محيط - أعلن كبار المسئولين الأوروبيين في بروكسل رفضهم اعتماد أية خطة محددة لإنقاذ أسواق المال في هذه المرحلة وبشكل مباشر بسبب تصاعد الخلافات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن تداعيات الأزمة المالية والنقدية التي تعصف بأسواق المال العالمية.

وفي الوقت الذي قررت فيه السلطات الأمريكية ضخ 700 مليار دولار في محاولة لتمكين المؤسسات المصرفية والنقدية من تجاوز الأزمة الحالية فإن المسئولين الاقتصاديين والنقديين الأوروبيين يرون أن هذا الإجراء غير قابل للتطبيق على الصعيد الأوروبي.

وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الأوروبية في مداخلة له أمام البرلمان الأوروبي إن الاستمرار في سياسة التساهل تجاه أسواق المال والتغاضي عن الهفوات الخطيرة يعد خطأ جسيما من شأنه إلحاق ضرر كبير باستقرار النظام النقدي , مؤكدا أن الوقت قد حان الوقت للسيطرة علي توجهات الجشع لدى المتعاملين الماليين والمضاربين.

ولكن ورغم هذه التصريحات المناهضة لأي تدخل لإنقاذ المؤسسات المصرفية فان الاتحاد الأوروبي لم يقدم حتى الآن أي خطط بديلة.

ويواجه التكتل الأوروبي خلافات وانقسامات فعلية منذ بداية الأزمة المالية والنقدية الحالية إلى معسكرين متضاربين الأول تتزعمه المستشارة الألمانية إنجيلا مركيل ويدعو إلى فرض رقابة صارمة على الأسواق المالية وأنشطة المضاربين والتحقق من كافة الأنشطة النقدية والمصرفية والسيطرة علي الجوانب المشتبه فيها.

ويتعارض هذا الموقف مع التوجهات الليبرالية المتبعة من قبل بعض الدول الأخرى وخاصة بريطانيا التي ترفض أي تدخل للحكومات في توجيه الأسواق المالية والمؤسسات النقدية والمصرفية.

ويقول المسئولون الأوروبيون إن الاتحاد الأوروبي سيتخذ بعض الإجراءات المحددة للمساعدة على احتواء الأزمة النقدية الحالية ولكنه لن يعتمد أية خطة إنقاذ شبيهة بالخطة الأمريكية.

ومن جهته قال مفوض شؤون النقد الأوروبي يواخين المونيا للنواب الأوروبيين في بروكسل إن التباين في رصد الأزمة النقدية وأزمة المؤسسات المصرفية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعود لكون تداعيات هذه الأزمة تظل أقل خطورة في أوروبا.

وأوضح في كلمته التي أوردتها وكالة الأنباء السعودية "واس" أن الأزمة تظل مصدر للقلق بسبب تأثيرها على البنية الاقتصادية وتسببها في تراجع ثقة المؤسسات والمستهلكين وما ينتج عنه من انخفاض لوتيرة الطلب وانكماش للنمو.

ويتضح حاليا أن كبار المسئولين والنقديين الأوروبيين متفقون على ترك هامش للأسواق المالية الأوروبية والمؤسسات النقدية لتقوم بتحديد وسائل الرد على الأزمة واحتوائها بطرقها الخاصة.

وقرر الاتحاد الأوروبي تكريس مبلغ من ثلاثين مليار يورو لدعم المؤسسات الأوروبية وتمكينها من السيولة الضرورية وعبر خطوط مالية سيقوم المصرف الأوروبي للاستثمار بالإفراج عنها بشكل طارئ.

ومن المقرر أن يعتمد الاتحاد الأوروبي خارطة طريق خلال الفترة المقبلة لتحديد ضوابط لمراقبة أسواق المال وتحديد آليات العمل بينها وبين المؤسسات النقدية والمصرفية وشركات التامين الكبرى.

ويقوم القسم النقدي بالمفوضية الأوروبية في بروكسل حاليا بإعداد عدد من أوراق العمل المحددة لمراقبة الأنشطة النقدية والمصرفية ستعرض خلال قمة الاتحاد الأوروبي المقررة منتصف الشهر المقبل على مستوى رؤساء الدول والحكومات.

وأعلنت المفوضية الأوروبية والرئاسة الدورية للاتحاد عن تأييد فكرة عقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام الجاري لمعاينة أزمة أسواق المال.

ولم يتحدد بعد عدد الجهات التي ستدعى إلى هذا المؤتمر والذي قد يجمع الدول الصناعية الثمانية الكبرى إلى جانب كل من الهند والصين, في حين دعا رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه بارزو الذي إلى اعتماد ما سماه بأجندة أوروبية أمريكية لمواجهة العولمة وإرساء ضوابط للتحكم في مختلف تداعياتها.