الاقتصادية - تبخرت أمس النشوة التي انتشرت بين المستثمرين يوم الجمعة الماضي في الوقت الذي هبطت فيه معظم البورصات وتراجعت السندات وسط مشاعر اللبس حول خطة وزارة المالية الأمريكية لشراء ما قيمته 700 مليار دولار من الموجودات السامة.

بعد تحقيق أرباح قياسية في يوم واحد في بعض البورصات يوم الجمعة، تحول المزاج العام بين المستثمرين بصورة ملموسة إلى مشاعر الحذر، في أعقاب اندفاع نشوة الثقة بعد الإعلان عن قرار وزارة المالية الأمريكية.

ظهرت علامات اللبس، خصوصاً حول كيفية تسعير الموجودات السامة، في أسواق المال، حيث سجلت أسعار الفوائد على القروض بين البنوك في أوروبا أرقاماً قياسية مرتفعة لم تشهدها الأسواق منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2000، في حين أن الفروق في أسعار الفائدة لليلة واحدة والقروض لأجل ثلاثة أشهر ظلت عالية.

قال إدموند شينج، وهو محلل استراتيجي للأسهم الأوروبية لدى بنك بي إن بي باريبا: "في أعقاب النشوة التي سادت الأسواق في الأسبوع الماضي، مالت السوق نحو الهدوء والاتزان. وهناك عدد كبير من المتداولين جالسون في حالة ترقب، منتظرين ظهور المزيد من التفاصيل حول خطة وزارة المالية."

كان حجم التداول في أسهم مؤشر فاينانشال تايمز 100 في بريطانيا ربع حجم التداول يوم الجمعة، حيث تم تسجيل 1.3 مليار عملية، في مقابل أربعة مليارات عملية.

أقفل مؤشر فاينانشال تايمز 100 عند 5311.3 نقطة، أي بهبوط مقداره 1.4 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 هبط بمقدار 2.06 في المائة، ولكن في آسيا كان المزاج العام أكثر إيجابية، حيث ارتفعت الأسهم الصينية بنسبة تقارب 8 في المائة، وارتفع مؤشر "نيكاي 225" في طوكيو بمقدار 1.4 في المائة.

بحلول منتصف اليوم في نيويورك هبط مؤشر ستاندارد آند بورز بمقدار 2.3 في المائة، بعد تحقيق مكاسب قوية يومي الخميس والجمعة.

استمرت أسعار السندات الحكومية في الهبوط وتسجيل المزيد من الخسائر فوق الخسائر التي تكبدتها في الأسبوع الماضي، في الوقت الذي شعر فيه المستثمرون بالتوتر الشديد من أن خطة الإنقاذ التي أقرتها الحكومة الأمريكية يمكن أن تتطلب إصدار المزيد من السندات. وعمل هذا على تعزيز العوائد على السندات طويلة الأجل.

ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات ليصل إلى 3.89 في المائة بحلول منتصف جلسة التداول، أي بارتفاع مقداره ثماني نقاط أساس أثناء اليوم، في حين أن العائد على سندات الحكومة الألمانية لأجل عشر سنوات بلغ 4.25 في المائة، أي بزيادة قدرها نقطتا أساس، في نهاية جلسة التداول في لندن.

لكن الفروق على عقود التأمين المتقابلة على القروض تقلصت إلى حد ما، ما يشير إلى بعض التفاؤل الحذر حول خطط وزارة المالية الأمريكية. في أوروبا تقلص المؤشر القياسي آي تراكس، الذي يرصد أداء 125 من الأسماء الممتازة في عالم السندات، ليصل إلى 105 نقاط أساس، بعد أن كان 109 نقاط أساس. وشوهدت علامات إيجابية أخرى في أسعار الفائدة على القروض لليلة واحدة.

تراجعت أسعار الفائدة ليبور (فائدة الإقراض بين البنوك في لندن) على قروض الدولار والاسترليني واليورو تراجعاً يسيراً، رغم أنها تظل مرتفعة تماماً بالقياس إلى المستويات التي كانت سائدة قبل اندلاع الأزمة الائتمانية، في أعقاب قيام البنوك المركزية بحقن كميات من السيولة على الأجل القصير في النظام المالي.

