الخليجيون يودعونه مصارف سويسرا بعد الأزمة الإيرانية
الذهب فوق الـ 620 دولاراً للأوقية وتوقعات بتجاوزه 800 دولار







الأوساط المالية تراقب بقلق ارتفاع أسعار الذهب






وسط مخاوف وأراء متباينة في أوساط المال والأعمال، يتابع المستثمرون في جميع أنحاء العالم بشغف الأنباء الواردة بشأن ارتفاع أسعار الذهب في الفترة الأخيرة، حيث ارتفع سعر الذهب فوق 620 دولارا للأوقية لأول مرة منذ نحو ربع قرن، الأمر الذي دعا الكثيرين من الخبراء والمختصين في هذا المجال إلى محاولة البحث للتعرف على أسباب هذا الارتفاع في محاولة للإجابة عن استفسارات الكثيرين.
ولعل ما يثير الانتباه في هذا الموضوع هو الاهتمام الشديد بالذهب في معظم الأوساط العالمية، وهو ما لم يكن مفاجئا بالطبع، حيث يحظى الذهب بشهرة اقتصادية عالمية، نظرا لحرص الجميع على اختلاف ميولهم وانتمائهم على اقتنائه، كما يتميز الذهب بكثرة استخدامه في المجالات الاقتصادية والصناعية والطبية أوقات الأزمات والحروب، واستخدامه كوسيط للتبادل ومخزن للقيمة، هذا بجانب استخدامه في أغراض الزينة والحلي، الأمر الذي يشدد على أهمية كونه سلعة إستراتيجية هامة اكتسبت أهميتها من واقع استخداماتها في الأنظمة النقدية القديمة والحديثة.
أسباب مختلفة
ولعل من الثابت، خاصة من الناحية الاقتصادية، وجود أسباب متعددة تؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب، وهي عوامل تحددها في المقام الأول قوى العرض والطلب، حيث يلاحظ أن زيادة الطلب يصاحبها دائما زيادة في الأسعار، خاصة إذا كان هناك نقص في المعروض، ومن أهم العوامل المحددة لارتفاع الأسعار نقص الإنتاج وقلة المعروض، ويعد هذا سببا رئيسيا في حدوث ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية، وذلك بسبب توقف بعض الدول المنتجة عن طرح إنتاجها في الأسواق، مما يؤدي إلى نقص الكمية المعروضة في الأسواق، فنجد ارتفاعا عاما في الأسعار.
ومن العوامل المؤثرة تحت هذا الاتجاه حدوث أزمات واضطرابات دولية تؤثر في أداء الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يؤدي إلى تخوف المستثمرين في الاستثمار في المجالات المختلفة، وهنا يتم اللجوء إلى الاحتفاظ بالذهب بدلا من النقود.
حدوث انخفاض في أسعار الفائدة على النقود، مما يؤدي إلى تحويل المدخرات النقدية إلى ذهب، وبالتالي يزداد الطلب عليه فترتفع الأسعار.
حدوث انتعاش ورواج اقتصادي والذي يصاحبها زيادة في مستوى دخول الأفراد، مما يعني زيادة الإنفاق، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الطلب، خاصة على الذهب كنوع من التنويع الاستثماري.
لجوء الدول المتقدمة إلى زيادة قيمة الاحتياطيات الذهبية في مصارفها المركزية، مما يؤدي إلى نقص المعروض من الذهب، وبالتالي يحدث ارتفاع في الأسعار.
أسباب غير اقتصادية
وفي الفترة الأخيرة لاحظ المتخصصون والخبراء وجود أسباب أخرى، غير الأسباب الاقتصادية المتعارف عليها، أدت إلى ارتفاع الأسعار بصورة قياسية، لعل من أهم تلك الأسباب ارتفاع الطلب العالمي على الذهب خلال الربع الثالث من هذا العام بنسبة 7 بالمائة بنفس الفترة من العام الماضي.
انخفاض إنتاج الذهب في جنوب إفريقيا التي تعد أكبر دولة منتجة للذهب في العالم، وذلك بنسبة 15.4 بالمئة خلال الربع الثالث، وهذا يرجع بسبب إغلاق كثير من المناجم من أجل إعادة هيكلتها، ليستمر بذلك انخفاض الإنتاج الذي تشهده جنوب إفريقيا منذ فترة طويلة، والذي أدى إلى تراجع الإنتاج بما يزيد على الثلث، حيث أدى الانهيار الكبير الذي أصاب المناجم في إندونيسيا نهاية عام 2002 وسوء الأحوال الجوية في أمريكا وأستراليا وهما من أكبر الدول المنتجة للذهب، مما أدى إلى وضع جنوب إفريقيا تحت ضغط إنتاجي كبير.
تنامي طلب صناديق الاستثمار على شراء الذهب والذي بلغ نحو 87 طنا خلال النصف الأول من 2005 م.
إقبال المستثمرين في منطقة آسيا على شراء الذهب، وبصفة خاصة في اليابان، وذلك بعد أن حقق الذهب مكاسب بلغت 15 بالمائة في الشهر الأخير فقط، مع الاتجاه إلى ترك الاستثمار في الأسهم والسندات لصالح الذهب.
