(الاقتصادية) اندفعت أمس أسواق الأسهم العالمية وغرقت السندات الحكومية في الوقت الذي استجاب فيه المستثمرون لقرار الحكومة الأمريكية العجيب بالسيطرة على وكالتي القروض السكنية المعتلتين فاني ماي وفريدي ماك.

ارتفعت سندات الوكالتين ارتفاعاً كبيراً، وضاقت الفروق بحدة بين أسعار الفائدة على السندات الحكومية وسندات الشركات، وانتفع الدولار كذلك، على نحو مفاجئ لبعض المراقبين، من قرار إنقاذ الوكالتين اللتين كانتا في الأصل تحت رعاية الحكومة.

قال ماركو أنونزياتا، كبير الاقتصاديين لدى بنك يوني كريدي، إن قرار الحكومة الأمريكية كان قراراً "إيجابياً على نحو لا لبس فيه. وإن تدخل وزارة المالية سيدعم سوق الإسكان وكذلك النظام المالي، حيث يحتفظ عدد كبير من المستثمرين في جميع أنحاء العالم، بما فيهم البنوك المركزية، بسندات فاني وفريدي وبأوراق مالية صادرة عنهما ومدعومة بالموجودات".

قال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين لدى موقع Economy.com التابع لوكالة موديز، إن سوق الإسكان ستتلقى دَفعة مهمة من خلال أسعار الفائدة المتدنية على القروض السكنية وإتاحة قدر أكبر من القروض السكنية للراغبين في شراء المساكن.

وقال: "في حين أن هذا القرار، الذي يعتبر من الناحية العملية تأميماً لسوق الإسكان الأمريكية، لن يعرقل اتجاه أسعار المساكن نحو الهبوط أكثر من ذي قبل، إلا أنه يزيد من احتمالات أن هذا الهبوط لن يتجاوز 5 إلى 10 في المائة عن المستويات الحالية".

ولكن معظم المحللين يظلون حذرين حول الآفاق العامة للسوق. وقال لاري هاثوي، وهو اقتصادي لدى بنك يو بي إس: "إن التحديات التي تواجه النظام المالي الأمريكي والنظام الاقتصادي العالمي هي عصية على الحلول السهلة أو السريعة. إن خطة إنقاذ الوكالتين المدعومتين من الحكومة هي شرط ضروري ولكنه غير كاف لاستعادة ثقة المستثمرين".

وأضاف: "بعد الانتعاش المبدئي، يغلب على ظننا أن التعافي في الأسواق سيتلاشى نوعاً ما في الوقت الذي يجهد فيه المستثمرون للتعامل مع آثار تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي".

والواقع أنه كانت هناك علامات بالأمس على أن النشوة المبدئية في أسواق الأسهم كانت تشهد حالة من التراجع.

بحلول منتصف اليوم في نيويورك ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 1.2 في المائة بعد أن سجل في وقت سابق ارتفاعاً يبلغ 2.5 في المائة تقريباً. وارتفع مؤشر الشركات المالية في ستاندارد آند بورز بمقدار 2.1 في المائة، حتى في الوقت الذي هبطت فيه أسهم فاني ماي وفريدي ماك.

ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بمقدار 3.3 في المائة، في حين أن مؤشر نيكاي 225 في طوكيو قفز بمقدار 3.4 في المائة، وهو أكبر ارتفاع له خلال يوم واحد منذ خمسة أشهر، وذلك بسبب القفزة الكبيرة في المؤشر الجزئي لأسهم البنوك، الذي ارتفع بمقدار 12 في المائة. كما ارتفعت معظم الأسهم الآسيوية الأخرى ما بين 4 إلى 6 في المائة.

حذر رتشارد بيرنشتاين، كبير المحللين الاستراتيجيين للاستثمارات الأمريكية لدى بنك ميريل لينتش Merrill Lynch، من أنه لا يزال من السابق لأوانه بالنسبة للمستثمرين أن يعطوا وزناً كبيراً لأسهم الشركات المالية.

وقال: "نكرر ما قلناه سابقاً من أن العامل المساعد للأداء القوي المستدام للشركات المالية يرجح له أن يأتي حين تشكل الحكومة جهازاً مصمماً لتيسير اندماج وتوحيد القطاع المالي".

وقال: "كما هي الحال مع بنك بير شتيرنز Bear Stearns فإن الوكالات المدعومة من الحكومة تعامَل كما لو أنها مشكلات مفردة وحالات خاصة".

ضاقت الفروق بين أسعار الفائدة الحكومية وسندات الشركات، حيث هبط مؤشر آي تراكس أوروبا iTraxx Europe للسندات الممتازة بمقدار عشر نقاط أساس ليصل إلى 97 نقطة أساس، في حين أن مؤشر سي دي إكس نورث أمريكا CDX North America هبط بمقدار تسع نقاط أساس ليصل إلى 134 نقطة أساس.

تراجعت السندات الحكومية من أولها إلى آخرها، رغم أنه تم التعويض مرة أخرى عن الخسائر الحادة التي سجلتها في وقت مبكر مع تقدم جلسة التداول.