برلين (رويترز) - عشق اندرو كاري يوما ما الخروج لتناول الغداء والمشروبات في برلين حيث كان يشعر بأنه أكثر ثراء في العاصمة الالمانية مما كان عليه حاله في بلده الولايات المتحدة.
لكن مع انخفاض قيمة الدولار حاليا بنحو 20 في المئة عنها منذ قدم أول مرة الى برلين في عام 2005 بات الصحفي الحر البالغ من العمر 30 عاما يعتمد على نمط حياة أقل بذخا.
وقال كاري الذي يعتمد على دخل يتقاضاه كلية تقريبا بالدولار "اعتدت على التفاخر بأن الحياة في برلين في متناول اليد أما الآن فالايجار الذي أدفعه يتساوى بالفعل مع الايجارات في واشنطن ونيويورك. انه أمر مفزع للغاية."
وأضاف "أبذل قصارى جهدي لمحاولة انفاق مبالغ أقل من اليورو الآن."
ويضر ضعف الدولار وقوانين ضريبية صدرت مؤخرا بالكثيرين من بين نحو 350 ألف امريكي يعيشون في الاتحاد الاوروبي خاصة اولئك الذين يتلقون أجورهم بالدولار.
ويشعر بتلك الاثار الطلاب والمهنيون وأرباب المعاشات في برلين وباريس ولندن حيث هبط الدولار الى أدنى مستوى له في 26 عاما مقابل الجنيه الاسترليني كما يتوقع مسح لرويترز أن يظل فوق مستوى الدولارين مقابل الجنيه خلال الاشهر الستة القادمة.
وأضر تراجع الدولار الى أدنى مستوياته على الاطلاق بدخول متذبذبة بالفعل وأنماط الحياة الخاصة بأولئك الذين يعتمدون على مهن ابداعية ويمتهنون أعمالا حرة.
وقالت الكاتبة الامريكي يونيس ليبتون وهي من نيويورك وتقضي أغلب أوقاتها في باريس بصحبة زوجها الفنان كين ابتيكار "الدولار له تأثير مخيف علينا... نكسب أموالنا بشكل رئيسي في الولايات (المتحدة) ثم نحولها هنا. في الايام القليلة الماضية حولنا 15000 دولار فحققت 10200 يورو وهذا يرهقنا بشدة."
وشاهد الامريكيون الذين يحولون الدولار الى اليورو تراجع المبالغ التي يحصلون عليها بنحو النصف منذ أوائل عام 2000 عندما كانت العملتان متساويتين في القيمة.
ومثل غيرها من الامريكيين في اوروبا تقول ليبتون انها تشعر باثار انخفاض الدولار بشكل أكبر عندما تستضيف أصدقاء أو تخرج لتناول الغداء خارج المنزل وهي أحد أوجه التسلية التي يقبل عليها الكثيرون في باريس.
وقالت "في الماضي كنت أدرك أن سعر الصرف جيد للغاية بالنسبة لنا وكنت أتفاخر بذلك دون الوصول الى حد الوقاحة.. أما الان فالاوضاع مختلفة. الامر لا يساعد على التسلية. امل أن يتحسن الوضع."
ويقول مكتب الاحصاءات الالماني ان نحو 50 الف أمريكي انتقلوا للعيش في المانيا في عام 2006 ويقول أمريكيون يعيشون هناك ان الكثيرين منهم جذبته فنونها وموسيقاها وتاريخها وتكاليف المعيشة المنخفضة نسبيا هنا.
ويحتاج الذين يعتمدون على دخل بالدولار الان الى مراقبة نفقاتهم عن كثب ويجدون أنهم ربما لا يقدرون على العيش بشكل مريح.
وزاد من معاناة الامريكيين قوانين صدرت العام الماضي رفعت قيمة الضرائب التي يدفعها البعض.
وقالت مونيك لويجر وهي مستشارة ضريبية تقيم في برلين لها عملاء أمريكيون انه بينما تؤثر القوانين الضريبية الجديدة بشكل رئيسي على ذوي الدخول المرتفعة الا أن ضعف الدولار يضر بمن يعملون في الولايات المتحدة ويختارون العيش بعد التقاعد في اوروبا.
وتضيف "اسعار الصرف تضر حقا بأرباب معاشات التقاعد الذين يحاولون العيش في اوروبا على دخل يتلقونه بالدولار. لا يمر اسبوع دون أن يسألني أحد عما يمكنه أن يفعل بخصوص اسعار الصرف. لكن بالطبع ليس بوسعي شيء أفعله."
وتقول جماعات الوافدين ان ضعف الدولار الى جانب القوانين الضريبية الجديدة ستجعل أوروبا وجهة أقل جذبا للامريكيين الراغبين في العمل بالخارج.
وقال كاري "اذا ازداد الامر سوءا ... سأضطر للمغادرة أو التركيز على الحصول على (دخل) أوروبي."
لكن بعض الامريكيين يعتزمون البقاء حتى اذا أدى ذلك الى الاعتماد على وجبات منزلية أو عدم شراء ملابس جديدة.
وقالت ليبتون في باريس "أحب العيش في أوروبا. عشت في بلدة صغيرة بالولايات المتحدة .. لذلك فأي مبرر للبقاء في اوروبا سيظل جيدا .. حتى اذا كان سيؤدي الى أضرار مادية.
"لن يظل الامر على ما هو عليه. لم يلق (الرئيس الامريكي جورج) بوش بالا على الاطلاق لقيمة الدولار لان اهتماماته محلية. اهتمامات الامريكيين محلية عموما وأغلبهم لا يدرك حتى قيمة الدولار في الخارج."