الاقتصادية - بدأ المستثمرون يشعرون بالقلق من أن تؤدي خطة الإنقاذ التي أعدتها الحكومة الأمريكية بمئات مليارات الدولارات والخطوات الجريئة التي اتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي لضخ السيولة في النظام المالي، إلى التضخم.

فمنذ الأربعاء الماضي، قفز معدل التضخم الذي تتوقع السوق أن يسود في المدى الطويل – لمدة خمس سنوات تبدأ بعد خمس سنوات بـ 27 نقطة أساس ليصل إلى 2.42 في المائة. ويبدو أن المخاوف من التضخم تقف وراء التراجع الذي شهده الدولار هذا الأسبوع ووراء انتعاش أسعار السلع.

يقول لاري ميير، وهو محافظ سابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي ويعمل الآن رئيساً لشركة ماكرو إيكونوميك إدفايزرز الاستشارية: "هناك ذعر من التضخم في الأسواق ـ ما من شك في ذلك".

إن ارتفاع توقعات السوق بشأن التضخم يعد أمراً غير عادي لأنه يحدث على خلفية وجود ضغط شديد في النظام المصرفي، والمؤسسات المالية الفاشلة، وانخفاض أسعار الموجودات وشح الائتمان.

ذلك أن جميع هذه الظروف تعد مؤشراً على العكس – وتؤشر حتى إلى الانكماش الاقتصادي.

يقول ديفيد روزنبيرج، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في بنك ميريل لنتش: "إن الذين يعتقدون أننا نجحنا في أحد الأيام في التحول من خلفية انكماشية إلى خلفية تضخمية لأن الحكومة أوجدت مزيداً من الدين لا يأخذون في الاعتبار انكماش الائتمان الموازي له في القطاع الخاص. "إن ما يقوم به بنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة هو مجرد تهدئة للقوى الانكماشية الهائلة في النظام المالي".

على أن المستثمرين يساورهم القلق من أنه في حين أن المرض انكماشي، فقد ينتهي العلاج إلى أن يكون تضخمياً.

وأحد جوانب القلق هو الزيادة الضخمة في الدعم الذي يقدمه بنك الاحتياطي الفيدرالي للسيولة. ولكن من غير الواضح أن هذه العمليات ينبغي أن تكون تضخمية. ذلك أن الزيادة في إمدادات السيولة تأتي رداً على الارتفاع الكبير في الطلب عليها –الذي يستدل عليه من طفرة أسعار الفائدة على الاقتراض لليلة واحدة في الأسبوع الماضي. وما لم يبالغ "الفيدرالي" في ذلك عبر تخفيض أسعار الفائدة الحقيقية لليلة واحدة إلى ما دون السعر المستهدف بكثير وهو 2 في المائة لفترة طويلة، فلا يوجد سبب يجعل عمليات السيولة التي يقوم بها تضخمية.

وليس تضخمياً أيضا قيام "الفيدرالي" بتوسعة ميزانيته العمومية، شريطة أن يعمل ببساطة لإعادة تدوير الاحتياطيات التي أخرجتها وزارة الخزانة من النظام المالي عبر قيامها بإصدار دين إضافي كما فعلت في الأسبوع الماضي.

ولكن هناك خطراً في أن ينتهي الأمر ببنك الاحتياطي الفيدرالي إلى سحب دعمه للسيولة في منتهى البطء، عندما يهدأ الطلب على السيولة في السوق، الأمر الذي يؤدي إلى استمرار التقصير عن بلوغ السعر المستهدف للفائدة.

والأخطر من ذلك، أنه يمكن أن ينتهي الأمر بالبنك المركزي الأمريكي بالإبقاء على سعر الفائدة المستهدف متدنياً للغاية ولمدة أطول مما ينبغي بسبب خشيته من الضغط المالي الشديد، الأمر الذي يحتمل أن يخلق مشكلة تضخم.

وفي الواقع، يمكن أن يتغير التضخم من كونه عالياً لدرجة تثير القلق إلى كونه منخفضاً لدرجة تثير القلق قبل أن يصبح عالياً لدرجة تثير القلق مرة أخرى.

ويخشى بعض الاقتصاديين من احتمال مراكمة الحكومة لدين كبير نتيجة الأزمة لدرجة سيتعرض معها بنك الاحتياطي الفيدرالي للضغط لكي يخفف من هذا العبء عبر السماح للتضخم بأن يكون في معدل أعلى قليلاً من المعدل المستهدف في السنوات المقبلة.

يقول كين روجوف، الأستاذ في جامعة هارفارد وكبير الاقتصاديين سابقاً في صندوق النقد الدولي:" سيكون من المغري قليلاً أن يكون لدينا معدل تضخم أعلى قليلاً خلال هذه الفترة وذلك لتخفيف حدة المشكلات".

إلا أن ميير لا يتفق معه في ذلك، حيث يقول:" إن الأمر راجع إلى استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي. وهذا الفيدرالي هو الأكثر صقورية بين البنوك الفيدرالية التي عرفتها".