لقى تثبيت معدل الفائدة الأوربية عند 4.25 في المئة والبريطانية على مستوياتها السابقة بظلاله على الأسواق العالمية، بعد أن خَفَض البنك المركزي الأوروبي توقعاته للنمو في منطقة اليورو مذكيا تكهنات لخفض أسعار الفائدة في المنطقة، ووسع اليورو خسائره بعد تأكيدات لرئيس مجلس وزراء مالية منطقة اليورو جان كلود يانكر أن العملة الأوروبية الموحدة ما زالت مُقَومة فعليا بأعلى من قيمتها الواقعية رغم هبوطها مؤخراً،

ومع تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه أن حالة عدم اليقين الاقتصادية في منطقة اليورو "مرتفعة بشكل غير عادي"، لكنه حذر من ان التضخم مازال مرتفعا وان المخاطر في اتجاه صعودي، ليواصل اليورو مسيرته النزولية قرب مستوى 1.4327 دولار للمرة الأولى منذ مطلع يناير الماضي بينما وضع المستثمرون ثقتهم في العملة الأميركية على خلفية تراجع الاقتصاد العالمي.

العملات تعكس اتجاهها والنفط يتراجع
ويقول فهد آل ملحم المتخصص في سوق العملات لـ"إيــلاف" إن الضعف الذي بدا متوشحاً الإسترليني واليورو، جاء بفضل مخاوف تراجع الاقتصاد الأوروبي ودخول الاقتصاد البريطاني مرحلة الانكماش، بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط، وحسب قرأته فنياً فإن ارتفاع الدولار سيستمر في مسيرته الصعودية، حتى وان دخل مراحل تصحيحية طبيعية إلا أن ما يدعمه وصوله إلى قيعان دنيا جديدة للأسعار

نطلاق دورة رفع الفائدة الأميركية، التي يقابلها بدء دورة خفض الفائدة الأوروبية وهو ما يمهد لمرحلة انكماش قد تنتاب الاقتصاد الأوروبي والبريطاني.

ومن جانبه يرى خبير الأسواق الدولية أيمن سيف في حديثه لـ"إيــلاف" أن بيانات الفائدة البريطانية والأوروبية ترسم مستقبل الاتجاه العام للنزول لبورصة السلع الأساسية وأهمها النفط التي تتجه أسعارها إلى التهدئة، خاصة أن الولايات المتحدة لم تحصر حتى الآن آثار الخسائر الناتجة عن العاصفة المدارية جوستاف، مع اخذ الاحتياط بتوفير النقص الحاصل في السوق من المشتقات من المخزون الاستراتيجي.

وأضاف أن الدولار بدأ يأخذ مسار الصعود، إذ يقع مؤشر الدولار في مستويات أعلى من 0.78 في المئة وهي أعلى قيمة له منذ 6 أشهر، وأن اليورو عاد إلى مستوياته منذ سنه إلى 1.43 دولار نزولا من 1.6 دولار، فيما جاءت أسعار الإسترليني عند 1.76 دولار وهي أدنى قيم له منذ عام 2006 ، وعاد الذهب إلى مستويات السعرية عند قيم نهاية 2007.

ضعف أداء الاقتصاد البريطاني
وفي مسعى لإنعاش الإسترليني المتراجع خفض رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في وقت سابق ضريبة على شراء المساكن لم تكن تحظى بقبول شعبي كجزء من خطة لدعم سوق المساكن الآخذ في التراجع في البلاد. وقالت حكومة براون إنها ستعفي المساكن التي تقل قيمتها عن 175 ألف جنيه إسترليني (316 ألف دولار) من الضرائب لمدة عام. وكان الحد الأدنى للإعفاء 125 ألف جنيه إسترليني. ويصاحب هذه الخطوة برنامجا يتكلف مليار دولار لمساعدة من يشترون منزل لأول مرة ومن يواجهون صعوبة في سداد أقساط الرهن العقاري.


وتراجع أداء الاقتصاد البريطاني خلال الفترة الماضية كثيراً مع تنامي مشكلة العقار والإسكان وهو ما يراه أستاذ الاقتصاد في معهد الإدارة العامة عبدالله بن ربيعان في حديثه لـ"إيــلاف" أنه واقع جديد يسيطر على الاقتصاد البريطاني ويمتد إلى الاقتصاد الأوروبي ككل، ورغم الدعم الحكومي الجديد إلا أن الدورات الاقتصادية تضع بريطانيا أمام خيار النمو الضعيف وهو ما يؤثر بالتالي على الاقتصاد الأوروبي، مشيراً إلى أن أي محاولة لتقديم دعم حكومي لقطاع معين في المملكة البريطانية لن ينعشه من جديد بل سيخفض من آثار التراجع في المؤشرات الاقتصادية للبلد، ويمكن رؤيته بشكل أقل وضوحاً في الاقتصاد الأوروبي.

