بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


فوربس: يبدو أن البحَّار «باباي» كان محقاً في عشقه لها

«السبانخ» تضع حداً لهاجس البحث عن طاقة بديلة


في سبعينيات القرن الماضي طرح وزير خارجية أمريكا هنري كيسنجر سؤالاً على رئيس وزراء الصين شو ان لاي آنذاك طلب فيه معرفة رأيه بالعواقب الرئيسية للثورة الفرنسية.

تطلع اليه شو ان لاي بتركيز وقال: من السابق لأوانه بعد معرفة ذلك، طبقاً لما ذكرته مجلة «فوربس».

ولاشك أن هذا التعليق كشف مدى صعوبة تحديد اللحظات التاريخية الأكثر أهمية في العالم، فليس بمقدور أي واحد منا رؤية الاتجاه الذي سيأخذه العالم في المستقبل، كما ان الأحداث التي تبدو لنا اليوم مهمة وبارزة، ربما تصبح فيما بعد مجرد أشياء بسيطة على درب التاريخ.

لكن ثمة انجازات مميزة تبقى حتى مع مرور الوقت ذات تأثير كبير على حياتنا.

بالطبع، ليس بمقدور كل انسان تغيير العالم نحو الأفضل، لكن هنالك أشخاصا بمقدروهم اذا ما امتلكوا سلطة كبرى توجيه العالم نحو أهداف مفيدة للكائن البشري.

على أي حال، عندما يتعلق الأمر بالانجازات التي تعتبر فعلاً أسلوب حياتنا اليومية يبدو العلماء والمفكرون أكثر تأثيراً من رجال السياسة.


قائمة فوربس

والحقيقة أن مُبدعي التكنولوجيا - الأفكار في شكلها المادي - يهيمنون على قائمة مجلة «فوربس» للشخصيات الأكثر تأثيراً في حياتنا، من هؤلاء بالطبع بول لوتربير وبيتر مانسفيلد، اللذان اخترعا التصوير بالرنين المغناطيسي الذي غيرّ الكثير جداً من الأشياء في عالم الجراحة، حيث سمح للأطباء برؤية ما في داخل الجسم دون حاجة لاستخدام المبضع لفتحه أولاً.

ويبدو أن معظم الانجازات تأثيرا لا تتطلب احياناً معرفة استثنائية بالعلم، ولا يعرف الناس قيمتها الا مع مرور السنوات، فتزويد العربة الشاحنة بصندوق كبير بقياسات نموذجية وقابل للنقل «حاوية» لم يتطلب سوى فكرة ذكية مفاجئة رائعة ولدت من رحم الخيال، ومع ذلك لا يمكن تخيل الاقتصاد العالمي اليوم دونها.


طاقة الطبيعة

بيد أن باري بروس الذي هو واحد من عدد قليل من الباحثين لا يتعدى أصباع اليد الواحدة، يقترح طريقة مختلفة بالكامل.

فهو يتساءل: للطبيعة طريقة فعالة بشكل لا يصدق في انتاج الطاقة من الشمس هي التركيب الضوئي، فلماذا لا نجلعها تعمل لفائدتنا؟

يقول بروس، البروفيسور المساعد في مركز جامعة تينيسي لأبحاث التكنولوجيا الحيوية البيئية: اننا ننسى النبات الذي هو طاقة أساساً في الحقل أو في المختبر، وليس عليك أن تفعل له شيئاً عملياً سوى أن تسمح له بأن يقوم بعملية التركيب الضوئي التي يقوم بها منذ مليارات السنوات.

الا ان بروس وزملاءه يأخذون أجزاء دقيقة جداً من نباتات التركيب الضوئي أو البكتريا ويشكلونها في ما يدعى «عناقيد دقيقة» على مجموعات صغيرة من البلاتين لتبدأ هذه الأنظمة الضوئية بانتاج الكترونات ذات طاقة عالية يمكن سيفنتها لانتاج طاقة كهربائية أو استخدامها في تحضير ذرات هيدروجين يمكن استعمالها كوقود لأي شيء بدءاً من السيارات الى وقود التدفئة في المنازل.

وهذا النظام أفضل بكثير من أنظمة الطاقة الشمسية التقليدية «فوتوفولتيك» التي يولد فيها الضوء قوة حركية كهربائية، وذلك لأنه لا يتطلب القيام بعملية تصنيعية معقدة للخلايا الشمسية التي يتم فيها استخدام عدد من المواد السامة والمحدودة.

ومن الملاحظ ان ذرات التركيب الضوئي النباتي متوافرة ومن السهل جنيها، اذ يقوم بروس بانتزاعها من أوراق نبات السبانخ الموجودة في حديقة منزله باستخدام «خلاط الطعام».
يبدو أن هذه الطريقة أرخص بكثير من استخدام وسائل أخرى.

يقول بروس: هذا النظام أكثر دواماً من معظم أنظمة انتاج الطاقة الأخرى، فمحرك سيارتك يمكن أن يدور باستخدام نوع من الوقود المُستَمدْ من ضوء الشمس الذي تصنعه الطبيعة في أوراق النبات منذ ملايين السنوات، وهذا يعني بكلمات أخرى أن بالامكان زرع السبانخ في أي مكان من الأرض للحصول على طاقة دائمة دون خوف بعد الآن.


يبدو أن البحّار الشهير «باباي» كان على حق في سعيه الدائم وراء السبانخ.