احتدم السباق بين الشركات التكنولوجية العملاقة في مجال الذكاء الصناعي فتبارت لتطرح في الأسواق سكرتيرة رقمية تحمل كل منها ظلالا شخصية خاصة فالسكرتيرة الرقمية التي تقدمها شركة أبل اسمها سيري بينما تفخر مايكروسوفت بسكرتيرتها الرقمية كورتانا.


أما شركة «فيسبوك» فقد اختارت أن تقدم تصميما في هذا المجال من صناعات الذكاء الصناعي أطلقت عليه اسم إم ليكون بلا جنس وبلا شخصية أو صوت. واقتربت في ذلك من جوجل التي تقدم أيضا تصميما لا يحمل صفات شخصية.
وبالنسبة للمستخدم تعتبر السكرتيرة الرقمية بوابة لأدوات ذكاء صناعي هامة يقول مبتكروها إنها من المتوقع أن تؤثر على قرارات حيوية خاصة مثل التسوق وأنشطة قضاء الوقت.
وكلما نجحت الشركات التكنولوجية الكبرى في دفع زبائنها إلى الاعتماد أكثر على السكرتيرة الرقمية كلما جمعت بيانات قيمة عن عاداتهم في الانفاق ومجالات اهتمامهم وما يفضلونه. ويمكن لهذه المعلومات أن تكون لبنة لاعلانات رقمية مربحة وسببا لجعل المستخدم يدور في فلك هذه الشركات، وقال اليكس ليبرون المدير التنفيذي بفيسبوك الذي يشرف على الفريق المشغل لإم «نريد لإم ان يكون قادرا على القيام بأي شيء.. صفحة بيضاء لنرى كيف سيستخدمها الناس».
ويقول مات مكلوين المدير الاداري لمجموعة مادرونا فينتشر ان الرهانات عالية بالنسبة للشركات التكنولوجية لان السكرتيرة الرقمية يمكن ان توجه المستخدم إلى منتجات شركتها وشركائها وتبعده في الوقت نفسه عن الشركات المنافسة.
فعلى سبيل المثال تستخدم السكرتيرة الرقمية لجوجل جهاز البحث الخاص بالشركة اذا طلب منها المستخدم معلومات ولا تستخدم ياهو أو بينج مشغل البحث لمايكروسوفت، وقال مكلوين «سكرتيرتي الموثوق بها يمكن ان تكون وكيلا لي في كل التعاملات والأنشطة.»
وجاء في بحث لأستاذ ستانفورد الراحل كليفورد ناس خبير العلاقة بين الكمبيوتر والبشر أن المستخدم قد يميل أكثر إلى ما يشبه الانسان وان كان سيصاب بالإحباط إذا أخفق النظام في ذلك وهو ما يزيد المخاطرة التي تقدم عليها الشركات التي تحاول تقديم أنظمة بها محتوى انساني. فما قد يعجب مستخدم ما قد يضايق مستخدما آخر وهو المأزق الذي تفادته فيسبوك وجوجل.
لكن فريق سيري رأى أن الشخصنة لا غنى عنها كما يقول جاري مورجنثالر وهو مستثمر في سيري الشركة الناشئة التي ابتكرت السكرتيرة الرقمية التي حملت اسمها واشترتها أبل فيما بعد، ويقول «اذا حاكيت البشر فقد قطعت نصف الطريق بالفعل في أسلوب تواصل إنساني.»
لم تتغير شخصية سيري كثيرا بعد ان اشترت أبل الشركة الناشئة عام 2010 وان بدأت -كما يقول آدم شاير المشارك في تأسيس سيري- السكرتيرة الرقمية لا تجيب على طلبات المستخدم برسالة نصية بل بصوتها بناء على رغبة الراحل ستيف جوبز المشارك في تأسيس أبل، ويقول شاير «كان على حق في طلبه. لأن الناس ترتبط بالصوت».
ويقول جوناثان فوستر المدير التحريري لكورتانا في مايكروسوفت ان الشركة حرصت على اجراء مقابلات مع اناس حقيقيين امتهنوا مهنة السكرتيرة الشخصية وهي تطور سكرتيرتها الرقمية.
الصوت الذي تتحدث به مهني لكن لها ميول في أحيان. فهي تحب كل ما له علاقة بالخيال العلمي والرياضيات وعرضها التلفزيوني المفضل هو (ستار تريك).
ويقول هنري ليبرمان العالم الزائر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي درس التواصل بين الانسان والكمبيوتر ان الاهتمام بالتفاصيل أمر بالغ الأهمية لأن الناس يدققون كثيرا حين يتعلق الأمر بالذكاء الصناعي.
لذلك تتنافس الشركات على أفضل الطرق لتحقيق تواصل حقيقي بين المستخدم وسكرتيرته الرقمية. وتشن كل من سيري وكورتانا حملة اغواء خاصة بها وتسارع كل منهما إلى اطلاق النكات أو سرد القصص اذا طلب منها ذلك لتضمن ان يعود اليها المستخدم مرة أخرى.
اذا سألت كورتانا عن مشروبها المفضل ستطلب على الفور كأسا من المارتيني اما غريمتها سيري من أبل فستقول في خفة اذا سألتها عما تريد ان تشرب «أحب أن أنهل من المعرفة».