بسم الله الرحمن الرحيم
إن الإفراط في أحلام اليقظة والسرحان والاستسلام لأضغاثها يمثل مشكلة خطيرة فما هي أحلام اليقظة؟ وما هو الأسلوب الملائم للتغلب عليها؟

كثيراً منا يذكر كيف كنا نستغرق في أحلامنا الممتعة أيام الطفولة ونصنع منها قصصاً عن الاكتشافات التي سوف تهز العالم وعن البطولات العنترية التي سوف تدعنا إلى مصاف أبطال التاريخ الأفذاذ، ونصدق أحياناً ما نتخيل أو ما نقرأ من مغامرات بوليسية وكنا نسعد لذلك وننتشي كأننا تخيلنا ما حققنا في الواقع الحي.

وسرعان ما نعود من أحلامنا إلى واقع حياتنا، وقد حفزتنا هذه اللحظات إلى بذل الجهد وتعبئة الطاقات لتحويل الحلم إلى حقيقة والخيال إلى واقع ملموس وتلك هي الصورة الصحية لأحلام اليقظة حيث تكون هذه الأحلام بمثابة الدافع المحرك لطاقاتنا الخلاقة إلى العمل والإبداع، فالأحلام من هذا النوع تلهب خيالنا بالطموح والتطلع إلى تأكيد ذواتنا وتحقيق إمكانياتنا بما تتيحه لنا من سعة الأفق ورحابة الفكر ولا شك أن المستعرض لتاريخ العظماء والعباقرة والمكتشفين لابد وأن يتأكد من هذه الحقيقة بنفسه مثل ابتكار أو اكتشاف لم يكن في البداية إلا حلماً جال بخاطر مبدعه وحفزه إلى أن يجرب ويجرب حتى أمكنه أن يحول هذا الحلم إلى حقيقة واقعة.

وهنا لا يكون الحلم بعيداً عن الواقع بل يكون عاملاً مساعداً في تقبل الواقع أولاً ثم تعلمه ثانيا ثم محاولة إعادة بنائه ثالثاً تمهيداً لتخطي الواقع الحاضر إلى واقع أفضل وأكثر بهجة وسعادة ولكن كثيراً منا يذكر أحلام اليقظة الوردية وكيف كنا نتعجل في هذه الأحلام أن نحقق كل طموحنا ورغباتنا بل ودورنا المنتظر مع من نحب... وننسج خيوط أحلامنا في لهفة اللقاء وطول الانتظار وسهر الليالي وعذاب الحرمان.
فمن استطاع على الاستغراق في هذه الأخابيل والأحلام فقد استطاع أن يشق طريقه في الحياة وحول أحلامه إلى حقيقة أما من استسلم إلى أحلامه فقد ظل طول حياته أسير أحلامه شأنه في ذلك شأن المدمن على تعاطي المخدرات، غير قادر على تحقيق أي شيء اللهم أن يحلم ويحلم...