اعتمدت كوريا الشمالية قبل أيام وبصورة مفاجئة توقيتا زمنيا خاصا بها أطلقت عليه اسم "توقيت بيونغ يانغ"، في خطوة يبدو أنها ذات بعد سياسي بالدرجة الأولى لمحو حقبة السيطرة اليابانية على البلاد من ذاكرة الشماليين إلى الأبد.


وأقر الزعيم كيم جونغ أون، الدكتاتور الصغير، كما دأب خصومه على وصفه تأخير التوقيت المحلي لبلاده ابتداء من السبت الماضي نصف ساعة، وهو ما طرح جدلا سياسيا لدى الكثير من المتابعين في شبه الجزيرة الكورية. بحسب "العرب اللندنية"


وأصدرت الحكومة الشيوعية بيانا بمناسبة الذكرى السبعين لتحرير كوريا الشمالية من حكم الامبراطورية اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية قالت فيه "لقد ارتكب المحتلون اليابانيون الكثير من الجرائم التي لا تغتفر وحرماننا حتى من توقيتنا الزمني الخاص بنا".


وعلى الرغم من أن البعض لم تفاجئه هذه العملية، إلا أنه قال بأن هذا القرار يعطي انطباعا بأن الزعيم الكوري الذي سيبلغ عمره في 28 سبتمبر القادم 33 عاما يسعى إلى تقوية صورته داخليا وخارجيا خصوصا بعد حملة الإعدامات التي شنها منذ تولي السلطة قبل حوالي عامين وطالت حتى المقربين من عائلته.


وبهذا القرار باتت كوريا الشمالية أحدث دولة تنضم لقائمة طويلة من دول قررت قرروا الخروج على قواعد الجغرافيا والتقاليد إلى جانب روسيا والصين والهند وغيرها من الدول.


وكانت آخر منطقة غيرت توقيتها هي القرم العام الماضي بعد أن ضمتها روسيا ليتوافق مع توقيت موسكو، رغم أن شبه الجزيرة تقع على بعد منطقتين زمنيتين وليس هناك أساس جغرافي لذلك.


وتعتبر روسيا أبرز مثال على استخدام تغيير الوقت لأغراض سياسية بسبب رقعتها الجغرافية الواسعة. والبلاد حاليا مقسمة إلى 11 قسما بشكل يفوق أي دولة أخرى على الكرة الأرضية.


ومع أن الدافع من وراء تعديل أو تغير الوقت، اقتصادي، إلا أن السياسة أصبحت الدافع الرئيسي وراء تقسيم العالم إلى العديد من المناطق الزمنية حيث تبلغ حاليا حوالي 40 منطقة حول العالم.


وما يلاحظ بشكل جلي أن الكثير من الدول لا تلتزم بذلك التقسيم وفق موقعها الجغرافي على الخارطة وأيضا على أساس خطوط العرض والطول مثل إيران وأفغانستان، كما أنها لا تلتزم بالتوقيت العالمي "غرينتش" لأن الأمر في نهاية المطاف متروك لحكومات وأنظمة تلك الدول بسبب كون اتخاذه مسألة اختيارية.


فكرة تغيير الوقت كانت ترمي في الأساس إلى تعزيز القدرة التنافسية بين الدول في المجال الاقتصادي بهدف تطوير استثماراتها وتحقيق التوازن التجاري ولفترة زمنية كل سنة.


ولم تطرح هذه المسألة إلا في بداية القرن الماضي الذي شهد حربين عالميتين مدمرتين وبدأت حينها عدة دول في استثمار تغيير الزمن لصالحها سياسيا واقتصاديا.


وكان الأميركي بنيامين فرانكلين أول من طرح فكرة التوقيت الصيفي في 1784، ولكنها لم تبد جدية إلا مع بداية القرن الماضي إذ طرحها من جديد البريطاني وليام ويلت الذي بذل جهودا في ترويجها. وقد انتهت جهوده بمشروع قانون ناقشه البرلمان البريطاني في عام 1909 قوبل بالرفض.


وتحققت هذه الفكرة لأول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى بعد أن أجبرت الظروف البلدان المتقاتلة على اعتماد وسائل جديدة للحفاظ على الطاقة فكانت ألمانيا أول بلد في العالم يعلن العمل بذلك التوقيت وتبعتها بريطانيا بعد فترة وجيزة.


ويعكس عزوف الأنظمة العربية عن استثمار تغيير التوقيت وفق موقعها الجغرافي الممتد من المحيط إلى الخليج، الكثير من نقاط الاستفهام يعتبره البعض تراخيا وتقاعسا غير مبررين لتعزيز مواقعها سياسيا واقتصاديا بشكل أكبر.


والتوقيت الصيفي الذي يبدأ كل عام في أوروبا في آخر يوم أحد من شهر مارس إلى آخر يوم أحد من شهر أكتوبر هو عبارة عن تغيير التوقيت الرسمي للبلاد حيث تقدم عقارب الساعة بستين دقيقة.