هل المرأة أزمة؟ وهل هي مشكلة؟
إن كنا نعاني من المفاهيم الخاطئة تجاه المرأة في مجتمعاتنا فما المبرر في وصف أمريكا للعواصف التي تأتيها بأسماء نسائية؟ وهي الدولة المتحضرة والتي تصدر للعالم الحرية والعدالة كما يدعون، ويصفون العواصف التي تدمر البيوت وتقتل الناس وتشرد الآلاف باسم (امرأة) فإن كانوا هم كذلك فماذا نقول نحن وما نشاهده في واقعنا من ظلم للمرأة على كل المستويات؟
أعيش ظلم المرأة يوميا من خلال القضايا التي تعرض علي فأشاهد ظلم بعض الرجال للمرأة وينسى أنها أمه وأسمع استهزاءه بها وينسى أنها أخته وأرى حالات العنف ضدها وينسى أنها زوجته، وكل ذلك بسبب المخزون الثقافي الظالم للمرأة سواء عندنا أو عند الغرب الذي سمى العاصفة الأخير (بساندي).
كنت في جلسة شبابية فعبر كل واحد منهم عما في عقله من صور للمرأة،
فقال أحدهم: إن المرأة في سن العشرين تشبه كرة القدم يجري خلفها اثنان وعشرون رجلا، وفي سن الثلاثين تشبه كرة السلة يجري خلفها عشرة رجال، وفي سن الأربعين تشبه كرة البيسبول يجري خلفها رجل واحد، وفي سن الخمسين تشبه كرة التنس يرميها كل رجل لآخر، وفي سن الستين تشبه كرة الغولف يرغب الجميع بإبعادها داخل الحفرة.

وقال آخر: إن المرأة العشرينية مثل قارة أفريقيا غامضة ومتوحشه،
والمرأة الاربعينية مثل إيطاليا دافئة وناضجة، والمرأة الستينية مثل سيبيريا
الكل يعرفها ولا يذهب إليها،
وقال ثالث: إن المرأة مثل السيجارة تنتهي منها وتدوسها،
وقال رابع: المرأة مثل السجاد العجمي كلما دسته عليه صار أجود،
وقال خامس: المرأة مثل الكهرباء إما تنير لك حياتك أو تكهربك،
وقال سادس: المرأة مثل المرآة ترى فيها جمال صورتك وإن كسرتها جرحتك.
فقلت لهم: واضح من أمثلتكم أنكم تنظرون للمرأة على أنها وسيلة للتسلية والترفيه
والمتعة الجنسية، ثم التفتّ على من قال سجاد عجمي
وقلت له: ولماذا لا تقول هي مثل السجاد العجمي كلما عتق ازدادت قيمته
أو
النساء مثل الفواكه مختلفات ولكن كلهن سكريات فضحك الشباب مما قلت.
ثم تناولت المنهج النبوي في النظر للمرأة وبينت لهم أن الصورة الموجودة لدى
الشباب والرجال مختلفة تماما عن تصوير النبي للمرأة فقد قال رسولنا الكريم
(
استوصوا بالنساء خيرا) رواه مسلم
وقد نهى
النبي عن قتل المرأة في الحروب احتراما وتقديرا لها، وقال
(
حبب إلي من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة)
مسند أحمد
وقال (
رفقا بالقوارير)
رواه البخاري في صحيحه من حديث انس بن مالك رضى الله عنه
بلفظ
(رويدك سوقاً بالقوارير)
وقال (
النساء شقائق الرجال) رواه أحمد والترمذي
وهذا يفيدنا أن أي انتقاص للمرأة يعني انتقاصا للرجل لأنهن شقائق الرجال.
ومن يتأمل
السيرة النبوية يجد أن النبي الكريم بدأ دعوته بامرأة
وختم حياته بأنه توفي على صدر امرأة، وأول هجرة للمسلمين كانت للحبشة
وكان نصفهم من النساء، وهجرة
النبي للمدينة المنورة لم يعلم بها إلا رجل وامرأتان وهما أسماء وعائشة رضي الله عنهما، وكانت أسماء تصعد الجبل بحدود 5000 خطوة
وهي حامل بشهورها الأخيرة، بل وأعظم حدث تاريخي وهو نزول الوحي أول من علم به امرأة وأول شهيدة في الإسلام قدمت روحها ودمها كانت امرأة، فلماذا صورة
المرأة لدينا مشوهة؟
بل إن العلاقة بين الرجل والمرأة عدها الله تعالى آية فقال تعالى


(
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
)
من أجل ذلك كثر الحديث حول
المرأة لأن علاقتها بالرجل آية من آيات الله
ولكننا ظلمناها بالصورة الذهنية المشوهة والظالمة لها،
والفرق بيننا وبين الغرب أننا لم نسمِّ عواصفنا بأسماء
النساء
كما يفعلون وصرنا نتعامل معها وكأنها جسد لا روح فيها
ومتعة لا عقل لديها وشهوة لا خلق فيها وتسلية لا بناء معها،
وهذا خلاف المنهج الرباني.
فالمرأة أعطاها الله من الخصائص ما تكون به سببا للنجاح
ومصنعا للحب ودعما للاستقرار وتوجيها للأجيال، فهي كالعشب الناعم
ينحني مع الريح ولكن لا تكسره العاصفة وكما قيل وراء كل رجل عظيم امرأة وقيل إن
النساء رياحين خلقن لنا وكلنا يشتهي شم الرياحين
وربما البعض يستشهد بنقص الدين والعقل لديها ويكون قد فهم النص خطأ،
ولنا مع هذا الحديث وقفة في المستقبل بإذن الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين