يقول خبراء وأصحاب متاجر إن تدهور الأوضاع المتزايد في بورصة وول ستريت أثر على المجتمع التجاري في نيويورك فألحق أضرارا بالجميع من متاجر السلع الفاخرة إلى المؤسسات الخيرية ومطاعم مانهاتن.

وفي ظل تأثر نيويورك بالفعل بضعف الاقتصاد الأمريكي من انهيار بنك ليمان براذرز إلى بيع منافسه "ميريل لينش" ونضال شركة أمريكان إنترناشونال جروب للتأمين ومقارها جميعا في مانهاتن زاد كل هذا من المخاوف حيث تقوم "وول ستريت" بتسريح مصرفيين من أصحاب الأجور المرتفعة فيما أخذ الأثرياء يرشدون أنفاقهم.

ويقول ماثيو ميلر محرر قائمة أثرى أثرياء أمريكا في مجلة فوربز "هؤلاء الناس سيضطرون إلى بدء خفض بعض من نفقاتهم المسرفة...المار تيني الذي يدفعون مقابله 20 دولارا قد يتحول إلى مارتيني من النوعية البالغ ثمنها 15 دولارا أنها مسألة نسبية".

وأضاف "الكثير من أصحاب الملايين على الأرجح قد لا يستطيعون شراء حقائب برادا لحبيباتهم في عيد الميلاد هذا العام".

ويقول أصحاب مطاعم وتجار تجزئة في المدينة إن أكبر هزة تشهدها صناعة المال منذ الكساد الكبير ستفاقم من وضع صعب بالفعل.

ويمثل إجمالي الرواتب التي تدفعها "وول ستريت" نحو 35 في المائة من مجمل الرواتب والأجور التي تدفع في نيويورك.

ويقول خبراء اقتصاد إن كل وظيفة في القطاع المالي تخلق من وظيفة إلى أربع وظائف خدمية في شركات تتراوح من المتاجر إلى المكاتب القانونية.

ويقول تشاك هانت نائب الرئيس التنفيذي لرابطة مطاعم ولاية نيويورك "هناك تراجع مؤكد في الاقتصاد وشراء (الطعام) من مطعم تقدير فردي. الناس غير مضطرين لتناول الطعام في المطاعم".

وأضاف "الشيء الوحيد الذي كان ناجحا بالنسبة لنا فيما يتعلق بالزبائن هو الأوروبيون الذين يأتون ويدفعون باليورو الأعلى قيمة بكثير من الدولار في هذه المرحلة".

وتقول ساري براون الرئيسة التنفيذية لمتاجر "لكس كوتور" التي تبيع سلعا بالتجزئة على الإنترنت تصل أسعارها إلى خمسة آلاف دولار للقطعة إن الناس الذين يحاولون اتباع أحدث موضات الأزياء يتسوقون الآن بمزيد من المسؤولية.

وأضافت وهي على بعد بضعة أمتار من مبنى بنك ليمان بوسط البلدة "الناس يريدون التسوق لكن حتى الأثرياء يشترون بطريقة مختلفة.. التسوق مثل المرض وهم يريدون الاستمرار في ممارسته وبالتالي يتسوقون بأسلوب مختلف". وقد يضطر أصحاب الملايين في نيويورك إلى اختيار وسائل نقل أكثر تواضعا.

وقال ريكي سيتومر الرئيس التنفيذي لشركة بلو ستار جيتس التي تنظم رحلات فاخرة بطائرات خاصة إن زبائنه بدءوا يغيرون أساليب إنفاقهم.

وأضاف "الأثرياء ما زالوا أثرياء. إنهم أكثر حرصا فيما يتعلق بأموالهم ويتخذون قرارات أكثر حكمة.. وفي غياب المعرفة بما يخبئه المستقبل خاصة مع وضع "وول ستريت" الحالي يبحث الناس عن بدائل أرخص تكلفة من السفر في طائرات خاصة".

ويشير ميلتون بيدرازا رئيس معهد الرفاهية وهو منظمة تجري أبحاثا على المستهلكين من ذوي صافي الدخول المرتفعة أن الأثرياء يبحثون عن بدائل للحفاظ على أنماط حياتهم مثل استئجار الأصول بدلا من امتلاكها.

وتابع بيردازا قائلا "الناس في وول ستريت قلقون للغاية وخائفون لأنهم لم يشهدوا هذا من قبل. ليست المسألة أن الناس سيتوقفون عن الاستهلاك بل أن الناس لم يعودوا بحاجة إلى امتلاك الأصول.. أنهم أكثر انجذابا للتجربة بدلا من الأصول والسلع".

وصرح مايكل بلومبرج رئيس البلدية أن نهوض المدينة مجددا سيستغرق وقتا. وتابع قائلا "هناك شركات أخرى تواجه أسئلة جادة بشأن مستقبلها والشكوك في الأسواق تعني بكل الاحتمالات أننا لم نصل إلى الحضيض بعد". وعانت المؤسسات الخيرية نتيجة لمشاكل "وول ستريت".

ويقول جيف تاورز من الصليب الأحمر الأمريكي "هذا أسوأ مناخ لجمع التبرعات عملت فيه خلال مشواري العملي الذي يتجاوز 25 عاما في المنظمات التي لا تهدف للربح".

وأضاف أن آثار الإعصارين جوستاف وأيك وحدها قد تصل إلى 100 مليون دولار وحتى الآن لم تجمع المنظمة إلا عشرة ملايين دولار فقط.

وقال مارك شاملي من رابطة خبراء مساهمات الشركات في العمل الاجتماعي إنه في عام 2004 تبرعت شركات أمريكية لمؤسسات خيرية بما وصل إلى 1.5 في المائة من متوسط أرباحها قبل اقتطاع الضرائب لكن هذه النسبة تراجعت إلى 0.7 في المائة.

وأضاف "مؤشراتنا تخبرنا أن من المتوقع أن تظل مساهمات الشركات في مجملها على مستواها أو تنخفض انخفاضا طفيفا في الدورة المالية المقبلة.. غير أنه في ظل الأخبار الأخيرة المتعلقة في "ميريل لينش" وليمان الاحتمال الأكبر أن تنخفض"