الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اخواني الافاضل استوقفني حديث صحيح في البخاري وفي مسلم ولي معه عدة وقفات :
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار , ويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة , وإنما الاعمال بالخواتيم )) صحيح البخاري ومسلم واللفظ للبخاري
قال ابن بطال في فتح الباري ((وفي تغييب خاتمة العمل عن العبد حكمة بالغة وتدبير لطيف , لأنه لو علم وكان ناجياً أعجب وكسل , وإن كان هالكاً ازداد عتوا , فحجب عنه ذلك ليكون بين الخوف والرجاء ))
وانظر بارك الله فيك الى الصالحين وما كانوا عليه من خوف ورجاء كانوا يخافون من سوء الخاتمة
واسمع كلام احد الصالحين
يقول ابو الدرداء : ما أحد أمن على إيمانه ألا يسلبه الموت إلا سلبه


وهذا سفيان الثوري رحمه الله جعل يبكي , فقال له رجل : يا ابا عبدالله أمن كثرة الذنوب ؟ فقال : لا ولكن أخاف أن أً سلب الإيمان قبل الموت


خافوا نعم انهم يخافون ان تحول ذنوبهم بينهم وبين حسن الخاتمة .


قال طبيب القلوب رحمه الله ابن القيم : وهذا من أعظم الفقه أن يخاف الرجل أن تخدعه ذنوبه عند الموت , فتحول بينه وبين الخاتمة الحسنى .


قال الحافظ عبدالحق الأشبيلي : ولسوء الخاتمة أعاذنا الله منها أسباب ولها طرق وأبواب , وأعظمها الانكباب على الدنيا وطلبها والحرص عليها , والإعراض عن الآخرة والإقدام والجرأة على معاصي الله وربما غلب على الإنسان ضرب الخطيئة ونوع من المعصية , وجانب من الأعراض , ونصيب من الجاه والاقدام فملك قلبه وسبى عقله , فربما جاءه الموت على ذلك , وسوء الخاتمة لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه , ما سمع بهذا ولا علم ولله الحمد


وإنما تكون لمن له فساد في العقيدة , أو اصرار على الكبيرة , وإقدام على العظائم , فربما غلب ذلك علية حتى نزل به الموت قبل التوبة .


وقد يظهر على المحتضر ما يدل على سوء الخاتمة , مثل النكول عن النطق بالشهادتين , ورفض ذلك والتحدث بالسيئات والمحرمات وإظهار التعلق بها ونحو ذلك من أقوال وأفعال تدل على الإعراض عن دين الله والتبرم لنزول قضائه .


وهذه بعض الاسباب التي ينشاء عنها سوء الخاتمة كما ذكرها اهل العلم :


اولاً : التسويف بالتوبة , والاستمرار بالمعاصي , والتهاون في فعل الواجبات , ويضمر بعضهم أنه سيتوب ولكن متى ..؟


وتجد الشاب الأعزب يقول : حين أتزوج


والطالب : حين أتخرج من الدراسة


والفقير : حين أتوظف


ويقول الصغير : حين أكبر , وهكذا من الأعذار لتحديد موعد التوبة ونقول لهم جميعاً : (( من يضمن لكم بلوغ هذه الآمال , أما تخشون أن ياتيكم هادم اللذات قبل ان تتدركو المنايا ثم لو وفقتم للوصول اليها هل تضمنون أن توفقوا للتوبة وقد قضيتم الاعمار في الغواية والضلال والشهوات المحرمة التي غالباً ما تكون سبباً لانقلاب القلوب وانتكاسها , قال تعالى : يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون ))


وقال تعالى (( ونقلب أفئدتهم وابصارهم )) ثم بين سبب هذا الانقلاب فقال (( كما لم تومنوا به أول مرة)) أي بسبب رد الحق أول ما جاءهم ثم قال (( ونذرهم في طغيانهم يعمهون )) وقد ذم الله قوماً طالت آمالهم حتى ألهتهم عن العمل للدار الآخرة ففاجئهم الأجل وهم غافلون


قال تعالى (( ذرهم ياكلون ويتمتعوا ويلههم الآمل فسوف يعلمون ))


ثانياً :


حب المعصية , فأن الانسان إذا داوم على المعاصي ولم يسارع الى التوبة منها ألفها قلبه فاستولت على تفكيره في اللحظات الأخيره من عمره فيموت عليها , ويبعث عليها .


وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول (( يبعث كل عبد على ما مات عليه ))


قال ابن كثير رحمه الله (( والذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت مع خذلان الشيطان له , فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الأيمان , فيقع في سوء الخاتمة ))


قال ابن قدامه رحمه الله (( واذا عرفت معنى سوء الخاتمة فاحذر أسبابها وأعد ما يصلح لها , وإياك والتسويف بالاستعداد فإن العمر قصير , وكل نفس من أنفاسك بمنزلة خاتمتك , لأنه يمكن أن تخطف فيه روحك , والانسان يموت على ما عاش عليه , ويحشر على ما مات عليه )).


فعلى العبد أن يلزم نفسه بالطاعة والتقوى , وأن يلح في دعاء الله أن يختم له بالخاتمة الحسنى , وأن يحسن الظن بربه عز وجل


عن عبدالله بن عمروا أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (( إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه حيث شاء ))


ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ))


والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين