القـــواعــد السديده في حماية العقيدة

اتباع المتشابه هو العلامة الفارقة بين الفريقين


فإذا أردت أن تعرف هؤلاء المضلين لتحذرهم فانظر إلى حججهم تجدها شبهات واحتمالات لا تدخل في دائرة القطعي أو المحكم كما قال تعالى:]إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس[النجم/23 . وكما قال أيضاً :]وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه[لماذا؟]ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[ أي تصريفه على ما يهوون ويشتهون : فبدلاً من الرجوع إلى الأدلة الواضحة يذهبون إلى كلمة من هنا وسطر من هناك مستغلين سعة اللغة العربية وانقسامها إلى حقيقة ومجاز ، وكونها تحتوي على ألفاظ مشتركة : وهي كل لفظة تحمل عدة معان ، كالعين مثلاً دون اعتبار للقرائن التي تحدد اللفظ بالمعنى المعين . وكذلك ما في القرآن من مجمل قد فصل في مكان آخر، أو مطلق قيد في موضع آخر، أو عام مخصص، فيقطعون المجمل عن تفصيله والمطلق عن قيده وهكذا.

طريقة كل المضلين


وهكذا لا توجد فرقة ضالة أو ديانة باطلة إلا وتستطيع الاحتجاج بالقرآن وغيره على طريقة المتشابه . بل هذا هو الواقع :
أليس القدري يحتج بمثل قوله تعالى: ]إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً[الإنسان/3 .

والجبري يحتج بقوله :]وما تشاءون إلا أن يشاء الله[الإنسان/30 مع أن الآيتين في سورة واحدة !
والخارجي يحتج بقوله: ]ان الحكم الا لله[ يوسف/40.
والمعطل يحتج بقوله ]ليس كمثله شيء[الشورى/11 .
والمشبه بقوله:]يد الله فوق أيديهم[الفتح /10 .
بل اليهود والنصارى يحتجون لصحة ديانتهم بالقرآن !!



