الاقتصادية - صادق مجلس الشيوخ أمس على نسخة معدلة من خطة الـ 700 مليار دولار للإنقاذ المالي، لكن ردة فعل أسواق الأسهم جاءت ضعيفة نسبياً في ضوء القلق المتنامي تجاه سلامة الاقتصاد العالمي. وكان من شأن إضافة الإعفاءات الضريبية ورفع حد ضمان الودائع المصرفية أن جعلا الصفقة مستساغة لدافع الضرائب الأمريكي بما يكفي لتمريرها بأغلبية مريحة بواقع 74 صوتاً مؤيداً مقابل 25 صوتاً معارضاً. ومن المقرر أن يصوت مجلس النواب على خطة الإنقاذ اليوم.

وكانت سوق الأسهم الأمريكية قد أغلقت قبل المصادقة على الخطة (مؤشر "ستاندرد آند بورز" أغلق متراجعاً 0.5 في المائة)، لكن الأسواق الأوروبية افتتحت تداولات أمس مرتفعة بين 1 و2 في المائة وسجلت أسهم البنوك معظم المكاسب بصورة عامة. لكن الصورة جاءت متباينة في الأسواق الآسيوية حيث ارتفعت سوق هونج كونج بواقع 1 في المائة بينما هبطت سوق طوكيو بواقع 2 في المائة.

وتعكس استجابة أسواق الأسهم الضعيفة تواصل سلسلة الأخبار الاقتصادية السيئة خلال الـ 24 ساعة الماضية، كما يلي: انخفضت مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة بواقع 26 في المائة في أيلول (سبتمبر) مقارنة بالتاريخ نفسه منذ عام، تراجع حجم الإنتاج الصناعي الأمريكي الشهر الماضي بأسرع وتيرة له منذ عام 2001، تراجعت أسعار المنازل في بريطانيا في أيلول (سبتمبر) بمعدل 12.4 في المائة على أساس سنوي، ما يعد أكبر انخفاض لها منذ عام 1991، سجل النشاط الصناعي في منطقة اليورو أضعف أداء له الشهر الماضي منذ عام 2001، ورغم أن أسواق المال كانت قد استوعبت وعكست الأداء الاقتصادي الضعيف في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، إلا أن تضافر حجم التباطؤ في أوروبا مع المشكلات المستجدة في بنكي فورتيس ودكسيا أول هذا الأسبوع أديا لتراجع اليورو مقابل الدولار بمعدل 5 في المائة منذ نهاية يوم الجمعة. ويتم الآن تداول اليورو عند مستوى 1.39 للدولار أي أدنى مستوى له في أكثر من 12 شهراً. ويتفق معظم المحللين على أن الحركة المقبلة في سعر الفائدة في منطقة اليورو ستكون للأسفل رغم الإجماع بأن البنك المركزي الأوروبي سيبقى على سعر الفائدة عند مستواه نفسه في اجتماعه هذا اليوم.

وأوضح تقرير أعده براد بورلاند رئيس الدائرة الاقتصادية في "جدوى للاستثمار" أن البنوك العالمية ما زالت تضخ مبالغ ضخمة من السيولة في الأسواق في محاولة منها لتخفيف الضغط على أسعار الاقتراض بين البنوك، لكن رغم ذلك ورغم انقضاء فترة الربع الثالث (التي تنشر فيها البنوك نتائج أعمالها ربع السنوية بصورة مفصلة) لا تزال البنوك مترددة في إقراض بعضها بعضا. وقد استمر سعر الفائدة بين البنوك على الدولار الأمريكي لثلاثة أشهر في الارتفاع حيث يبلغ 4.15 في المائة حالياً مقابل 2.81 منذ منتصف أيلول (سبتمبر).

التداعيــات:
البيانات التي نشرت أمس تؤكد ضعف الاقتصاد العالمي. ورغم أن تفعيل خطة الإنقاذ المالي سيؤدي على المدى القصير إلى تعزيز الثقة في النظام ويسمح بحلحلة العقد التي خلفتها الأزمة المالية بصورة أكثر انتظاماً، إلا أنها لن تكفي للحيلولة دون الدخول في فترة متواصلة من الأداء الاقتصادي الضعيف. السعودية ليست محصنة ضد ما يحدث في الاقتصاد العالمي لكن لديها من الزخم الاقتصادي المحلي ما يكفي لدعم تواصل النمو القوي في القطاعات غير النفطية.

وسيستمر الطلب المحلي الناجم عن الطفرة الاستثمارية وسياسات التحرر الاقتصادي في دفع الاقتصاد السعودي وسيتمثل التحدي الرئيس في التعامل مع محدودية الطاقات المحلية التي تحد من النمو السريع وليست البيئة الخارجية الضعيفة. ورغم تراجع أسعار النفط في الأيام الأخيرة بسبب المخاوف من آثار الاقتصاد العالمي المتهالك على الطلب (سجل خام غرب تكساس نحو 98 دولار للبرميل) ورغم أن بعض المحللين قد خفضوا من توقعاتهم بأسعار النفط، لكنها لا تزال عند مستوى جيد للغاية فيما يتعلق بالاقتصاد السعودي. ولا نزال على رأينا بتحقيق فوائض قياسية في الموازنة العامة وميزان الحساب الجاري هذا العام.