تسبب تصويت الشعب اليوناني بـ"لا" على مخطط الإصلاح المقترح من قبل الدائنين الدوليين، في حالة هلع غير مسبوقة في أوساط المؤسسات والدول الأوروبية.


وذكرت وكالة أنباء "آكي" الإيطالية اليوم الاثنين، أن اليونانيين صوتوا بنسبة 61.46%(حسب نتائج جزئية)، بالرفض على مخطط الإصلاح الذي كان دائنو أثينا (صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي ودول مجموعة اليورو) قد اقترحوه، مقابل الاستمرار في مد البلاد بالأموال اللازمة للوفاء باحتياجاتها وخاصة الاستمرار في سداد الدين.


وشكلت هذه النتيجة صدمة كبيرة، خاصة بالنسبة للمفوضية الأوروبية، التي لعبت دور الوسيط في المفاوضات بين اليونان ودائنيها لمدة أشهر، كما أنها مارست ضغوطاً شديدة من أجل حث اليونانيين على التصويت بنعم.
وتوالت ردود الفعل على الاستفتاء، إذ دعا رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إلى عقد قمة طارئة لدول مجموعة اليورو مساء غد الثلاثاء لتدارس الوضع.


وقرر كل من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عقد لقاء ثنائي مساء اليوم الأثنين في باريس للغرض نفسه.


ويعبر كل من هولاند وميركل عن تيارين مختلفين، فالأول يريد العودة إلى المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بصرف النظر عن نتائج التصويت، بينما لا ترى الثانية مانعاً من التوجه نحو سيناريوهات أخرى، من بينها إمكانية خروج اليونان من منطقة العملة الموحدة.


ومن جهته، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أنه سيعقد سلسلة مشاورات يوم غد مع الدائنين من أجل تدارس الوضع الجديد.


أما رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز فقد كان أكثر وضوحاً، إذ أكد في رسالة مسجلة احترامه لنتائج التصويت في اليونان، ..قائلا "وضع اليونان بات صعباً حالياً والكرة في ملعب قادتها".


وطالب شولتز الزعماء في اليونان بالتقدم باقتراحات جدية بسرعة من أجل إعادة التفاوض،مضيفاً "إذا لم يفعلوا ذلك، فالوضع سيزداد تعقيداً وهم يتحملون النتائج".


وعبر رئيس البرلمان الأوروبي عن قناعته بأن إمكانية فتح المصارف اليونانية، المغلقة منذ أسبوع، سيكون أمراً صعباً، في تلميح ضمني إلى إمكانية عدم قيام المصرف المركزي الأوروبي رفع سقف قروضه للمصارف اليونانية.


وقد يؤدي هذا الأمر - لو حدث - إلى إعلان حالة إفلاس الدولة اليونانية، ما يمهد الطريق أمام خروجها من منطقة اليورو.


وأشار شولتز إلى أن قمة اليورو الاستثنائية ستقرر برنامج مساعدات إنسانية لليونان، حتى لا تتسبب الأزمة في زيادة معاناة المواطنين في البلاد، "بسبب مواقف قادتهم".


ويبدو أن رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس قد خرج منتصراً بعد نتائج الاستفتاء، ووضع منطقة اليورو في موقف صعب وفي مواجهة تحديات غير مسبوقة داخلية وخارجية.


وفي هذا الإطار، يرى تسيبراس أن رفض برنامج الإصلاح سيشكل عنصر ضغط إضافي على أوروبا للتوصل إلى اتفاق أفضل مع الدائنين.


وتتمثل صعوبة أحد جوانب الوضع الذي تعيشه أوروبا اليوم في أن المعاهدات الأوروبية لم تنص على خروج أي دولة من منطقة اليورو، ومدى ارتباط ذلك ببقائها في الاتحاد الأوروبي.


ويرى المراقبون أن دول منطقة اليورو بشكل خاص، بالرغم من الضغوط الشديدة التي ستمارسها على أثينا في الفترة القادمة، لن تستطيع دفع الثمن السياسي والمالي لخروج اليونان، ما يعني أنهم سيسعون إلى مفاوضات جديدة ستكون أثينا هي الطرف الأقوى فيها.