أمثلة من احتجاج النصارى بالقرآن


اذكر هذا للمقارنة عسى ان ينتفع به من سيتبين له من هذه الأمثلة أن حجج النصارى – وكذلك اليهود - أقوى وأدل على المراد من حجج بعض الناس القائلين بـ(الإمامة) . وإذا كان الأمر كذلك فهل نترك ديننا لمثل هذه (المتشابهات) التي يتساوى لديها الكافر والمسلم ؟!
هذه طائفة من الآيات القرانية التي يحتج بها النصارى مقتبسة من خطاب مفتوح الى الشيخ (الشعراوي) موجهة اليه من الكنيسة القبطية في مصر انقلها بتصرف للاختصار :
يحتج صاحب الكتاب وهو يرد تهمة الكفر والشرك عن المسيحيين بقوله تعالى :
]ان الذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون[البقرة /62 قائلاً : يا فضيلة الشيخ النصارى من ضمن الذين آمنوا بالله وليسوا من الكفرة .
]إذ قال الله يا عيسى اني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة[آل عمران /55 يقول : فهل المسيحيون كفرة بموجب هذه الآية أم انهم فوق الذين كفروا ؟!
]لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ[ (آل عمران:113-114) . يقول : فالمسيحيون من الصالحين وليسوا من الكافرين .
]فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ ممَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ[(يونس: 94) يقول : فالمسلم اذا كان في شك مما انزل إليه فعليه أن يرجع إلى أهل الإنجيل فيسألهم ليدلوه على الحقيقة. فالمسيحيون هم المرجع ، فاذا لم يكن المرجع سليماً يا صديقي ضاع كل من حاول الرجوع اليه .
]فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون[الأنبياء /7. يقول: فمن هم اهل الذكر ؟ النصارى هم اهل الذكر. المسيحيون هم المرجع .
أي الفريقين أقوى حجة ؟!
وأنا اقول معلقاً على استدلال هذا النصراني بالآيتين الأخيرتين فقط :
أليست حجة المسيحي في الدلالة على أن ( أهل الذكر) المقصودين في الآية هم النصارى أقوى من حجة الإمامي حين يقول : إن المقصود ب]أهل الذكر[ هو (الأئمة المعصومون) ؟!
إن قوله تعالى :]فسألوا اهل الذكر[ يساوي ]فسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك[
وقوله] :ان كنتم لا تعلمون[يساوي قوله: ]فان كنت في شك مما انزل إليك[. ويستطيع النصراني ان يضيف قائلاً: اذا كان رسولكم مأموراً بنص كتابكم بالرجوع إلينا فكيف بكم ؟!
فالنصراني عنده قرينة وان كانت ظنية ، وهؤلاء لا قرينة عندهم البتة !
ولكن كيفية الاستدلال واحدة :
ان الفريقين يتفقون تماماً في اتباع طريقة واحدة على اختلافهم في قوة الحجة وضعفها :
فأنت ترى هذه الآيات مبتورة عن أمها ومرجعها .
وكل آية لا نرجع بها الى أصلها الواضح المتفق على دلالته فهي متشابهة ، والمحتج بها متبع للمتشابه .
ان (الذكر) في عموم القرآن هو القرآن نفسه كما في هذه الآيات وأمثالها :
]انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون[ الحجر/9
]وانه لذكر لك ولقومك[ الزخرف/44
]ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم[ آل عمران/58
]وقالوا يا أيها الذين نزل عليه الذكر انك لمجنون[ الحجر/6
]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم[ النحل/44
]وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون[ الأنبياء/50
]ان هو الا ذكر وقرآن مبين[ يس/69
]ص * والقرآن ذي الذكر[ ص/ 2،1
فإذا أخذنا بهذا العموم تبين لنا أن معنى الذكر في الآية هو القرآن ، فأهله هم أهل القرآن أي العلماء الربانيون . أما الأمر بالرجوع إلى (أهل الكتاب) الذي هو أحد معاني الآية فليس على إطلاقه ، وإنما هو في أمر خاص معلوم لديهم هو كون الأنبياء رجالاً . وليست الآية حجة للنصراني دون اليهودي . فحصول الشبهة جاء من تعميم أمر خاص . وتعميم الخاص اتباع للمتشابه كتخصيص العام وتقييد المطلق وإطلاق المقيد . ولولا قطع الآية عن ( أمها ) ومرجعها لما استطاع النصراني أن يحتج بها على ما أراد من كون المسيحيين هم المرجع على الإطلاق .
وهكذا فعل الذين احتجوا لـ( عصمة الأئمة ) أو (الإمامة) - مثلاً - بقوله تعالى:]إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا[إذ عمدوا إلى آية من القرآن فاقتطعوا منها هذا الجزء - وهو آخرها - وفصلوه عن أولها؛ فلا ينتبه القارئ إلى العلاقة العضوية بينهما . وسموا هذا الجزء بـ(آية التطهير) إمعاناً في صرف نظره عن الآية كاملة وهي قوله تعالى خطاباً لأزواج النبي r :]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ...[ الأحزاب/34.
وقاموا كذلك بفصل الآية عن الآية التي بعدها التي تعزز أن المقصود بالخطاب هو أمهات المؤمنين دون سواهن ، وهي قوله تعالى : ]وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً[(الأحزاب:34). وفصلوها أيضاً عن السياق كله الذي هو خطاب لأمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) : اذ بدأ بقوله تعالى:]يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالينَ – إلى قوله – وان كنتن تردن الله ورسوله – الى قوله – يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة – الى قوله – ومن يقنت منكن الله ورسوله – الى قوله – يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن– الى قوله - وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله– ثم يأتي قوله تعالى مباشرة – انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً– ثم يستمر بقوله – واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً[(الأحزاب /28-35).
وقطعوا النص عن مثله كقوله تعالى عن أهل بدر :
]إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ[ (لأنفال:11) .
وقوله عن المؤمنين جميعاً : ]خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها[ التوبة /103.
فلفظ (التطهير) إذن لا يعني (بالعصمة) في استعمال القرآن، ولا علاقة له بـ(الإمامة).


