يتباهى البرص بمهاراته المذهلة، التي تختلف عن الكثير من الحيوانات الأخرى، إذ بوسعه التسلق على سطح جدار أملس أو الزحف على السقف بسلاسة بالغة.. والتركيب الجيني له يفسر سر هذه الإمكانات المثيرة.


قال العلماء إنهم نجحوا في رصد التسلسل الجيني لجينوم البرص من نوع (جيكو جابونيكوس) أو برص شليجل الياباني، وتوصلوا إلى أن تركيبه الجيني يفسر قدرته على السير على السقف، متحديا الجاذبية الأرضية.
وبمقدور البرص تسلق الحائط والسير على السقف في الوضع المقلوب، بفضل بطانة القدم اللزجة المتطورة المكونة من شعيرات دقيقة تغطي قاعدة أصابع القدم. وتتكون هذه الشعيرات أساسا من مادة البيتا- كيراتين، وهو بروتين موجود في تركيب الزواحف ينتمي لعائلة الكيراتين، وهي المكون الرئيسي لأظافر الإنسان وشعره، ووجد العلماء في البرص من نوع (جيكو جابونيكوس) زوائد وامتدادات في الجينات تتعلق بإفراز مادة البيتا- كيراتين، التي تمنحه القدرة على نمو الشعيرات اللزجة بأصابع القدم. وعثر العلماء على 35 من هذه الجينات الفريدة.
ولا يوجد مثل هذه الزوائد في جينوم الزواحف الأخرى، التي تفتقر القدرة على السير على الأسطح الرأسية الملساء أو الأسقف الأفقية، وقال شياو سونج جو، عالم الأعصاب والطب التجديدي بجامعة نانتونج بالصين: «تمثل هذه الاكتشافات قاعدة جينية صلبة، لتفسير كيفية تكوين الزوائد الشعيرية اللزجة».
وأضاف أن البرص يستطيع الالتصاق بجميع أنواع الأسطح تقريبا سواء أكانت صلبة أم رخوة خشنة أم ملساء. وقد تساعد المعلومات الجديدة في ابتكار «تقنيات حيوية لاصقة» تضاهي الآليات اللزجة للبرص.
وبرص شليجل الياباني طوله 12 سنتيمترا، وهو كائن ليلي يتغذى على الحشرات، ويوجد في اليابان وشرق الصين، وتساعده قدرته على التسلق في اقتناص فرائسه والفرار من الكائنات المفترسة، ووسادة القدم اللزجة للبرص ليست بالشيء الجديد، إذ إن البرص يعيش منذ عصر الديناصورات، وأعلن العلماء في عام 2008 أنهم اكتشفوا في ميانمار بقايا حفرية لبرص ذي بطانة لزجة في باطن القدم كانت محفوظة وسط الكهرمان ترجع إلى 100 مليون عام.
وقال جو إن الدراسة الحديثة- التي وردت نتائجها في دورية نيتشر كوميونيكيشنز- كشفت عن الأساس الجيني لقدرة البرص الخارقة على الرؤية الليلية الحادة وإمكانية تجديد الذيل، بعد انفصاله عن الجسم، وتقوم بعض أنواع الأبراص بفصل ذيلها عن بدنها وقت الإحساس بالخطر، في عملية تسمى «الانشطار الذاتي»، ليبقى الذيل يتلوى ويتلهى به المطارد، فيما تسنح الفرصة للبرص نفسه للهرب.
وقال جو إنه تم التعرف على نحو 155 جينا تتعلق بقدرة البرص على تجديد الذيل، ما يعطي إطلالة جديدة على بيولوجيا تجديد خلايا الجسم، وحجم جينوم البرص هو الأكبر بين جميع أنواع الزواحف التي تم التعرف على الجينوم الخاص بها.