عمليات الإنقاذ الأخيرة لبنك فورتيس وبنك ديكسا، وهما من البنوك الكبيرة في منطقة البنلوكس، وكيف أن جهود الإنقاذ تبين أن الإجراءات السريعة هي أمر ممكن في أوروبا على الرغم من أن النظام الرقابي متفرق ومشتت إلى حد كبير.

ولكن أحد كبار صانعي السياسة اعترف بأن تركيز البنك المركزي الأوروبي على التضخم يجعل آفاق النمو في أوروبا قاتمة. وقال: "لا بد للبنك المركزي الأوروبي من أن يركز على التضخم، وذلك لعدد كبير من الأسباب السياسية والتاريخية. ولكن هذا لا يعني، وهذه أم المفارقات، أن من المرجح أن تخرج الولايات المتحدة من التضخم على نحو أسرع من أوروبا ثم إن المرونة المنتشرة في جميع الجوانب في الولايات المتحدة قياساً بأوروبا تجعل من ذلك أكثر ترجيحاً".

ويمكن رؤية مزيد من الأدلة على التحول في المزاج العام بين الشركات الأوروبية في الأشهر الأخيرة من خلال الطلبات الهندسية في ألمانيا فقد قالت جمعية في دي إم إيه، وهي جمعية الهندسة الألمانية، التي كانت حتى عهد قريب هو نيسان (أبريل) من أنشط الجوانب في عالم الأعمال الأوروبي، قالت إن الطلبات في أيلول (سبتمبر) تراجعت بصورة حادة، حيث إن الطلبات من البلدان الأجنبية تراجعت بنسبة 19 في المائة.

يذكر أن كثيراً من الشركات الأوروبية كانت تعول على النمو من الأسواق الناشئة مثل روسيا والصين للتعويض عن الضعف من أوروبا. وقال كبير التنفيذيين في إحدى الشركات الألمانية البارزة: "أظن أن هذه أوقات عصيبة بصرف النظر عن مدى علاقاتك الدولية. ولا يعلم أحد على وجه اليقين ما الذي سيحدث. ولكن إذا كنت تحب المراهنات فلا أظن أنك ستراهن على نجاح أوروبا فوق الولايات المتحدة".