اتباع المتشابه هو العلامة الفارقة بين الفريقين


فإذا أردت أن تعرف هؤلاء المضلين لتحذرهم فانظر إلى حججهم تجدها شبهات واحتمالات لا تدخل في دائرة القطعي أو المحكم كما قال تعالى:]إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس[النجم/23 . وكما قال أيضاً :]وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه[لماذا؟]ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[ أي تصريفه على ما يهوون ويشتهون : فبدلاً من الرجوع إلى الأدلة الواضحة يذهبون إلى كلمة من هنا وسطر من هناك مستغلين سعة اللغة العربية وانقسامها إلى حقيقة ومجاز ، وكونها تحتوي على ألفاظ مشتركة : وهي كل لفظة تحمل عدة معان ، كالعين مثلاً دون اعتبار للقرائن التي تحدد اللفظ بالمعنى المعين . وكذلك ما في القرآن من مجمل قد فصل في مكان آخر، أو مطلق قيد في موضع آخر، أو عام مخصص، فيقطعون المجمل عن تفصيله والمطلق عن قيده وهكذا.

طريقة كل المضلين


وهكذا لا توجد فرقة ضالة أو ديانة باطلة إلا وتستطيع الاحتجاج بالقرآن وغيره على طريقة المتشابه . بل هذا هو الواقع :
أليس القدري يحتج بمثل قوله تعالى: ]إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً[الإنسان/3 .
والجبري يحتج بقوله :]وما تشاءون إلا أن يشاء الله[الإنسان/30 مع أن الآيتين في سورة واحدة !
والخارجي يحتج بقوله: ]ان الحكم الا لله[ يوسف/40.
والمعطل يحتج بقوله ]ليس كمثله شيء[الشورى/11 .
والمشبه بقوله:]يد الله فوق أيديهم[الفتح /10 .
بل اليهود والنصارى يحتجون لصحة ديانتهم بالقرآن !!