لكن تظل هناك ضغوط على أسعار الفائدة على القروض بين البنوك لأجل شهر وأجل ثلاثة أشهر، حيث ارتفعت الفائدة على القروض لأجل ثلاثة أشهر بمقدار نقطتي أساس لتصل إلى 5.025 في المائة، وهو أعلى مستوى لها منذ ثماني سنوات.

قال لورنس ميتكين، رئيس قسم استراتيجية أسعار الفائدة الأوروبية: "سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تهبط أسعار فائدة ليبور العالية إلى الأدنى، في الوقت الذي يريد فيه الناس رؤية ما تقوم به وزارة المالية من خطوات فعلية.

"نحن الآن إلى حد كبير في حالة من الانتظار والترقب، ولكنني أرى أن قرار وزارة الخزانة سيتبين فيما بعد أنه قرار إيجابي ومفيد للسوق على المدى الطويل".

كذلك كانت مشاعر اللبس واضحة في أسواق أصيبت بالتجمد، وهي أسواق إعادة شراء السندات، التي تتداول فيها البنوك بالضمان في سبيل الحصول على السيولة.

الفروق بين العروض على شراء القروض توسعت إلى أرقام كبيرة، على اعتبار أن البنوك لا تزال عازفة عن التخلي عما في أيديها من أموال نقدية، حتى مقابل أفضل أنواع الضمان، مثل سندات الخزانة البريطانية.

في أسواق العملات هبط الدولار وسط مخاوف حول الأثر المالي الذي يمكن أن تتكبده الحكومة الأمريكية من جراء قرار الإنقاذ وأثره في المالية العامة للدولة.

هبط الدولار بمقدار 0.7 في المائة أمام الين ليصل إلى 106.72 ين، وهبط بمقدار 1.3 في المائة أمام اليورو ليصل إلى 1.4657 دولار، وهبط بمقدار 1.4 في المائة أمام الفرنك السويسري ليصل إلى 1.0879 فرنك.

كذلك تراجع الدولار بنسبة 1.3 في المائة أمام الدولار الأسترالي، وتراجع بنسبة 0.7 في المائة أمام الاسترليني ليصل إلى 1.8430 دولار للجنيه.

تقدمت العملات في الأسواق الناشئة على أمل أن تعمل خطة الحكومة الأمريكية على تعزيز التدفقات الاستثمارية إلى البلدان النامية.

وساعد تراجع الدولار على دفع أسعار السلع إلى الأعلى، وفي مقدمتها النفط والذهب.

في بورصة نايمكس في نيويورك ارتفع سعر العقود الآجلة على خام غرب تكساس المتوسط تسليم تشرين الأول (أكتوبر) خلال يوم واحد إلى مستوى عال يزيد على 110 دولارات للبرميل، أي بزيادة مقدارها ستة دولارات خلال اليوم. وقد استرد النفط الآن 20 دولاراً تقريباً للبرميل من المعدل المتدني الذي سجله الأسبوع الماضي بمقدار 90.51 دولار للبرميل.

كذلك تجمع المستثمرون لشراء المعادن الثمينة. في لندن ارتفع الذهب إلى رقم عال مقداره 900.20 دولار للأونصة في فترة معينة أثناء التداول، أي بزيادة قدرها نحو 25 دولاراً عن سعر الإقفال يوم الجمعة في نيويورك.

كذلك اندفعت أسعار بعض المعادن الثمينة الأخرى. قفز البلاديوم بمقدار 7 في المائة ليصل إلى 253 دولاراً للأونصة، وقفز البلاتين بمقدار 6 في المائة ليصل إلى 1216 دولاراً للأونصة، وقفزت الفضة بمقدار 6 في المائة لتصل إلى 13.25 دولار للأونصة.

كذلك شهدت أسعار المعادن الخسيسة والسلع الزراعية ارتفاعاً حاداً أثناء اليوم.