رغبة دول مثل روسيا والأرجنتين وجنوب إفريقيا في زيادة ما بحوزتها من الذهب، وذلك بالرغم من إعلان البنوك المركزية الأوربية لبيعها أكثر من 100 طن من احتياطيات الذهب الموجود لديها.
استمرار الانخفاض في سعر صرف الدولار في مواجهة العملات الأخرى، حيث يعد ضعف قيمة الدولار سببا رئيسيا في ارتفاع أسعار الذهب، هذا بالإضافة إلى أن ضعف الدولار يجعل الذهب الذي يحدد سعره بالعملة الأمريكية في الأسواق العالمية أكثر جاذبية للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى غير الدولار، مما يجعل الذهب ملاذا أمنا ضد تقلبات سعر الدولار، حيث زاد نسبة 72 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بالإضافة إلى هذا فقد زاد الطلب في كل من تركيا بنسبة 82 بالمئة وفي الصين بنسبة 12 بالمئة وفي الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 3 بالمئة.
المضاربة، حيث ساهمت المضاربات العالمية في بورصة الذهب إلى ارتفاع أسعاره، لأن الصناديق الادخارية العالمية أصبحت تضم الذهب داخل محفظتها الاستثمارية، وبالتالي يتم شراء كميات كبيرة من الذهب عند إنشاء تلك الصناديق، الأمر الذي ساهم في ارتفاع الأسعار الأخير.
الأزمات والاضطرابات السياسية العالمية كان لها دور رئيسي في ارتفاع أسعار الذهب، مثل الموقف الدولي من أزمة المفاعل النووي الإيراني، والأعاصير التي ضربت خليج المكسيك، والعجز الكبير في الميزان التجاري الأمريكي.
يلاحظ أن سبب الإقبال الشديد على الذهب في الوقت الحاضر أنه يعد من أكبر الأوعية الادخارية التي تتميز بالأمان، مقارنة بالاستثمار في الأسهم والسندات، حيث يلاحظ أن عائد الاستثمار في الأسهم والسندات كبير، ولكن على المدى القصير، أما بالنسبة للذهب فإن عائد الاستثمار فيه متزايد إلى حد ما، بالإضافة إلى تمتعها بقدر من الطمأنينة بالمقارنة مع مجالات الاستثمار الأخرى.
الأثرياء يحتاطون
يلاحظ أن سبب الإقبال الشديد على الذهب في الوقت الحاضر أنه يعد من أكبر الأوعية الادخارية التي تتميز بالأمان مقارنة بالاستثمار في الأسهم والسندات، حيث يلاحظ أن عائد الاستثمار في الأسهم والسندات كبير، ولكن على المدى القصير، أما بالنسبة للذهب فإن عائد الاستثمار فيه متزايد إلى حد ما، بالإضافة إلى تمتعها بقدر من الطمأنينة بالمقارنة مع مجالات الاستثمار الأخرى، لذلك زاد إقبال الشركات وأثرياء منطقة الخليج العربي على شراء كميات كبيرة من الذهب بعد تصاعد الأزمة السياسية بين قطبي النزاع الأمريكي والإيراني.
وظهرت المخاوف على عدد كبير من هذه الشريحة من انعكاس هذه القضية على الاقتصاد سواء النفطي أو العملات، وخصوصاً في إيران والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة للمخاوف من ظهور مفاجأة قد لا تكون في الحسبان، لهذا فضلت مجموعة كبيرة من رجال الأعمال وأصحاب الثروات شراء الذهب باعتباره الملاذ الآمن في مثل هذه الأزمات.
وتوقع سماسرة الذهب أن شراء الذهب بقصد الاستثمار في الوقت الحالي وبهذه الأسعار التي تتجاوز الـ 644،50 دولارا للأوقية سيكون خطراً في حال تم التوصل لحل بين الطرفين، مشيرين إلى أن ذلك سيدفع إلى استقرار أسعار النفط وارتفاع سعر صرف الدولار، مما يساهم في تراجع أسعار الذهب لمستويات الـ 300 دولار للأوقية.
ألا أن التوقعات في ظل الظروف الحالية تشير إلى أن احتمال وصول سعر الأوقية خلال الفترة القريبة المقبلة لحاجز الـ «800 دولار»، مشيراً إلى أنها مرشحة للوصول لألف دولار إذا استمرت الحالة السياسة المتأزمة بين البلدين.
إضافة إلى أن هناك ضغوطا من جهات أخرى تقوم بدور كبير في التأثير في أسعار الذهب، وهو التفاوت في إنتاج المناجم بين الارتفاع أحياناً والانخفاض أحياناً أخرى، إلا أن ذلك لا يمنع في استمرار مناجم الذهب بضخ المزيد من الذهب في السوق لتغطية الطلب المتنامي على هذا المعدن النفيس الذي يحافظ على قيمته في أوقات الحروب والأزمات.

منقـــــــــــــــول