أمثلة من احتجاج النصارى بالقرآن


اذكر هذا للمقارنة عسى ان ينتفع به من سيتبين له من هذه الأمثلة أن حجج النصارى – وكذلك اليهود - أقوى وأدل على المراد من حجج بعض الناس القائلين بـ(الإمامة) . وإذا كان الأمر كذلك فهل نترك ديننا لمثل هذه (المتشابهات) التي يتساوى لديها الكافر والمسلم ؟!
هذه طائفة من الآيات القرانية التي يحتج بها النصارى مقتبسة من خطاب مفتوح الى الشيخ (الشعراوي) موجهة اليه من الكنيسة القبطية في مصر انقلها بتصرف للاختصار :
يحتج صاحب الكتاب وهو يرد تهمة الكفر والشرك عن المسيحيين بقوله تعالى :
]ان الذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون[البقرة /62 قائلاً : يا فضيلة الشيخ النصارى من ضمن الذين آمنوا بالله وليسوا من الكفرة .
]إذ قال الله يا عيسى اني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة[آل عمران /55 يقول : فهل المسيحيون كفرة بموجب هذه الآية أم انهم فوق الذين كفروا ؟!
]لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ[ (آل عمران:113-114) . يقول : فالمسيحيون من الصالحين وليسوا من الكافرين .
]فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ ممَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ[(يونس: 94) يقول : فالمسلم اذا كان في شك مما انزل إليه فعليه أن يرجع إلى أهل الإنجيل فيسألهم ليدلوه على الحقيقة. فالمسيحيون هم المرجع ، فاذا لم يكن المرجع سليماً يا صديقي ضاع كل من حاول الرجوع اليه .
]فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون[الأنبياء /7. يقول: فمن هم اهل الذكر ؟ النصارى هم اهل الذكر. المسيحيون هم المرجع .
أي الفريقين أقوى حجة ؟!
وأنا اقول معلقاً على استدلال هذا النصراني بالآيتين الأخيرتين فقط :
أليست حجة المسيحي في الدلالة على أن ( أهل الذكر) المقصودين في الآية هم النصارى أقوى من حجة الإمامي حين يقول : إن المقصود ب]أهل الذكر[ هو (الأئمة المعصومون) ؟!
إن قوله تعالى :]فسألوا اهل الذكر[ يساوي ]فسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك[
وقوله] :ان كنتم لا تعلمون[يساوي قوله: ]فان كنت في شك مما انزل إليك[. ويستطيع النصراني ان يضيف قائلاً: اذا كان رسولكم مأموراً بنص كتابكم بالرجوع إلينا فكيف بكم ؟!
فالنصراني عنده قرينة وان كانت ظنية ، وهؤلاء لا قرينة عندهم البتة !
ولكن كيفية الاستدلال واحدة :
ان الفريقين يتفقون تماماً في اتباع طريقة واحدة على اختلافهم في قوة الحجة وضعفها :
فأنت ترى هذه الآيات مبتورة عن أمها ومرجعها .
وكل آية لا نرجع بها الى أصلها الواضح المتفق على دلالته فهي متشابهة ، والمحتج بها متبع للمتشابه .
ان (الذكر) في عموم القرآن هو القرآن نفسه كما في هذه الآيات وأمثالها :
]انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون[ الحجر/9
]وانه لذكر لك ولقومك[ الزخرف/44
]ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم[ آل عمران/58
]وقالوا يا أيها الذين نزل عليه الذكر انك لمجنون[ الحجر/6
]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم[ النحل/44
]وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون[ الأنبياء/50
]ان هو الا ذكر وقرآن مبين[ يس/69
]ص * والقرآن ذي الذكر[ ص/ 2،1
فإذا أخذنا بهذا العموم تبين لنا أن معنى الذكر في الآية هو القرآن ، فأهله هم أهل القرآن أي العلماء الربانيون . أما الأمر بالرجوع إلى (أهل الكتاب) الذي هو أحد معاني الآية فليس على إطلاقه ، وإنما هو في أمر خاص معلوم لديهم هو كون الأنبياء رجالاً . وليست الآية حجة للنصراني دون اليهودي . فحصول الشبهة جاء من تعميم أمر خاص . وتعميم الخاص اتباع للمتشابه كتخصيص العام وتقييد المطلق وإطلاق المقيد . ولولا قطع الآية عن ( أمها ) ومرجعها لما استطاع النصراني أن يحتج بها على ما أراد من كون المسيحيين هم المرجع على الإطلاق .
وهكذا فعل الذين احتجوا لـ( عصمة الأئمة ) أو (الإمامة) - مثلاً - بقوله تعالى:]إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا[إذ عمدوا إلى آية من القرآن فاقتطعوا منها هذا الجزء - وهو آخرها - وفصلوه عن أولها؛ فلا ينتبه القارئ إلى العلاقة العضوية بينهما . وسموا هذا الجزء بـ(آية التطهير) إمعاناً في صرف نظره عن الآية كاملة وهي قوله تعالى خطاباً لأزواج النبي r :]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ...[ الأحزاب/34.
وقاموا كذلك بفصل الآية عن الآية التي بعدها التي تعزز أن المقصود بالخطاب هو أمهات المؤمنين دون سواهن ، وهي قوله تعالى : ]وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً[(الأحزاب:34). وفصلوها أيضاً عن السياق كله الذي هو خطاب لأمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) : اذ بدأ بقوله تعالى:]يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالينَ – إلى قوله – وان كنتن تردن الله ورسوله – الى قوله – يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة – الى قوله – ومن يقنت منكن الله ورسوله – الى قوله – يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن– الى قوله - وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله– ثم يأتي قوله تعالى مباشرة – انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً– ثم يستمر بقوله – واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً[(الأحزاب /28-35).
وقطعوا النص عن مثله كقوله تعالى عن أهل بدر :
]إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ[ (لأنفال:11) .
وقوله عن المؤمنين جميعاً : ]خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها[ التوبة /103.
فلفظ (التطهير) إذن لا يعني (بالعصمة) في استعمال القرآن، ولا علاقة له بـ(الإمامة).
اتباع المتشابه هو العلامة الفارقة بين الفريقين



