الاقتصادية - يوم أمس تصدت الحكومات في جميع أنحاء العالم لمشاعر الهلع في الأسواق، حيث عملت على تثبيت الاستقرار في أسواق الأسهم وتخفيف التشدد في أسواق القروض لليلة واحدة، وذلك حين وعدت بضخ مبالغ إضافية من السيولة مقدارها 180 مليار دولار إلى النظام المالي.

نسقت البنوك المركزية إجراءاتها في أعقاب الهلع الذي انفلت من عقاله يوم الأربعاء، حين تجمدت من الناحية العملية أسواق الإقراض بين البنوك في أوروبا والولايات المتحدة، ودفع المستثمرون الذين هربوا باتجاه الملاذ الآمن، دفعوا العوائد على سندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأجل إلى أدنى مستوى لها منذ الحرب العالمية الثانية.

وأشعلت عمليات حقن السيولة تحسناً كبيراً في سوق القروض بين البنوك لليلة واحدة، حيث تم تثبيت سعر فائدة ليبور على قروض الدولار عند 3.84 في المائة، بعد أن كان 5.03 في المائة في اليوم السابق.

ولكن هذا الإجراء لم يفعل شيئاً يذكر لمساعدة مشكلات التمويل على المدى الطويل بالنسبة للبنوك، في وجه حالات النقص المتصاعدة من كميات الدولار، وارتفع سعر فائدة ليبور للقروض على الدولار بين البنوك لأجل ثلاثة أشهر إلى أعلى مستوى له منذ كانون الثاني (يناير).

كان المشاركون في السوق منقسمين على أنفسهم من حيث مدى كفاءة عمليات حقن السيولة التي قامت بها البنوك المركزية وقدرتها على تعزيز الثقة بالأسواق المالية.

قال ستيفن لويس، من مؤسسة مونيومنت سيكيورتِز: "إن عمليات العقود المتقابلة على أسعار الفائدة لا تشكل بأي حال من الأحوال العصا السحرية التي تنهي جميع المشاكل في الأسواق. إن قرار البنوك المركزية يعالج أعراض المرض، وليس المرض نفسه. إنه مجرد مسَكِّن".

بدأ التداول على الأسهم بداية قاسية لا ترحم، حيث هوت الأسهم عبر جميع بلدان آسيا. ولكن الخسائر توقفت عن الاندفاع بعد الإعلان عن قرار البنوك المركزية. وقد هبط مؤشر هانج سينج في هونج كونج بمقدار 7.7 في المائة قبل الإعلان عن القرار، ثم عوض خسائره بعد الإعلان ليقفل دون تغير.

ولكن أسهم البنوك كانت لها نتائج متباينة في أوروبا و"وول ستريت" بعد أسبوع من حالات الهبوط والهزات. في لندن قفزت أسهم بنك إتش بي أو إس HBOS بمقدار 25.5 في المائة بعد أن قال بنك لويدز تي إس بي Lloyds TSB إنه سيستحوذ على هذا البنك، الذي يعد أكبر بنك للقروض السكنية في بريطانيا. وتمكن مؤشر فاينانشال تايمز

يوروفيرست 300 من البقاء في وضع مقبول أثناء معظم جلسة التداول ولكنه أقفل بهبوط مقداره 0.6 في المائة عند 1063 نقطة، وهو أدنى هبوط يومي له خلال الأسبوع.

في "وول ستريت" تحول الانتباه نحو مصير آخر بنكين مستقلين من بنوك الوساطة المالية، وهما بنك جولدمان ساكس وبنك مورجان ستانلي، في أعقاب انهيار بنك ليمان براذرز والاستحواذ على بنك ميريل لينش خلال عطلة نهاية الأسبوع.

بحلول منتصف الخميس في نيويورك هبطت أسهم بنك مورجان ستانلي بمقدار 26 في المائة في الوقت الذي استمرت فيه مشاعر اللبس حول ما إذا كان هذا البنك سيعثر على مشتر له كذلك. وسجل كل من مؤشر داو جونز للشركات الصناعية ومؤشر ستاندارد آند بورز 500 هبوطاً يسيراً أثناء اليوم.

قال كريس واتلنج، وهو كبير التنفيذيين لدى مؤسسة لونج فيو إيكونومكس، إنه يتوقع لأسواق الأسهم أن تشهد اندفاعاً. وقد عكست "لونج فيو" توصيتها للمستثمرين بخصوص الأسهم من تقليل مقدارها في المحفظة الاستثمارية إلى رفع مقدارها، وبادلت نقداً بالأسهم الزائدة وحولت السندات إلى وزن نسبي أدنى.

ظلت المشاعر في الأسواق الناشئة تتسم بالاضطراب وعدم الاستقرار. تم تعليق التداول في الأسهم الروسية لليوم الثالث على التوالي، وهبطت الأسهم التركية إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات. ووعدت الحكومتان الصينية والروسية باتخاذ إجراءات جديدة لدعم أسواقهما المعتلة، وتعهدت روسيا بإنفاق 19.6 مليار دولار على شكل مساعدات طارئة من الدولة.

قال كريس جرين، وهو اقتصادي أول لدى البنك الروسي في تي بي بانك يوروب، إنه يظن أن هذه الإجراءات ستساعد بالتأكيد على تثبيت استقرار الأمور وتتمتع بإمكانية إعادة الثقة بالأسواق الروسية.

في أسواق الائتمان كان المزاج العام يميل إلى الهدوء. هبط مؤشر آي تراكس أوروبا لعقود التأمين المتقابلة على السندات بمقدار 3.9 في المائة ليصل إلى 136.5 نقطة أساس، في حين أن المؤشر الأمريكي المقابل للمؤشر الأوروبي هبط بمقدار 5.1 نقطة أساس ليصل إلى 195 نقطة أساس، أي دون المستويات العالية التي سجلها أثناء فترة انهيار بنك بير شتيرنز في آذار (مارس).

قال ميهيرنوش إنجنير، وهو محلل استراتيجي للائتمان لدى بنك بي إن بي باريبا، إن التداول كان خفيفاً في الوقت الذي انتظرت فيه السوق لترى ما الذي يمكن أن يحدث لبنك مورجان ستانلي وبنك جولدمان ساكس.

"نتوقع التقلب الكبير يوم الجمعة في الوقت الذي يتساءل فيه الجميع عما إذا كان الأمر سيأتي على شكل إنقاذ، أو إفلاس، أو اندماج. ولكن عمليات الاندماج تبدو هي الأرجح، وبعد أن يحدث ذلك، فإننا نتوقع حدوث اندفاع".

ظلت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية قريبة من الصفر على الرغم من الصعود المفاجئ في مؤشر نشاط الأعمال من البنك المركزي لفيلادلفيا.

في أسواق السلع كانت أسعار النفط متقلبة، واندفعت إلى ما فوق مستوى 100 دولار للبرميل في الوقت الذي بدا فيه على مشاعر العزوف عن المخاطر أنها تتعرض للتراخي قليلاً، ثم هبط السعر إلى 96.31 دولار للبرميل. ارتفع الذهب نسبة أخرى مقدارها 1.2 في المائة ليصل إلى 873.35 دولار للأونصة، بعد أن سجل يوم الأربعاء أكبر مكسب له في يوم واحد منذ عام 1980.

تأثر الدولار والين سلباً بقرار البنوك المركزية حقن السيولة في الأسواق. وقال محللون إن العملتين تمتعتا بمكانة الملاذ الآمن خلال الأسابيع القليلة الماضية، وهبطت قيمتهما في الوقت الذي ساعدت فيه عمليات السيولة على تهدئة الأعصاب المحترقة.