الاقتصادية - خلال الأسابيع القليلة الماضية، شديدة الإيلام، تلقت الولايات المتحدة دروساً غير سارة حول ما يحدث حين يضرب جمود في الأسواق الزوايا غير العقلانية في عالم سندات الرهن. وعلى أية حال، هذا السرطان يهدد في الفترة الراهنة بالامتداد إلى إحدى زوايا قطاع الشركات كذلك. واعترف الاحتياطي الفيدرالي ، بهدوء يوم الثلاثاء الماضي، بأنه كان غير قادر بصورة مؤقتة على احتساب مستويات العوائد في الأوراق التجارية غير المالية الصادرة عن الشركات المصنفة AA لفترة تراوح من شهر إلى ثلاثة أشهر.

يبدو أن المشكلة كانت بسبب نقص هائل في النشاط، أو كما يقول مورجان ستانلي: "مستويات حادة من التوتر وقلة السيولة". والأهم من ذلك أنه بينما لا يزال المستثمرون يشترون سندات الأجل القصير لأجل يوم أو يومين، مثلاً، وبأسعار فائدة عالية للغاية، فإنهم يترددون في شراء الأدوات التي تستمر لأكثر من أيام قليلة. وربما يكون ذلك مؤقتاً (بدا يوم الأربعاء أن أسعار العائد كانت تعود إلى القطاع المصنف AA مرة أخرى، على الرغم من أنها كانت مرتفعة بصورة غير معتادة). غير أنه حتى الجمود المؤقت أمر مهم. والأمر الأهم أن هذه الشركات غير المالية لا تكون في العادة ذات علاقة بوول ستريت، أو بالديون العقارية بالغة السوء.

وهكذا تثير هذه النوبة القصيرة أسئلة أكبر: هل هذه الأحزاب المالية التي ضربت وول ستريت بدرجة وحشية على وشك الامتداد إلى شركات مين ستريت (عالم الاستثمار) كذلك؟
حتى وقت قريب كانت الإجابة المعتادة على هذا السؤال هي "لا في الواقع". والأمر الأهم هو أن الشركات المصنفة شركات استثمارية لم تثقل ميزانياتها بمستويات هائلة من الديون خلال الفترة الأخيرة من الانتعاش الائتماني. وبدلاً من ذلك، فإن أسوأ المديونيات حدثت في العالم المالي. وهكذا يبدو أن الموجة الحالية من تخفيف الديون ضربت الشركات المالية بصورة أسوأ بكثير مما فعلت بنظيراتها من شركات "الاقتصاد الحقيقي".

إضافة إلى ذلك أن كثيراً من الشركات غير المالية عززت خلال الفترة الأخيرة، وبصورة سليمة، دفاعاتها. وباستثناء مؤسسات المرافق والمؤسسات المالية، فإن الشركات الـ 500 التي يتألف منها مؤشر ستاندر آند بورز، كان لديها رقم قياسي من الأموال السائلة والسندات قصيرة الأجل بقيمة 648 مليار دولار في نهاية حزيران (يونيو).

ومع ذلك، ما يقلق رجالاً مثل هانك بولسون، وزير الخزانة الأمريكي، هو أثر الدومينو. والأمر الأهم هو أن العام الماضي أنتج أسوأ آثار السلسلة، واحداً بعد الآخر، في القطاع المالي. ومن الواضح أن عدداً كبيراً في مجتمع الأعمال يعتمد على عالم الأوراق المالية للحصول على التمويل قصير الأجل.

نظرياً، يفترض أن تكون شركات كثيرة قادرة على اللجوء إلى خطوط الائتمان من جانب البنوك إذا أصبح التمويل غير متوافر. والواقع أن الشكوك سائدة حتى أن بعض الشركات أقدمت على ذلك بالفعل.
ومع ذلك، ليست جميع الشركات قادرة على فعل ذلك لفترة طويلة، إذا استطاعت ذلك أصلاً. وإذا بدأ سحب الائتمانات غير المسحوبة، فمن شأن ذلك توجيه مزيد من الضغوط على البنوك. وكما اعترف بولسون يوم الثلاثاء "على الرغم من أن بعض الشركات غير المالية في مين ستريت واجهت خلال الأسبوع الماضي مشكلات في تمويل أنشطتها المعتادة، إلا أنه إذا استمر ذلك الوضع سيهدد جميع أجزاء الاقتصاد".

طبيعي أن بولسون يود أن نصدق أن هذا السيناريو الأكروباتي يمكن تجنبه فقط إذا دعم الكونجرس الآن خطته الإنقاذية. وقد يكون على حق، لأن هذا البرنامج الإنقاذي لن يكتفي فقط بشراء الموجودات بالغة السوء، لكنه يعزز كذلك دفاعات صناديق أسواق المال. وهذا أمر حيوي لأن صناديق أسواق المال أعمدة أساسية في عالم الأوراق التجارية (في حالة جنرال موتورز، مثلا، من المعتقد أن هذه الصناديق تمتلك ما يصل إلى نصف أوراقها التجارية). ويبدو أن أحد أسباب الجمود في قطاع الأوراق التجارية متوسط الأجل، هو أن صناديق أسواق المال، أصبحت خائفة من حالات الاسترداد إلى درجة أنها لن نشتري أي شيء يستمر ليوم أو يومين.

ومع ذلك، حتى إذا تم تبني خطة بولسون، رغم أن هذه "الإذا" ما زالت كبيرة، سيكون من الحمق الرهان على أن الهدوء سيعود قريباً، ناهيك عن الأسعار التي سادت، أو كما تلاحظ وكالة موديز "من المحتمل أن تظل سوق الأوراق التجارية متحدية للشركات المُصْدِرة لفترة مهمة".

بكلمات أخرى، سيكون من الحكمة بالنسبة للمستثمرين الاستمرار في المراقبة الدقيقة لعالم الأوراق التجارية خلال الأسابيع المقبلة، وأن يوجهوا بعض الأسئلة الصعبة للشركات حول حجم تسهيلات ائتماناتها غير المسحوبة، فضلا عن هويات البنوك التي يمكن أن تترك عالقة في السنارة خلال فترة قريبة.