فإذا أردت أن تعرف هؤلاء المضلين لتحذرهم فانظر إلى حججهم تجدها شبهات واحتمالات لا تدخل في دائرة القطعي أو المحكم كما قال تعالى:]إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس[النجم/23 . وكما قال أيضاً :]وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه[لماذا؟]ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[ أي تصريفه على ما يهوون ويشتهون : فبدلاً من الرجوع إلى الأدلة الواضحة يذهبون إلى كلمة من هنا وسطر من هناك مستغلين سعة اللغة العربية وانقسامها إلى حقيقة ومجاز ، وكونها تحتوي على ألفاظ مشتركة : وهي كل لفظة تحمل عدة معان ، كالعين مثلاً دون اعتبار للقرائن التي تحدد اللفظ بالمعنى المعين . وكذلك ما في القرآن من مجمل قد فصل في مكان آخر، أو مطلق قيد في موضع آخر، أو عام مخصص، فيقطعون المجمل عن تفصيله والمطلق عن قيده وهكذا.


طريقة كل المضلين


وهكذا لا توجد فرقة ضالة أو ديانة باطلة إلا وتستطيع الاحتجاج بالقرآن وغيره على طريقة المتشابه . بل هذا هو الواقع :
أليس القدري يحتج بمثل قوله تعالى: ]إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً[الإنسان/3 .
والجبري يحتج بقوله :]وما تشاءون إلا أن يشاء الله[الإنسان/30 مع أن الآيتين في سورة واحدة !
والخارجي يحتج بقوله: ]ان الحكم الا لله[ يوسف/40.
والمعطل يحتج بقوله ]ليس كمثله شيء[الشورى/11 .
والمشبه بقوله:]يد الله فوق أيديهم[الفتح /10 .
بل اليهود والنصارى يحتجون لصحة ديانتهم بالقرآن !!



