الطرق الأفضل للحصول على المعلومات الطبية والصحية الدقيقة من الإنترنت



مع ظهور الإنترنت، واهتمام مستخدميه بالشؤون الصحية، إلى جانب المواضيع الأخرى، ومع توسع المعلومات والدراسات والمقترحات والنصائح الطبية وانتشارها وتزايد مصادرها بمختلف اللغات، بدأ يظهر الغث والثمين، والخاطئ والصحيح، والضحل والغني بين ما تورده مليارات الصفحات التي تملأ الشبكة العنكبوتية.



وأصبح من الضروري معرفة المصادر الموثوقة للمعلومات، وكيفية التأكد من صحة البيانات التي قد يصل لها المرء خلال بحثه عن حاجته من النصائح أو الأخبار أو المعلومات الطبية والصحية.

لقد أصبح الإنترنت يغطي كل موضوع ابتداءً من وجع الرأس إلى آلام الركبة أو القدم إلى الربو أو السكري، إلى أمراض القلب والبدانة والكولسترول، إلى أمراض المواليد والأطفال والمراهقين وأمراض الشيخوخة، إلى مشاكل الحمل وأمراض النساء، إلى الأمراض العصبية والنفسية، إلى غير ذلك من الأمراض والمشاكل الصحية.

وأصبح الإنترنت مع الوقت المصدر الأكبر للمعلومات الصحية، الصحيحة منها أو الخاطئة.

ونظراً لأن الكتابة على صفحات الإنترنت أصبحت في متناول جميع الناس تقريباً، عالمهم وجاهلهم، الحريص والدقيق منهم أو المتسرع وغير المهتم بدقة وصحة المعلومات التي يكتبها، الأمين الصادق أو الهادف إلى مصلحة مما يكتبه من معلومات.

كما أصبحت مصادر المعلومات شديدة الاختلاف، ما بين أفراد أو منظمات، وخاصة أو عامة، وحكومية أو أهلية، ومتخصصة أو غير متخصصة، وجهات تريد إفادة الآخرين أو تبتغي الاستفادة مما لديها من معلومات.

كما أن المواقع الإلكترونية المتخصصة في الشؤون الصحية التي يفترض أنها المصادر الأفضل مبدئياً للمعلومات والنصائح الصحية، قد تكون من النوع الذي يملك الإرادة والقدرة والوسائل التي تسمح له بتجديد معلوماته وتحديثها وتصحيحها وإعطاء تفصيلات وافية عنها، وقد تكون ضعيفة الإمكانيات وتكون معلوماتها في بعض الأحيان قديمة، أو غير دقيقة، أو مجتزأة، أو تخالف الجديد من الدراسات العلمية أو غير ذلك مما يجعلها مصدراً غير آمن للمعلومات الصحية.


من هنا يطرح سؤال هام هو كيف أصل أو تصل إلى المعلومات الصحية الصحيحة والدقيقة والأحدث على صفحات الإنترنت؟


للإجابة على هذا السؤال عليك الانتباه إلى النقاط الأساسية التالية:

  • حدد لغة البحث:

من الضروري بالطبع أولاً تحديد لغة المعلومات المطلوبة، أهي اللغة العربية أم الانجليزية أم لغة أجنبية أخرى؟ وقد نكون للأسف على حق إذا قلنا أن المعلومات المنشورة في بعض المواقع باللغة الانجليزية أحدث غالباً، وليس دائماً، من معلومات المواقع باللغة العربية أو اللغات الأخرى، لأن اللغة الانجليزية هي الآن اللغة الرئيسة لنشر المعلومات والأبحاث الجديدة على نطاق العالم. لكن ذلك لا يعني أن المواقع باللغات الأخرى ومنها اللغة العربية، قاصرة عن تزويد من يريد بالمعلومات المناسبة عن أي موضوع صحي.

على كل حال فإن القدرة على البحث بأكثر من لغة تتيح فرصاً أفضل من البحث بلغة واحدة أياً كانت.

  • اختر كلمات أو عبارات البحث المناسبة:

إذا وضعنا كلمة البحث Lung Cancer(أي سرطان الرئة)، في محرك بحث غوغل Googleمثلاً فسنجد أكثر من 50 مليون صفحة. أما لو وضعنا Lung Cancer Risk Factors(أي عوامل خطر سرطان الرئة) فإننا سنحصل على حوالي 2 مليون صفحة. ولو رشحنا البحث من خلال البحث المتقدم Advanced Searchباختيار نفس العبارة وطلب الصفحات التي ظهرت لأول مرة خلال الشهر الماضي، لوجدنا حوالي 50 صفحة فقط. ومن الواضح أننا نستطيع التعامل دون صعوبة مع مثل هذا العدد من الصفحات. كما أنه من الممكن الحصول على أعداد صفحات محدودة نسبياً بإضافة تحديدات أخرى مثل ارتباط الأخطار السابقة بالتدخين، أو الحالات الخاصة بصغار السن أو النساء، أو حالات الشفاء من المرض، أوغير ذلك.

  • حدد مصدر المعلومات:

يمكن أيضاً النظر في الموضوع المطلوب من حيث المصدر أو المصادر المطلوب الرجوع إليها. يمكنك مثلاً أن تطلب ما يعطيه موقع ويكيبيديا Wikipedia، أو موقع ويب ميد WebMdأو موقع منظمة الصحة العالمية WHO، أو غيرها من المواقع التي تقدم معلومات متميزة عن الشؤون الصحية مع مراجعها على الأغلب.

