كشفت دراسة حديثة أن هناك صفات مشتركة بين العقول المدبرة للجريمة، منها أنّ أصحاب هذه العقول غالباً ما يكونون اجتماعيين ومتعلمين.
وأظهرت الأبحاث التي أجريت على مدى عامين في جامعة «بورتسموث» البريطانية أن العديد من المحتالين يملكون سمات شخصية مماثلة. وبيّنت مقابلات مع 15 من المحتالين والمسؤولين الفاسدين يعملون في مجالات مختلفة، أن لهم صفات مشتركة عديدة، تكشف قدرتهم على الخداع من أجل الحصول على ما يريدون.
ووفقاً لصحيفة «الاندبندنت»، يقول أحد رجال الأعمال الفاسدين واسمه فيل، للباحث: «على سبيل المثال، إذا رأيت صورة جميلة ليخت على المكتب، وكان هذا اليخت يفوق امكانات صاحب المكتب بكثير، فإنه يرسل إليك إشارة تقول: أنا منهم، تحدث إلي».
وقال مدير «المركز الدولي للبحوث في علم النفس الشرعي» في جامعة «بورتسموث»، الدكتور كلير ني، إن «الفاسدين يفكرون بطريقة مختلفة عن تلك التي نفكر بها». ويضيف: «هم يتصرفون وفق أفكار مختلفة خاصة بهم، ولمواجهتهم يمكننا وضع استراتيجيات أفضل للحد من ارتكابهم الجريمة».
وتمت مقابلة مجموعة من المجرمين شملت 15 رجلاً قبض عليهم في جرائم مثل الرشوة وسوء السلوك في الوظائف العامة والقيام بعمليات احتيال في شركات خاصة تابعة لهم، وكانت النتيجة أن غالبيتهم من المتعلمين تعليماً متقدماً، وأن معظم افراد هذه المجموعة هم فوق 40 عاماً.
ووفقاً لدراسة جامعة «بورتسموث» كان المحرك الأساسي في معظم الجرائم الحاجة إلى المال والخلافات العائلية، وأن السعي وراء الثروة المادية هو الغاية الأساسية المحركة لهم.
وتفيد أبحاث علم الأعصاب أن أدمغة أنواع معينة من المجرمين تختلف عن تلك الموجودة لدى باقي الناس. وفي حين أن نتائج هذه الأبحاث يمكن أن تحسن فهمنا للسلوك الإجرامي، فهي تثير أيضاً المآزق الأخلاقية حول كيفية استخدام المجتمع هذه المعرفة لمكافحة الجريمة.
وأظهرت نتائج مسح الدماغ للمجرمين، مقارنة مع مجموعة من الأفراد لا يعانون أي اضطرابات عقلية، ​انخفاضاً بنسبة 18 في المئة في حجم التلافيف الجبهية للدماغ، وبنسبة حوالى 9 في المئة في حجم التلافيف الجبهية المدارية، وهما قسمان في الفص الجبهي للدماغ.
وفي دراسة دماغية أخرى، نشرت في أيلول (سبتمبر) 2009، لاحظ الباحثون تشوهات في جزء آخر من الدماغ يسمى اللوزة، لدى المرضى النفسيين، اذ يظهر ترقق في الطبقة الخارجية من تلك المنطقة المسماة القشرة.
وأضاف البحث أن «اللوزة هي مقر العاطفة، والمرضى النفسيون يفتقرون الى المشاعر، وتكون اللوزة لديهم مفتقرة إلى الإحساس بالتعاطف أو الندم أوالشعور بالذنب».
وقال عضو فريق البحث أدريان راين، رئيس قسم علم الجريمة في جامعة «بنسلفانيا»، إنه «بالإضافة إلى الاختلافات في الدماغ لدى الناس الذين ينتهي بهم الأمر إلى ارتكاب جرائم، غالباً ما تظهر لديهم اختلافات سلوكية مقارنة مع بقية الناس».
وكشف التحليل الجيني لما يقرب من 900 من المجرمين في فنلندا، أن لديهم اثنين من الجينات مرتبطة بجرائم العنف، وأن من لديهم هذه الجينات كانوا عرضة لارتكاب السلوك العنيف أكثر بـ 13 مرة من غيرهم.
وقال واضعو الدراسة، التي نشرت في «مجلة الطب النفسي الجزيئي» إنه يمكن أن يعزى ما بين 5 و10 في المئة على الأقل من كل الجرائم العنيفة في فنلندا الى أفراد يملكون هذه الأنماط الجينية، وأن العوامل البيئية أيضاً تلعب دوراً أساسياً في سلوكهم.
ولكن جان شوب من جامعة «أكسفورد» رد على هذه الدراسات قائلاً إن «ما يصل إلى نصف عدد السكان يمكن أن يكون لديهم واحداً من هذه الجينات».
وأضاف أن «ما يسمى جينات العنف يحمل مبالغة ضخمة. فهذه الجينات، بالاشتراك مع العديد من العوامل الأخرى، ربما تجعل من الصعب قليلاً على المرء تهذيب الغريزة العنيفة، لكنها بكل تأكيد لا تحدد مسبقاً أنه سيدخل عالم الجريمة».