أمثلة من احتجاج النصارى بالقرآن


اذكر هذا للمقارنة عسى ان ينتفع به من سيتبين له من هذه الأمثلة أن حجج النصارى – وكذلك اليهود - أقوى وأدل على المراد من حجج بعض الناس القائلين بـ(الإمامة) . وإذا كان الأمر كذلك فهل نترك ديننا لمثل هذه (المتشابهات) التي يتساوى لديها الكافر والمسلم ؟!
هذه طائفة من الآيات القرانية التي يحتج بها النصارى مقتبسة من خطاب مفتوح الى الشيخ (الشعراوي) موجهة اليه من الكنيسة القبطية في مصر انقلها بتصرف للاختصار :
يحتج صاحب الكتاب وهو يرد تهمة الكفر والشرك عن المسيحيين بقوله تعالى :
]ان الذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون[البقرة /62 قائلاً : يا فضيلة الشيخ النصارى من ضمن الذين آمنوا بالله وليسوا من الكفرة .
]إذ قال الله يا عيسى اني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة[آل عمران /55 يقول : فهل المسيحيون كفرة بموجب هذه الآية أم انهم فوق الذين كفروا ؟!
]لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ[ (آل عمران:113-114) . يقول : فالمسيحيون من الصالحين وليسوا من الكافرين .
]فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ ممَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ[(يونس: 94) يقول : فالمسلم اذا كان في شك مما انزل إليه فعليه أن يرجع إلى أهل الإنجيل فيسألهم ليدلوه على الحقيقة. فالمسيحيون هم المرجع ، فاذا لم يكن المرجع سليماً يا صديقي ضاع كل من حاول الرجوع اليه .
]فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون[الأنبياء /7. يقول: فمن هم اهل الذكر ؟ النصارى هم اهل الذكر. المسيحيون هم المرجع .
أي الفريقين أقوى حجة ؟!
وأنا اقول معلقاً على استدلال هذا النصراني بالآيتين الأخيرتين فقط :
أليست حجة المسيحي في الدلالة على أن ( أهل الذكر) المقصودين في الآية هم النصارى أقوى من حجة الإمامي حين يقول : إن المقصود ب]أهل الذكر[ هو (الأئمة المعصومون) ؟!
إن قوله تعالى :]فسألوا اهل الذكر[ يساوي ]فسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك[
وقوله] :ان كنتم لا تعلمون[يساوي قوله: ]فان كنت في شك مما انزل إليك[. ويستطيع النصراني ان يضيف قائلاً: اذا كان رسولكم مأموراً بنص كتابكم بالرجوع إلينا فكيف بكم ؟!
فالنصراني عنده قرينة وان كانت ظنية ، وهؤلاء لا قرينة عندهم البتة !
ولكن كيفية الاستدلال واحدة :
ان الفريقين يتفقون تماماً في اتباع طريقة واحدة على اختلافهم في قوة الحجة وضعفها :
فأنت ترى هذه الآيات مبتورة عن أمها ومرجعها .
وكل آية لا نرجع بها الى أصلها الواضح المتفق على دلالته فهي متشابهة ، والمحتج بها متبع للمتشابه .
ان (الذكر) في عموم القرآن هو القرآن نفسه كما في هذه الآيات وأمثالها :
]انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون[ الحجر/9
]وانه لذكر لك ولقومك[ الزخرف/44
]ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم[ آل عمران/58
]وقالوا يا أيها الذين نزل عليه الذكر انك لمجنون[ الحجر/6
]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم[ النحل/44
]وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون[ الأنبياء/50
]ان هو الا ذكر وقرآن مبين[ يس/69
]ص * والقرآن ذي الذكر[ ص/ 2،1
فإذا أخذنا بهذا العموم تبين لنا أن معنى الذكر في الآية هو القرآن ، فأهله هم أهل القرآن أي العلماء الربانيون . أما الأمر بالرجوع إلى (أهل الكتاب) الذي هو أحد معاني الآية فليس على إطلاقه ، وإنما هو في أمر خاص معلوم لديهم هو كون الأنبياء رجالاً . وليست الآية حجة للنصراني دون اليهودي . فحصول الشبهة جاء من تعميم أمر خاص . وتعميم الخاص اتباع للمتشابه كتخصيص العام وتقييد المطلق وإطلاق المقيد . ولولا قطع الآية عن ( أمها ) ومرجعها لما استطاع النصراني أن يحتج بها على ما أراد من كون المسيحيين هم المرجع على الإطلاق .
وهكذا فعل الذين احتجوا لـ( عصمة الأئمة ) أو (الإمامة) - مثلاً - بقوله تعالى:]إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا[إذ عمدوا إلى آية من القرآن فاقتطعوا منها هذا الجزء - وهو آخرها - وفصلوه عن أولها؛ فلا ينتبه القارئ إلى العلاقة العضوية بينهما . وسموا هذا الجزء بـ(آية التطهير) إمعاناً في صرف نظره عن الآية كاملة وهي قوله تعالى خطاباً لأزواج النبي r :]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ...[ الأحزاب/34.
وقاموا كذلك بفصل الآية عن الآية التي بعدها التي تعزز أن المقصود بالخطاب هو أمهات المؤمنين دون سواهن ، وهي قوله تعالى : ]وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً[(الأحزاب:34). وفصلوها أيضاً عن السياق كله الذي هو خطاب لأمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) : اذ بدأ بقوله تعالى:]يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالينَ – إلى قوله – وان كنتن تردن الله ورسوله – الى قوله – يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة – الى قوله – ومن يقنت منكن الله ورسوله – الى قوله – يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن– الى قوله - وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله– ثم يأتي قوله تعالى مباشرة – انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً– ثم يستمر بقوله – واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً[(الأحزاب /28-35).
وقطعوا النص عن مثله كقوله تعالى عن أهل بدر :
]إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ[ (لأنفال:11) .
وقوله عن المؤمنين جميعاً : ]خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها[ التوبة /103.
فلفظ (التطهير) إذن لا يعني (بالعصمة) في استعمال القرآن، ولا علاقة له بـ(الإمامة).