الخوف الحقيقي والقلق الحقيقي هو بالتفكير, هو موجود في عقل الإنسان فقط. هذا القلق وهذه المخاوف التي واحدة من أسبابها تراكم الضغوط النفسية, هو موجود بالعقل الباطن
الذي يصدق أي شئ نقتنع به, فهو بذلك يشبه (الهارد ديسك) في جهاز الكمبيوتر, يقبل أي شئ ويصدق أي شئ بعكس العقل الواعي الذي يحلل بمنطقية وينتقد, لكن حالما نبدأ
بتكوين ملف في عقولنا الباطنة يكبر مثل كرة الثلج مع التمرين والتكرار, فقناعتنا بخوفنا أو تعاستنا طالما نكررها تصبح عادة ذهنية تقوى وتتأصل, ولذا فكلما أسرع الإنسان
بعلاج الضغوط كلما تخلص أسرع منها, بينما من يظل سنوات وهو يكرر ويبني هذا الملف السلبي في ذهنه عبر السنوات ولا يعالج هذا الخلل, يصبح التخلص أصعب وأطول مدة,
وأيضاً يعتمد ذلك على قوة القناعة, ولذا حتى لو كان هناك وعي بعدم صدق المشاعر تظل القناعة تشعرنا بالاحباط والضعف, حتى تتغير هذه القناعة, فإذا كنا مقتنعين بأن الماء
سيشفينا سنشفى, وإذا اقتنعنا بأنه سيمرضنا سنمرض بكل تأكيد. ولأن كل شئ في حياة الإنسان هو تمرين وتكرار, سواء من الناحية البدنية أو الاجتماعية أو النفسية, فنحن
نستطيع أن نتمرن على التعاسة أو على السعادة أو القلق أو الاسترخاء, فإذا أردنا في يوم من الأيام أن نبني عضلات أو لياقة بدنية, لانستطيع أن نحلم بها فقط أو نتمناها فتأتينا,
يجب أن نذهب إلى نادي رياضي ونبذل جهداً عملياً ومع التكرار نحصل على ما نريد, وإذا انعزلنا اجتماعياً ولم نتعامل مع الناس ونحن صغار بالسن, فلن نعرف كيف نتعامل
اجتماعياً بعدما نكبر, فالمهارات الاجتماعية تمرين, وكذلك في صحتنا النفسية ما نتمرن عليه نصبح عليه, سواء كان ضغوطاً نفسية, قلق أو مخاوف, أو ثقة بالنفس, أوسعادة,
والعقل الباطن ينفذها أوتوماتيكياً. فعندما نمشي أو نسير لانفكر كيف نسير, فقط ننوي السير وينفذها العقل الباطن أوتوماتيكياً, لكن عندما علمنا عقولنا الباطنة هذه المهارة أول
مرة ونحن أطفال كانت صعبة, وكنا نقع ونستعين بأهلنا أو دراجة خاصة, ولكن مع التكرار والتمرين أصبح مشينا أوتوماتيكياً, وكذلك إذا كنا نقود سيارة فلنتذكر الأيام الأولى التي
علمنا بها عقولنا كيف كانت صعبة, وفي الأخير أصبحت قيادتنا للسيارة أوتوماتيكية, وأحياناً نتساءل كيف وصلنا وكأننا نقود ونحن منومين, وهذا ينطبق على كل شئ في حياتنا
بدني واجتماعي ونفسي. العقل الباطن قادر على التعلم بالتكرار على أن نشرك حواسنا ومشاعرنا, وهو ما يمكن أن نطلق عليه البرمجة, فشخصياتنا وأنماط حياتنا وقناعاتنا
وبيئاتنا برمجتنا تلقائياً, فهل نستطيع أن نعيد برمجة عقولنا أو نعدل من برمجتها؟ بالتأكيد فالإنسان قادر على إعادة برمجة نفسه في أي عمر أو مرحلة من حياته, طالما يفهم
المبدأ وطريقة عمل العقل الباطن ويتمرن على ما يريد أن يشعر به أو يفكر به أو يسلكه, ويكرر هذا التمرين, فليس المطلوب هنا هو الإرادة في قوية في يوم وضعيفة في يوم
آخر, ولكن المطلوب هو التمرين والبرمجة.