الاقتصادية - يوم الأربعاء كادت أسواق المال تصاب بالشلل وسط مخاوف حول الخطة الأمريكية لشراء الموجودات السامة المتعلقة بالقروض السكنية.

ارتفعت أسعار الفائدة الرئيسية للقروض بين البنوك في لندن إلى مستويات قياسية وهبطت الأسهم وتدفقت الأموال إلى الملاذ الآمن للسندات، في الوقت الذي ظلت فيه مشاعر اللبس حول صفقة الإنقاذ البالغة 700 مليار دولار تحوم حول الأسواق. في بعض قاعات التداول كان هناك إحساس بالهلع من استمرار الجمود في ساحات القروض قصيرة الأجل، في الوقت الذي ترفض فيه البنوك التخلي عما لديها من أموال نقدية.

قال دون سميث، وهو اقتصادي لدى شركة آي كاب Icap المتخصصة في تداولات القروض بين البنوك: "الهدوء الذي حل بأسواق المال في نهاية الأسبوع الماضي ذهب وحل محله إحساس بالقلق العميق حول الجفاف المتواصل للقروض التي يزيد أجلها على الأسبوع".

قال نك نيلسون، رئيس قسم التحليل الاستراتيجي للأسهم الأوروبية لدى بنك يو بي إس UBS: "هناك قدر كبير من مشاعر اللبس في الأسواق. وحين يبدأ العمل في صفقة الإنقاذ الأمريكية، فإنني أعتقد أن هذا سيؤدي إلى اندفاع قصير الأجل، ولكن إلى أن يتم تنفيذ الخطة فإن مشاعر اللبس هذه ربما تبقي الأسهم في مكانها دون تقدم".

ارتفعت أسعار فائدة ليبور على قروض الدولار والاسترليني لأجل ثلاثة أشهر إلى أعلى مستوى لها هذا العام، في حين أن أسعار الفائدة على قروض اليورو ارتفعت إلى مستويات لم تشهدها الأسواق منذ تشرين الأول (أكتوبر) عام 2000. كذلك قفزت إلى الأعلى الفروقُ بين أسعار فائدة ليبور على القروض لليلة واحدة وبين القروض لأجل ثلاثة أشهر، ما يشير بوضوح إلى التصور السائد في الأسواق من أن هناك زيادة حادة في مخاطر الإقراض لفترات تزيد على أسبوع.

هبطت الفوائد على أوراق الخزانة الأمريكية لأجل شهر واحد إلى ما دون الصفر، كما فعلت في ذروة الأزمة في الأسبوع الماضي، في الوقت الذي تدافع فيه المستثمرون للتحول نحو الموجودات النقدية والموجودات ذات المخاطر المتدنية.

هبط العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين ولأجل عشر سنوات بصورة حادة بسبب المخاوف من صعوبة موافقة الكونجرس على خطة الإنقاذ التي اقترحتها الحكومة الأمريكية لإنقاذ البنوك المعتلة. كذلك هبطت العوائد في أوروبا على السندات الحكومية الألمانية وسندات الخزانة البريطانية.

كانت معظم أسواق الأسهم في حالة متدنية في الوقت الذي عمقت فيه البيانات الضعيفة في أوروبا مشاعر التشاؤم، على اعتبار أن البيانات الصادرة عن معهد آيفو Ifo الألماني حول المزاج العام للأعمال كانت أضعف مما كان متوقعاً. وحتى قرار "وارين بوفيت" استثمار مبلغ خمسة مليارات دولار في بنك جولدمان ساكس Goldman Sachs أخفق في تحسين الروح المعنوية لدى المستثمرين.

أقفل مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بهبوط مقداره 0.8 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 هبط بمقدار 0.6 في المائة. وبحلول منتصف اليوم هبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 0.2 في المائة.

