قد يسأل بعضنا البعض لماذا لا يتأثر الناس اليوم بالقرآن الكريم
رغم أنهم يقرأونه و يسمعونه صباح مساءا دون أن يترك
فيهم شعرة أو يثير فيهم همة ؟

الجواب الواضح ومع ذلك نوجزه في هذه الأسباب :

أولها : الجهل الواضح باللغة العربية و مناهج نثرها و ضروب
بلاغتها و طرق أدائها فليست اللغة العربية مجرد ألفاظ أو قواعد
في النحو و الصرف وحتى هذه فمعظم قراء القرآن لا
يعرفونها بل يجهلونها كل الجهل ...

ثانيا : عدم التدبر في القرآن الكريم فالذين يتلونه لا يتجاوز
ألسنتهم و حناجرهم الى عقولهم و قلوبهم و مشاعرهم
قال الله تعالى : { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } محمد 24
و لكنهم لا يتدبرونه و لا يحسنون الاصغاء اليه
و الاتصال به و الأخد عنه

ثالثا : اعتقاد معظمهم أن القرآن الكريم كتاب يقرأ للتبرك و التعبد
و التماس الأجر و الثواب و ليس كتاب حياة و مدرسة عظمى
لتخريج بحاة الحياة و صناعة التاريخ وابطال الحروب و ساسة
الأمم و الشعوب .

و قد أثبثت التجربة أن الذين اتخدوا القرآن إمامهم و أنيسهم
يقرأونه بتدبر و تفهم و يحاولون جهد طاقتهم أن يستجلوا
أسراره و يغوضوا على دفائنه و كنوزه ، و ينسجوا على أسلوبه
فيما ينشؤون و يؤلفون و يبدعون ، عمق ايمانهم ، واتسعت
آفاقهم ، وارتقى أسلوبهم و لكن معظم طلبة العلم في مختلف البلدان الاسلامية يحرصون على قراءة كتب الخالق و يهجرون كتاب أبدعه الخالق ...

و لقد نسوا أن القرآن الكريم بلغ أقصى الدرجات ، وأباغ الغايات
في ترابط كلماته وتماسك جمله و تعانق آياته مع طول نفسه ،
وتنوع مقاصده فاذا فتحت المصاحف دون أن يكون لك قصد أو غرض بآية معينة فقرأت ما وقعت عليه عيناك و تأملته وجدته وحدة متماسكة الأجزاء ، متآلفة الأعضاء ، متآخية الأوصال ،
و جل من قال : { و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون ، قرآنا عربيا غير دي عوج لعلهم يتقون }

و قال الشاعر :


فجعل الله العلي القرآن له *** أعظم حجة على الرسالة
و قال : فأتوا أمر تعجيز لهم *** بسورة من مثله أفحمهم
من مثله يرجع القرآن *** أو للنبي أحمد ذي البيان
فعجزوا قال : فان لم تفعلوا *** و زاد في تعجيزهم : لن تفعلوا
و قد تحدى لهم بسورة *** واحدة منه ولو قصيرة
و أقصر السور في القرآن *** قل : سورة الكوثر عن البيان
فعجزوا و قد رضوا بالذل *** و ضرب الأعناق وسبي الأهل


أخي / أختي في الله


و الله لن يكشف الهمّ و الحزن سوى بالقرآن الكريم
لأنه أعظم سبب في تطهير قلبك
و القرآن هو أعظم أدوية القلوب لا محالة
وهو الكتاب الوحيد الذي لا تمل القلوب الطاهرة منه
فكما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه
" والله لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا "

فإن كان قلبك غير طاهر
فلن تتأثر به
قال عز وجل { إنا جعلنا على قلوبهم أكنة }

أكِنة أي أغطية كثيفة لذلك يحول الله
بين المرء و قلبه

اللهم إجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا
و جلاء همومنا و غمومنا
و نور أبصارنا و هدايتنا في الدنيا والآخرة
اللهم ذكرنا منه ما نسينا و علمنا منه ما جهلنا