الاقتصادية - في عالم يعتبر فيه رأس المال هو الملك، يصبح بإمكان المؤسسات المالية ذات رأس المال القوي أن تتحمل تكاليف شيء من بناء الإمبراطورية.

كشف اثنان من اكبر بنوك اليابان هذا الأسبوع، عن صفقتين خارجيتين سوف تمنحانهما دوراً أكبر بكثير في الأسواق المالية.

وقفز بنك نومورا، وهو أكبر بنوك الوساطة في اليابان، لشراء عمليات بنك ليمان براذرز في أوروبا بعد 24 ساعة فقط من التهامه للموجودات الآسيوية لهذا البنك الأمريكي المفلس.

في الوقت ذاته، وافقت مجموعة بنك ميتسوبيشي، وهو أكبر بنك في اليابان على شراء حصة تبلغ 20 في المائة من بنك مورجان ستانلي، بتكلفة تقدر بـ 900 مليارين (8,5 مليار دولار).

وتسلط هاتان الصفقتان اللتان تم التفاوض حولهما خلال أيام، الضوء على الفرص التي فتحت أمام البنوك اليابانية لتوسيع مدى نشاطها العالمي، واكتساب خبرة مالية في ظل تقييمات جذابة.

وكانت المؤسسات المالية اليابانية المحافظة، حتى فترة قريبة، غائبة عن مشهد الاندماج والاستحواذ العالمي. واشترى نومورا، إنستنت عام 2006، كما اشترى 15 في المائة من شركة فورترس التي تدير صناديق تحوط في العام ذاته.

غير أن القطاع المالي الياباني كان مشغولاً بصفة أساسية في إعادة بناء العمليات المحلية بعد الخروج من كابوس الديون الرديئة الخاص به، إضافة إلى تراجع طويل أصاب نشاطات البنوك الاستثمارية في السوق.

وكانت البنوك اليابانية الكبرى لا تزال تسدد مبالغ ضخمة من الأموال العامة حصلت عليها كدعم خلال أزمة القروض رديئة الأداء. وعملت ذكريات آخر فورة خارجية لها خلال اقتصاد الفقاعة، حين مضت البنوك اليابانية إلى فورة شرائية في الغرب، على عدم تشجيع عودة سريعة لفترة التحرك السريع خلال تلك الحقبة.

واشترى بنك فوجي في الثمانينيات 52 في المائة من بنك هيلر فاينانشيال، كما اشترى بنك داي- إيشي كانحيو 80 في المائة من شركة التجارة وتمويل المستهلكين، CIT. واضطر البنكان إلى بيع حصصهما في المؤسسات المالية الأمريكية خلال الأزمة المصرفية اليابانية، واندمجا مع بنك IBJ لتأسيس بنك ميزوهو. وساعد بنك سوميتومو، بنك جولدمان ساتش، عام 1986، باستثمار رأسمالي بقيمة 500 مليون دولار.

ورد البنك الاستثماري الأمريكي هذا الجميل عام 2003 حين احتاج بنك سوميتومو إلى زيادة رأسماله، حيث اشترى البنك الأمريكي أسهماً تفضيلية قابلة للتحويل من البنك الياباني بقيمة 1,27 مليار دولار.

غير أن الوضع انقلب مرة أخرى، إذ أن البنوك اليابانية لم تتعرض للدرجة ذاتها من الدمار الذي ألحقته أزمة الرهن العقاري، كما أن لديها في الوقت الراهن رؤوس أموال قوية، حيث يتمتع بنك ميتسوبيشي بمعدل ملاءة رأسمالية يبلغ 7,33 في المائة، إضافة إلى الفرص الضئيلة لاستثمار أمواله محلياً.

وليست هنالك سوى فرص نمو قليلة في السوق المحلية هذه الأيام، حيث ظلت الرغبة في الحصول على قروض من جانب الشركات ضعيفة.

غير أن الودائع حافظت على مستويات عالية، الأمر الذي أدى إلى اختلال التوازن بين ودائع البنوك وقروضها.

وفي ظل ملاءة رأسمالية تبلغ 8 في المائة، أو تقترب منها، "فإن كل الأرباح التي تولدها البنوك اليابانية فائضة عن حاجتها، ولذلك فإن رأس المال هذا بحاجة إلى التوجه إلى مكان ما" حسب قول أحد المحللين. ويضيف "سوف تحقق البنوك اليابانية أرباحاً إيجابية صافية هذا العام، وهي بالتالي بين عدد قليل من البنوك في العالم التي تستطيع توليد رأس المال".

أنفق بنك ميتسوبيشي، على سبيل المثال، مبلغ 3.5 مليار دولار لرفع حصته من بنك كاليفورنيا من 65 إلى 100 في المائة. وقالت هذه المجموعة المصرفية التي لديها ما قيمته 120 ألف مليار ين من الودائع، إنها يمكن أن تستخدم هذه السيولة لكي تسدد ثمن استثمارها في مورجان ستانلي.

أثناء ذلك، كان بنك نومورا ينتظر توسيع حضوره الخارجي من خلال رأسمال يبلغ 600 مليارين جمعه في أوائل العام الحالي.

وينتظر المحللون رؤية ما إذا كانت تطورات هذا الأسبوع ستشعل المزيد من النشاط، حيث إن مجموعة سوميتومو ميتسوي الاستثمارية، على سبيل المثال، ذات علاقة وثيقة مع جولدمان ساتش ، كما أنها استثمرت، هذا العام، نحو مليار دولار في بنك باركليز. وضخ بنك ميزوهو، ثاني أكبر بنك في اليابان، 1.2 مليار دولار في بنك ميريل ليتش خلال الفترة الأخيرة.

إن إنفاق الأموال السائلة هو الجانب السهل، حيث تأتي بعده المهمة الصعبة في إنجاح عمليات الاستحواذ.

وسيكون لمجموعة بنك ميتسوبيشي مقعد في مجلس الإدارة، ولكن المحللين يتساءلون عن سبب تخصيص الكثير من رأس المال لبنك لا تستطيع المجموعة اليابانية أن تشكل وجهته. بينما يمكن اعتبار شراء بنك نومورا بعض النشاطات العملية لبنك ليمان خارج الولايات المتحدة أمراً يستحق الإقدام عليه، فإن جمع الثقافتين الأمريكية، واليابانية معاً سوف يكون بمثابة مهمة بالغة الضخامة.

وتعثرت الجهود السابقة من جانب البنوك اليابانية للتوسع العالمي جزئياً لعدم قدرة مؤسسات الوساطة في طوكيو على تفويض مهام عمل لغير اليابانيين في المكاتب بالغة التشتت. وقال مصرفي في مؤسسة منافسة في هونج كونج "ما من شك في أن اليابانيين عائدون إلى المشهد، ولكن مصرفيي ليمان في آسيا سوف يرحلون ببطء إذا بالغت طوكيو في محاولة تقييد حركتهم. كما أن من غير المتوقع أن يكون مصرفيو نورمورا في طوكيو سعداء في العمل إلى جانب زملاء جدد يكسبون أكثر بكثير مما ينجزون، وإنني أتمنى لهم أفضل الحظوظ".