كلنا نتقدم في العمر ونشيخ. وكلما زدنا عمرا، كثرت الأمراض. وأحد أشهر الأمراض المرتبطة بالشيخوخة هو ألزهايمر ، المسبب للخرف، حيث يُحدث تدهورًا في وظائف الدماغ فتضطرب القدرات العقلية، وهكذا تضعف الذاكرة، بل وقد يفقد المريض ذاكرته كليا. وهكذا لا يستطيع التعرف حتى على أفراد عائلته أو أقرب أصدقائه.


يعاني من مرض ألزهايمر حول العالم حوالي 35 مليون إنسان. وبما أن متوسط عمر البشر في ارتفاع بسبب التقدم الطبي، فإن الأمم المتحدة تتوقع أن يرتفع عدد المصابين بهذا المرض إلى 150 مليونا، بحلول سنة 2050.
وحتى الآن ليست هناك أي وسيلة تشفي من ألزهايمر. كل ما هو متوفر مجرد أدوية، يصفها الأطباء لتسكين الأعراض، ولكنها لا توقف تطور المرض. والآن تأتي شركات أدوية عملاقة (هي Eli Lilly وRoche وBiogen) لتعلن عن أنها تطور عقارا طبيا جديدا يوقف تطور المرض.
الدواء الجديد يستهدف التراكمات البروتينية الخطيرة في الدماغ، وهي التي تعتبر أهم مسبب للمرض. هي تحطم الخلايا العصبية وكلما مات عدد أكبر من الخلايا العصبية كلما تقلص الدماغ.
المادة الفعالة في العقار تقوم باستهداف هذه البروتينات (أميلويد بيتا) وتدميرها. إنها أجسام مضادة يفترض أن تنشط الجهاز المناعي، وأن توقف زيادة التراكمات البروتينية الضارة (أميلويد بيتا)، بل وتفككها.
«لو حصل المرضى على هذا الدواء مبكرا، وتناولوه لفترة كافية، فإن الدواء سيفيدهم فعلا في إيقاف فقدان الذاكرة».. يقول كريستيان هاس، من المركز الألماني للأمراض العصبية الانتكاسية في ميونخ، متابعًا أن دماغ كل إنسان ينتج الأميلويد و«هذا هو سبب ارتفاع احتمال الإصابة بالمرض»، يقول هاس، ويوضح: «عادة هناك آلية تنظيف في دماغنا تتخلص من كل الفضلات ومنها الأميلويد» ولكن هذه الآلية لا تعمل جيدا كلما تقدم العمر.
المواد الفعالة في العقار الجديد، يقيمها الباحث هاس، على أنها تطور «ثوري»، ويضيف: «إنها المرة الأولى التي يصبح لدينا فيها أمل». ويشدد الباحث في البيولوجيا الجزيئية على أن هناك حاجة لوقت طويل قبل أن يصبح العقار متاحا في الأسواق. «ما زلنا لا نعرف، على سبيل المثل، إن كان الدواء قادرا على إيقاف فقدان الذاكرة على المدى الطويل، أو إن كانت هناك أعراض جانبية أخرى ستظهر».
إضافة لذلك فإن الدواء لن يكون فعالا عند المرضى الذين وصل المرض عندهم إلى مراحل متقدمة، بحسب هاس: «بالنسبة للمرضى الذين يعانون من ضعف ذاكرة متوسط الشدة إلى قوي الشدة، فإنه لا يمكن إنقاذ الوضع».
هذا أيضا أحد أسباب فشل التجارب في السنوات الأخيرة. فقد كانت هناك منتجات تستهدف تثبيط الأميلويد، ولكنها لم تكن فعالة. هاس، المتخصص بأمراض الخرف، يوضح أن ما تعلموه من تلك التجارب الفاشلة كان أن المرض يبدأ قبل 15 إلى 20 عاما من ظهور أولى أعراضه. لذلك «كلما بكرنا في العلاج، فسنحصل على نتائج أفضل».