الاقتصادية - ربما لا يكون هانك بولسون مستعداً للتراجع علناً عن تأكيده بأن خطته المقترحة بقيمة 700 مليار دولار لإنقاذ البنوك المعتلة في "وول ستريت" ستتدنى كفاءتها إذا فرض الكونجرس قيوداً على رواتب التنفيذيين في الشركات الساعية للحصول على مساعدة الحكومة. ولكن بولسون، وزير المالية الأمريكي وكبير التنفيذيين السابق في بنك جولدمان ساكس، لا بد أنه يعلم الآن أنه خسر حجته بالفعل حين استيقظ صبيحة يوم أمس ليواجه يوماً آخر من الاستفسارات والمساءلة المضنية من الكونجرس.

ففي إحدى الجلسات التي عقدت يوم الثلاثاء، قاطع النائب كريستوفر دود وقائع الجلسة ليصرح على نحو قطعي بأن الإدارة الأمريكية ينبغي لها أن "تكون على ثقة من أن" رواتب التنفيذيين ستكون جزءاً من أي قانون يوافق عليه الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، وقال "سنجد صيغة لذلك، ولكن لا بد من إضافة هذا الشرط في القانون".

والديمقراطيون ليسوا هم الفئة الوحيدة التي تطالب بأن يُحِس أساطين "وول ستريت" ببعض الألم الشخصي، فالجمهوريون في الكونجرس، الذين يمقتون في ظروف غير الظروف الحالية الموافقة على أية قيود تضعها الحكومة الفدرالية على رواتب التنفيذيين، سارعوا إلى تبني الفكرة، كما أن المرشحَين الرئاسييَن كليهما تبنيا المقترحات التي لا تزال غير واضحة المعالم حتى الآن والرامية إلى تحديد الرواتب التي يمكن أن يحصل عليها التنفيذيون في المؤسسات التي تشرف الحكومة على إنقاذها.

وقال جون ماكين المرشح الجمهوري لرئاسة الجمهورية يوم الثلاثاء "من غير المقبول أن نطلب من المدرسين والمزارعين وأصحاب الشركات الصغيرة تعبئة خزانات الوقود في طائرات الهيلكوبتر التي يستخدمها عمالقة وأساطين وول ستريت. إن أعضاء الإدارة العليا في أية شركة تتحمل الحكومة نفقات إنقاذها لا ينبغي أن تكون رواتبهم أعلى من أعلى الرواتب التي يتلقاها المسؤولون الحكوميون".

هناك مشروع قانون اقترحه دود، يُعطى بموجبه وزير المالية صلاحية حظر "الرواتب غير المناسبة أو المفرطة". كما سيعيد القانون العمل بمبدأ "الاسترداد"، الذي يفرض على التنفيذيين التخلي عن عوائدهم إذا أظهرت النتائج أن هذه العوائد كانت مبالغاً فيها، وهناك مقترحات تناقَش في مجلس النواب يمكن أن تعطي المساهمين حق التصويت على رواتب التنفيذيين.

ويتفق معظم المطلعين على بواطن الأمور في واشنطن أن الإدارة على المدى الطويل ستقر جهودها في هذا المقام في سبيل تجميع شيء من رأس المال السياسي وادخاره لمعارك أكثر أهمية.

وقال أحد المساعدين في مجلس النواب "السبب في أن الحكومة ستوافق في نهاية المطاف هو لأن هذه القيود على رواتب التنفيذيين ليست قيوداً جامعة مانعة في كل زمان ومكان على الرواتب، فعملية الإنقاذ نفسها محدودة من الناحية الزمنية، ولن يكون من شأنها ولو من بعيد إسعاد الجميع من الذين كانوا يطالبون بفرض إصلاحات عميقة وشاملة".

وأضاف هذه الشخص قائلاً لكن إدراج بند يشتمل على بعض الإصلاحات في رواتب التنفيذيين، بصرف النظر عن مدى محدوديته، يمكن أن يعطي الحكومة زخماً أمام المدافعين عن التغييرات الواسعة في رواتب التنفيذيين على الطراز الأمريكي في الفترات المقبلة.

وتقر جماعات الضغط لمصلحة الشركات فيما بينها أنه لا توجد طريقة لوقف المد المقبل من الكونجرس لأنه لا توجد حجة قوية تستطيع هذه الجماعات تقديمها دفاعاً عن عالم الأعمال، وذلك بالنظر إلى أن أموال دافعي الضرائب معرضة للخطر الآن.

أما حجة هانك بولسون التي تقول إن عدد التنفيذيين المشاركين في البرنامج يمكن أن يكون أقل في حالة صدور قانون بتقييد رواتبهم، هذه الحجة أُفرِغت من مضمونها من قبل باري فرانك، رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، الذي وصف السلوك الذي من هذا القبيل بأنه دليل على "الأنانية وانعدام الروح الوطنية".

وقال بروس جوستن، وهو من الشخصيات المهمة في جماعات الضغط لدى الغرفة التجارية الأمريكية، إنه يقبل تماماً بفرض بعض القيود على رواتب التنفيذيين، ولكنه أشار إلى عدد من المخاطر في الخطة.
"إذا كنت تفكر في الأمر على النحو، فإن بولسون يعطي البنك الذي تعمل فيه مليارات الدولارات لتنظيف الفوضى، فهل نريد أن يكون الشخص الذي يتولى أمر هذه المليارات في البنك يتقاضى راتباً بحدود 50 ألف دولار في السنة؟ نحن نريد أفضل الناس وأكثرهم ذكاءً".


وقال أحد العاملين في جماعات الضغط لمصلحة البنوك إنه بالنظر إلى تطورات الأحداث فإن كبار التنفيذيين في "وول ستريت" كان بإمكانهم تقديم معروف لأنفسهم وإجهاض خطة الكونجرس وذلك بالموافقة على أن يكون راتبهم في السنة المقبلة هو دولار واحد.

وقال هذا الشخص "أما الآن فإنهم يظهرون في صورة من يتلقى العقاب جزاء على ما فعل. ثم حين يبدأ التنفيذيون في الاستقالة فإنهم سيظهرون تماماً بمظهر الأطفال".