في المقابل في آسيا، ارتفع مؤشر "نيكاي 225" في طوكيو بمقدار 0.2 في المائة. كذلك تحركت الأسهم الروسية والبرازيلية إلى الأعلى. ارتفع مؤشر مايسيكس Micex الروسي بمقدار 3.2 في المائة، وهو أول ارتفاع له منذ ثلاثة أيام، وقد تصدرته أسهم مجموعة في تي بي VTB بعد أن قال البنك إن أرباحه خلال الربع الأخير زادت أكثر من الضعف.

كذلك تحركت الأسهم البرازيلية إلى الأعلى في جلسة التداول في أوائل فترة العصر، تتصدرها أسهم البنوك وشركات إنتاج المواد الخام، بعد أن خفضت الحكومة أسعار الفائدة للتعامل مع الآثار الضارة المتزايدة للأزمة الائتمانية.

توسعت مبالغ التأمين على العقود المتقابلة على السندات، وهي نوع من التأمين ضد مخاطر الإعسار عن الوفاء بدفع الفوائد على السندات، بسبب مشاعر اللبس، بحيث ارتفع التأمين على سندات الحكومة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 29.2 نقطة أساس، ما يبين بوضوح المخاوف المتزايدة حول وضع المالية العامة في الولايات المتحدة.

في أوروبا ارتفع المؤشر القياسي آي تراكس، الذي يرصد حركة 125 اسماً من أسماء الشركات ذات السندات الممتازة، بمقدار ست نقاط أساس ليصل إلى 116 نقطة أساس، في حين أن مؤشر آي تراكس للسندات الخطرة، الذي يرصد حركة 50 اسماً في عالم السندات الخطرة ذات العوائد العالية، ارتفع بمقدار 12 نقطة أساس ليصل إلى 589 نقطة أساس، أي أنه اقترب من مستوى 600 نقطة أساس الذي سجله في ذروة الأزمة التي صاحبت انهيار بنك بير شتيرنز في آذار (مارس) الماضي.

قفز مؤشر فيكس Vix لمقدار التقلب، وهو مؤشر وضعته بورصة مجلس شيكاغو للعقود الآجلة ويستخدم كمؤشر لقياس مدى العزوف عن المخاطر عند المستثمرين، قفز إلى مستوى 35.72 نقطة، أي أنه اقترب من أعلى مستوى سجله خلال ست سنوات.

هبطت سندات الأسواق الناشئة لليوم الثاني على التوالي في الوقت الذي انصرف فيه المستثمرون عن الموجودات ذات المردود العالي في مناخ تسود فيه بصورة متزايدة مشاعر العزوف عن المخاطر.

تصدرت الخسائر سندات الأرجنتين، حيث ازدادت الفروق على العوائد بين سندات الخزانة الأمريكية وسندات الحكومة الأرجنتينية لأجل عشر سنوات بمقدار 22 نقطة أساس لتصل إلى 8.07 في المائة.

من جانب آخر ارتفعت أسعار النفط بعد أن أشارت أحدث البيانات الأسبوعية لكميات المخزون الأمريكي إلى وجود دليل عجيب على الخلل الواسع في الإمدادات الناشئ عن الأعاصير الأخيرة التي أرغمت معامل التكرير على إغلاق نسبة لا تقل إلا بمقدار يسير عن ثلث معامل التكرير في النظام الأمريكي بأسره.

في بورصة نايمكس في نيويورك ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس المتوسط تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) بمقدار 1.19 دولار للبرميل، بحيث وصل سعر النفط إلى 107.80 دولار للبرميل بعد أن لامس أعلى مستوى له أثناء جلسة التداول بمقدار 109.50 دولار للبرميل، في حين أن عقود خام برنت في بورصة إنتركونتننتال ICE تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) ارتفعت بمقدار 1.26 دولار للبرميل ليصل السعر إلى 104.34 دولار للبرميل.

في أسواق العملات اشتد وضع الدولار مقابل الين، ساعده في ذلك استثمار "وارين بوفيت" في بنك جولدمان ساكس. وتعرضت العملة النرويجية "الكرونا" للضغط بعد أن حذر البنك المركزي النرويجي من هبوط اقتصادي طويل الأمد في عالم البلدان الصناعية.