الاقتصادية - صناعة صناديق التحوط، التي تبلغ قيمتها نحو تريليوني دولار، تُعِد نفسها لأوقات عصيبة نتيجة للقرارات التي اتخذتها الأجهزة الرقابية على جانبي الأطلسي والهادفة إلى الحد من المراهنة على الأسهم غير المملوكة لمن يراهنون عليها. ولا أحد يعلم على وجه اليقين إن كانت هذه الأوقات العصيبة ستدوم أياماً أو بضعة أسابيع أو بضعة أشهر.

من المتوقع أن تكشف بعض الصناديق النقاب عن خسائر ضخمة حين تقوم بالإبلاغ عن أدائها الشهري للمستثمرين بنهاية أيلول (سبتمبر)، ومن المتوقع أن تغلق بعض الصناديق نتيجة لذلك.

القيود الجديدة على المراهنة على أسهم غير مملوكة للمتداولين تأتي في وقت تتعرض فيه صناديق التحوط لضغط كبير. فهي تجلس على جبل من الأموال النقدية غير المخصصة، وحين تدعو الحاجة إليها فإنها تعثر على الديون لتمويل الاستثمارات التي يصعب الحصول عليها من البنوك التي تفتقر الآن إلى الأموال السائلة.

وكان من شأن انهيار بنكي بير شتيرنز وليمان براذرز أن اضطرت مئات من صناديق التحوط التي اعتادت على استخدام البنوك لتقوم بدور الوسيط المالي للاستثمارات المتخصصة الكبيرة، للبحث عن سبل أخرى للتمويل والمساندة. وكان أداء صناديق التحوط هذا العام متبايناً حتى الآن.

وقال رئيس قسم الوساطة المالية المتخصصة في أحد البنوك الاستثمارية الكبيرة: "من رأيي أن هذه البيئة ستكون بلا شك شاقة وعصيبة تماماً على المدى القريب. فالأنظمة الجديدة عملت من الناحية العملية على فرض قيود ضخمة لتجميد المراهنات على ما لا يُملك من الأسهم على المدى القصير".

تساءل كثيرون عما إذا كان الذين يراهنون على ما لا يملك من الأسهم اختيروا ليكونوا كبش الفداء المناسب للمشكلات التي لم يكن لهم يد في خلقها. واشتكى أحد مديري صناديق التحوط من أن هذه القرارات الأخيرة تجعل الأمر يبدو وكأن صناديق التحوط هي الملومة عن كامل الأزمة الائتمانية، في حين أنها في الواقع لم تقصر بل وأسهمت إلى حد ما في ضمان استمرار عمل الأسواق.

يذكر أن المراهنة على ما لا يُملَك من الأسهم هي من أكثر التعاملات شيوعاً في استراتيجيات صناديق التحوط، حيث تشكل تعاملات الأسهم من شراء ومراهنة نحو 40 في المائة من أموال صناديق التحوط. ولكن معظم هذه الصناديق توجد لديها مقتنيات من الأسهم المملوكة لها أكثر مما لديها من الأسهم المخصصة للمراهنة عليها.

قال جيم تشانتوس، رئيس مجلس إدارة "تحالف شركات الاستثمار الخاصة"، وهي مجموعة في صناعة صناديق التحوط، إن هذه القرارات الطارئة التي تحظر هذا الباب من المراهنات لن يكون من شأنها تحسين سلامة البورصات على المدى الطويل أو التصدي للقضايا الأساسية التي يعانيها القطاع المالي.

وقال: "من رأينا كذلك أن الأسواق لا تستطيع أن تحمل لفترة طويلة تغيير الأنظمة والقواعد باستمرار، حين يتم الإعلان عن قرارات جديدة في منتصف الليل دون الحصول على تعليق عام أو مشاركة عامة".

وكانت تعليقاته تعكس مدى الإحباط الذي شعرت به كثير من صناديق التحوط في الأيام القليلة الماضية، وقال: "إن المراهنين على ما لا يُملَك من الأسهم هم أبعد ما يكون عن التسبب في هذه الأزمة، على العكس من ذلك فإنهم كانوا منذ شهور وسنوات وهم يحذرون من المشكلات في هذا المجال.

"الأمر بكل بساطة هو أن المراهنة على ما لا يُملَك من الأسهم هي استراتيجية استثمارية حيوية تستجيب لأساسيات السوق وتسهم في سلامة أسعار الأسهم. وإن من مصلحة المستثمرين تماماً أن يكون بإمكانهم أن يسمعوا الأسباب الموجبة إلى شراء سهم معين والأسباب الداعية إلى بيع سهم معين.

"لكن هذه القرارات الطارئة تقيد التدفق الحر للمعلومات، وفي نهاية المطاف فإنها لن تعمل على مساعدة الولايات المتحدة على الاحتفاظ بأكثر الأسواق حرية وأقواها وأكثرها سيولة في العالم".

قالت "جمعية إدارة الاستثمارات البديلة"، التي تمثل مصالح صناديق التحوط، إنها تأسف على صدور وتطبيق القرارات الأخيرة التي تحظر المراهنة على ما لا يُملك من الأسهم دون سابق إنذار أو مشاورة مع الأطراف المعنية.

وقالت الجمعية إنها ليست وحدها هي التي تتشكك في جدوى قرارات الحظر الأخيرة على المراهنة على ما لا يُملَك من أسهم الشركات المالية، التي اتخذتها الأجهزة الرقابية، وهي هيئة الخدمات المالية في بريطانيا وهيئة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة، وقدرتها على تحقيق النتائج المرجوة مع الزمن.

وقالت: "هذه الإجراءات تحمل في طياتها خلق عدد من العواقب غير الحميدة، بما في ذلك زيادة في تكلفة رأس المال على البنوك، في وقت تحتاج فيه البنوك إلى رأس المال أكثر من أي وقت مضى، ويمكن أن تؤدي إلى اختلال وعدم سلامة الأسعار في منتجات المؤشرات، ما من شأنه أن تكون له آثار سلبية في منتجات التجزئة التقليدية".

قال ريتشارد بيكر، الرئيس وكبير التنفيذيين في جمعية الصناديق المدارة، إن الأزمة الحالية في الأسواق الرأسمالية هي نتيجة للإخفاق في إدارة المخاطر، ونتيجة الإعلان من قبل المؤسسات الاستثمارية والبنوك عن أنها تعاني أوضاعا عصيبة تدفع بها إلى الانهيار، وليس نتيجة لتصرفات مديري صناديق التحوط.

وقال: "إن قرارات هيئة الأوراق المالية والبورصات وهيئة الخدمات المالية فيما يتعلق بحظر المراهنة على ما لا يملك من الأسهم يمكن أن تؤدي إلى الأضرار بالأسواق التي تعمل بالفعل بصورة سليمة (مثل أسواق الأسهم والخيارات)، وتدفع بها إلى أحضان الفوضى والاضطراب".

وأضاف أن المراهنة على بيع ما لا يملك من الأسهم هي استراتيجية استثمارية سليمة تستجيب لأساسيات السوق وتسهم في الترتيب السليم لتحديد أسعار الأسهم.

هذه القواعد التي وضعت على عجل لن تعالج التحديات التي تضرب عميقاً في جميع أنحاء القطاع المالي للاقتصاد، ولكن من الممكن أن تحدث أضراراً بعيدة المدى على الأسواق من خلال تقليص كميات السيولة، وربما أنها حتى تعقد وتزيد من عدم الاستقرار في الأسواق