أما إذا فتحت صفحات بحث غير معروفة المصدر، فإنه يجب معرفة الجهة الراعية للموقع الذي توجد فيه الصفحة، سواء كانت مركزاً جامعياً طبياً، أو مركزاً صحياً إعلامياً حكومياً، أو وكالةً متخصصة بالتزويد بالمعلومات الصحية، أو موقعاً صحياً متخصصاً غير حكومي. ويعتبر معرفة مصدر المعلومات أمراً أساسياً للاطمئنان لصحتها أو دقتها، بما يتيح اتباعها عند اللزوم دون مشاكل.

إذا كانت هوية المصدر غير واضحة على الصفحة، فإنه يمكن البحث عنها في إحدى الروابط أعلى أو أسفل الصفحة، مثل من نحن About Us، أو قائمة المحررين Board of Editors، أو غير ذلك.

  • تحقق من المصادر الأصلية للمعلومات:

تكون أسماء المواقع أو روابطها مذيلة أحياناً بعبارات مختصرة مثل gov(من Governmentأو حكومي) أو edu(من Educationأو تربوي)، وهي أمور تساعد على معرفة طبيعة ومصداقية الموقع. كما تعطي بعض الصفحات معلومات دقيقة عن الجهة المصدرة للمعلومات، كأسماء ووظائف المؤلفين، أو مرجعاً موثقاً للمعلومات كالمجلة التي نشرتها، وتاريخ النشر. كما تبين البيانات المرفقة إن كانت هذه المعلومات تنشر لأول مرة، أو أنها تحديث لمعلومات أقدم، أو مجرد نقل دقيق أو غير دقيق لمعلومات ظهرت على موقع / مواقع أخرى.

إذا أعطى النص مرجعاً للمعلومات غير الجهة الراعية للموقع، فينبغي في الحالات التي تكون فيها مصداقية الموقع الناشر غير مؤكدة أن يبحث عن المعلومة في مرجعها الأصلي. وإذا لم يكن هناك ذكر للمرجع في مثل هذا الموقع فإنه لا يمكن الوثوق بمعلوماته قبل الحصول عليها في مواقع أخرى أكثر مصداقية.

إذا كان من الممكن المشاركة في الموقع الصحي، والحصول منه على معلومات صحية دورية، كانت للموقع مصداقية أكبر.

  • المعلومات الصحية في المدونات Plugs:

لا يمكن للمعلومات مجهولة المصدر التي تنشرها المواقع الإلكترونية ضمن مدونات لكنها تخضع للنقاش وتبادل الرأي حولها، أن يكون لها أكثر من دور ثقافي، خاصة وأن أي شخص يمكن أن يكتب ما يشاء بغض النظر عن ثقافته ودقة معلوماته. وبالمقابل إذا وفرت هذه المدونات المجال أمام خبراء ومتخصصين صحيين للدخول في المناقشات وإعطاء معلومات متخصصة عن موضوع النقاش، فإن مصداقية المعلومات تزداد بشكل كبير. وقد تصبح المصداقية كاملة إذا أعطى هؤلاء الخبراء المراجع العلمية التي استقوا منها معلوماتهم. ومن المفروض على الباحث عن المعلومات في المدونات أن يطلب مراجع المعلومات التي يذكرها الآخرون، حتى يتأكد منها.

يفترض في الباحث عن المعلومات في المدونات أن يعرف إن كانت الجهة الراعية للموقع أو للمدونة جهة نفعية، مثل شركة دوائية صناعية أو تجارية يهمها تسويق أدوية معينة، أو جهة تبتغي النفع العام غير الربحي. حيث ترتبط المصداقية بانتفاء الفائدة الخاصة من تقديم المعلومات المنشورة، إضافة إلى خبرة واختصاص صاحب المعلومة.

  • احصل على أكثر من رأي من أكثر من موقع:

يجب بشكل عام عدم الاكتفاء برأي أو نصيحة أو معلومة صحية من مصدر واحد، حتى لو كانت مصداقية المصدر عالية. ابتغ الحصول على معلومات تؤكد ما توصلت إليه من مواقع ومراجع أخرى. إن تطابق المعلومات في أكثر من مصدر، خاصة إذا كانت من أصحاب خبرة، يضفي عليها مصداقية أكبر.

  • المعلومات الإلكترونية لا تغني عن الطبيب في حالات المرض:

إذا كانت المعلومات التي تبحث عنها تتعلق بالتمارين الرياضية التي تناسب حالتك الصحية التي شخصها طبيبك، أو بالأغذية المناسبة لتلك الحالة، أو لفوائد أو مضار طعام أو شراب معينين، أو للتعرف على الآثار الجانبية لدواء معين، فإنه يمكن الاستفادة منها دون مشاكل. أما إذا كانت المعلومات تتعلق بالحصول على قصة مرضية، وتاريخ عائلي، وتشخيص لأعراض تشبه الأعراض التي تجدها عندك، وعلاج معين لها في المواقع الإلكترونية، فإن هذا لا يعني أنك تستطيع تجربة أو اتباع العلاج المذكور في حالتك.
فوصف العلاج، هو من اختصاص الطبيب أولاً، والصيدلاني الذي تثق به ثانياً. وحتى لو شعرت أنك قد عرفت الحالة المرضية التي أصبت بها، عليك استشارة طبيبك قبل أخذ أي دواء. فالمفروض أن طبيبك وحده هو من يعرف أحوالك الصحية العامة وتحسساتك الدوائية وفعالية الأدوية المتوفرة والجرعات اليومية المناسبة، وأعراض مرضك الفعلية من خلال فحص طبي لا يستند إلى المشاعر والظنون.

إن المعلومات الصحية التي تحصل عليها من الانترنت، مهما كانت دقتها، هي ذات طبيعة تثقيفية وتوجيهية، ولا تغني عن مراجعة الطبيب المتخصص. يمكنك بالطبع أن تذكر ما وجدته لطبيبك، لكن اترك له تشخيص حالتك النهائي والعلاج، فهذا هو التصرف السليم.