وأضاف أن تأثير هذه التقلبات الاقتصادية لن يمتد إلى دول الخليج بشكل مباشر، إذ سينحصر في جانب الصادرات والواردات والتي انخفضت بسبب ارتفاع سعر العملة الأوروبية الموحدة وتراجع "الخضراء" ما أثر على الميزان التجاري الخليجي الأوروبي، وبالنسبة لبريطانيا فأن الشريك الخليجي الأول لها هو الإمارات.

وقفز الدولار اليوم إلى أعلى مستوياته هذه السنة أمام اليورو الذي هبط في منتصف جلسة التعاملات في نيويورك 0.9 في المئة إلى 1.4362 دولار بعد أن سجل في وقت سابق مستوى أكثر انخفاضا بلغ 1.4327 دولار وهو أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2007، كما هبط اليورو أيضا أمام العملة اليابانية إلى أدنى مستوى له منذ مارس مُسجلا 154.83 ين،

فيما ارتفع سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي واليورو الأوروبي بنسبة 0.4 في المئة عن اليوم السابق إلى 1.7816 دولار، فيما سجل اليورو عند 81.25 بنس.

وهبطت أسعار النفط الأميركي للعقود الآجلة أكثر من دولارين رغم بيانات أظهرت انخفاضا مُفاجئا في مخزونات الخام التجارية في الولايات المتحدة، وتراجع الخام الأميركي الخفيف للعقود تسليم أُكتوبر 2.56 دولار أي بنسبة 2.3 في المئة إلى 106.79 دولار للبرميل، وفي لندن هبط خام القياس الأوروبي مزيج برنت 2.29 دولار أو 2.12 في المئة إلى 105.78 دولار للبرميل.

"البطالة والتجزئة" تهبط بالأسهم الأميركية وانخفاض "الأوروبية" بقيادة البنوك
هوت مؤشرات الأسهم الأميركية بحدة في وول ستريت الخميس عقب صدور بيانات التجزئة و البطالة التي أضافت مزيدا من السوداوية على الأسواق .
وانزلق مؤشر داو جونز ما يزيد على 300 نقطة ، في حين انزلق مؤشر ناسداك المجمع حوالي 28 نقطة ، ويشير محلل الأسواق الأميركية بركات عبيدات في حديثه لـ"إيــلاف" إلى أن المبيعات الضعيفة التي كانت أكثر من المتوقع خلال موسم العودة إلى المدارس أسهمت في إلقاء مزيد من الضغط على مؤشرات الأسهم، مضيفاً أن الأسهم الأمريكية عانت خلال الفترة الماضية من حالة تذبذب كبير عكست حذر المستثمرين حيال صحة اقتصاد بلاهم بشكل عام، كما أدت بيانات عدد من شركات التجزئة في الولايات المتحدة حول ضعف الإقبال على المشتريات والارتفاع الكبير في أسعار مشتقات الغاز والمواد الغذائية إلى حالة التراجع التي تعيشها الأسهم حاليا .

وتوقع عبيدات أن يقوم مجلس الاحتياط الفيدرالي بالإبقاء على معدلات الفائدة عند معدلاتها الحالية دون تغير عند 2 في المئة خلال اجتماعه المزمع عقده في 16 سبتمبر الحالي، وذلك للعلاقة القائمة بين كل من حالة التباطؤ الاقتصادي و ارتفاع الأسعار،
إذ أعلنت وزارة العمل اليوم عن إضافة أعداد جديدة إلى قائمة طلبات المتقدمين للحصول على إعانات من الحكومة عما كانت عليه في الأسبوع الماضي، مؤكداً أن الأسواق لا زالت تتطلع إلى تحول في اتجاه الأسهم والحالة الاقتصادية بشكل عام خلال الشهرين الأخيرين من العام الحالي.

وعلى الجانب الأوروبي تراجعت الأسهم 2.6 في المئة يوم الخميس لتصل إلى أدنى مستوى إقفال لها منذ 17 يوليو بفعل تصاعد المخاوف حيال النمو في كل من منطقة اليورو والولايات المتحدة، وأغلق مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى منخفضا 2.6 في المئة عند 1151.30 نقطة وسط أداء ضعيف لأسهم البنوك، وفي أنحاء أوروبا خسر مؤشر داكس لأسهم الشركات الألمانية الكبرى في بورصة فرانكفورت 2.9 في المئة بينما هبط مؤشر فايننشال تايمز 100 في بورصة لندن 2.5 في المئة، وفقد مؤشر كاك 40 في بورصة باريس 3.2 في المئة.