حد الصداقة

قال ابن عقيل :
أنا أقول الذي ينبغي أن يكون حد الصداقة اكتساب نفس إلى نفسك ، وروح إلى روحك وهذا الحد يريحك عن طلب ما ليس في الوجود حصوله ; لأن نفسك الأصلية لا تعطيك محض النفع الذي لا يشوبه إضرار فالنفس المكتسبة لا تطلب منها هذا العيار وقد بينت العلة في تعذر الصفو الخالص وهي تغاير الأمزجة ، وتغليب الأخلاط ، واختلاف الأزمنة والأغذية فإن رطب وراق بالماء ورق بالهواء ثقل ورسب بالتراب ، وإن شف وصفا بالروح كثف وكدر بالجسد ، وإن استقام بالعقل ترنح بالهوى وإن [ ص: 579 ] خشع بالموعظة قسا بالغرور ، وإن لطف بالفكر غلظ بالغفلة ، وإن سخا بالرجاء بخل بالقنوط .
فإذا كانت الخلال في الشخص الواحد بهذه المشاكلة من التنافر ، كيف يطلب من الشخصين المتغايرين بالخلقة ، والأخلاق الاتفاق ، والائتلاف ؟ فإذا ثبتت هذه القاعدة أفادت شيئين : إقامة الأعذار وحسن التأويل الحافظ للمودات والدخول على بصيرة بأن ما يندر من الأخلاق المحمودة إذا غلب على أخلاق الشخص مع الشخص فهما الصديقان ، فأما طلب الدوام والسلامة من الإخلال في ذلك والانخرام فهو الذي أوجب القول لمن قال إن الصديق اسم لمن لم يخرج إلى الوجود وإن تبع ذلك في الأسماء كلها وجب إفلاس المسميات .
فأما تسمية الإنسان نفسه عبدا مع ارتكاب المخالفة فهي بعيدة عن الحقيقة إنما أنت عبد من طريق شواهد الصنعة التي تنطق بوحدته فيها بغير شريك له في إخراجه إلى الوجود ، فأما من طريق إجابة عادة العبد المعبود فلا فمن لا يصفو له اسم عبد لرب أبدأه وأنشأه ولا يصفو لنفسه في اسم ناصح لها بطاعة عقله ، وعصيان هواه يراد منه أن يصفو فيه اسم صديق فاقنع من الصداقة بما قنع الله سبحانه منك في العبودية ، مع أنك ما صفوت في الاسم فأنت إلى أن تكون عبد هواك وشيطانك أقرب ; لأن موافقتها فيه أكثر إلى أن قال ولا اقتصر في ذاك على الآدمي بل كل موجود صدر عن الفاعل جلت عظمته لم يصف من شوب حتى الأغذية والأدوية ذات المضار والمنافع إلى أن قال وإذا كان الأمر كله كذا فطلب ما وراء الطباع طلب ما لا يستطاع ، وذلك نوع من العنت ، والتنطع ومن طلب العزيز الممتنع عذب نفسه وجهل عقله وضلل رأيه ، وقبيح بالعقل أن يعتمد إضرار نفسه وإتعابها فيما لا يجدي نفعا بتعجيل التعب ضررا ومع كون النفس تطلب الكمال في [ ص: 580 ] الصداقة وفي العيش وغير ذلك مما قد ظهر إلى الوجود ناقصا فلا بد أن يكون في طي القدرة والعلم الإلهي ذلك ويستخرجه إلى الوجود وقت الإعادة وإرادة الحياة الدائمة ومنحه النعيم الباقي .
ثم ذكر صفة الجنة والنار إلى أن قال : يقطع الكلام في هذا المقام أن يقال إن وجدت من نفسك خلال الصداقة وشروطها مع النقد والاختبار من الهوى لم تجد لنفسك ثانيا فقل ما شئت من اللوم ، والعذل والتوبيخ ونح على أبناء الزمان بالوحدة في هذا المقام ، فأما إذا لم تجد ذاك في نفسك لعجز البنية عنه فاقطع القول في ذلك فلا مؤاخذة على ما لا يدخل تحت القدرة ، وقال أيضا صداقة العقلاء قرابة الأبد ، ومحبة الدخلاء فرح ساعة .

الصداقة الناجحة

الصداقة الناجحة كيف تبدا وكيف تستمر ؟؟؟؟ ان الانسان كائن اجتماعي بطبيعته لذا فان نجاحه في تكوين اصدقاء واستمرار علاقته معهم يعد شرطا اساسيا من شروط تمتعه بصحة نفسية وجسمية واستمتاعه بحياة لها معنى ومع ان التراث الانساني زاخر بكتابات حول الصداقة والاصدقاء الا ان معظم هذا التراث القديم منه والحديث يمثل تأملات وانطباعات تقوم على اساس الخبرة الشخصية حيث يعطي للصداقة طابعا ايجابيا اذا توافرت للشخص الذي يسجل خبرته انواع من الخبرات الايجابية ويعطيها طابعا سلبيا في حالة توافرت خبرات محبطة مع الاصدقاء الاان الامر ليس كذلك حيث توجد صداقات دائمة ومديدة وطويلة وجديرة بالاهتمام والبحث ووضعها ضمن دائرة البحث العلمي للاستفادة منها ووضع عبر ودروس وتوصيات للشباب ليستفيدوا منهم في اطار علاقاتهم سواء منها علاقات الصداقة او العلاقات الحبية او الزمالة في العمل او في المدرسة او الجامعة ارسطو والصداقة يبين ارسطو ان الصداقة حد وسط بين خلقين فالصديق هو الشخص الذي يعرف كيف يكون مقبولا من الاخرين كما ينبغي اما الشخص الذي يبالغ حتى يكون مقبولا لدى الجميع الى الدرجة التي تجعله لا يعارض في أي شيء حتى لا يسيء الى الاخرين فهو المساير وذلك ان كان يفعل هذا بدون سعي الى منفعة شخصية وانما لولعه بالارضاء اما ان كان يهدف من مسايرته الى مصلحة شخصية فهو المتملق وعلى الضد يصف ارسطو الشخص الذي لا يكترث بالقبول من جانب الاخرين بانه الشرس والعسر والمشاغب والصعب في المعيشة ولا يحبذ ارسطو الا الوضع الوسط ويرى ان هذا الوضع يشبه الصداقة ويعلل اايه باننا اكثر استعدادا لقبول الشخص الذي ينتمي الى هذا الوضع كصديق لنا اذا جمع الى رغبته في التقبل الشعور بالميل الينا وعموما هناك بعض الناس يفعلون مايجب وما ينبغي ان يفعلوه مع من يعرفونهم ومن لا يعرفونهم ليس لحب ولا لبغض ولكن لحرصهم على ان تكون معاملاتهم مع الاخرين كما ينبغي ان تكون المعاملة ونحن هنا بحاجة ماسة الى هذه المشاعر والعلاقات الودية الخوية مع الجميع وخاصة في محيط العمل حيث يجب على المدير ان يكون صديق جميع العاملين ويجب على المدرس ان يكون صديق جميع التلاميذ وجب على السياسي ان يكون صديق جميع ناخبيه فنحن بحاجة الى تمتين العلاقات الجماعية المجتمعية لان لهذه العلاقات انعكاسات على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والوطني تعريف الصداقة الصداقة هي عطف متبادل بين شخصين حيث يريد كنل منهما الخير للاخر مع العلم بتلك المشاعر المتبادلة فيما بينهما والصديق هو من يعيش معك والذي يتحد واياك في الاذواق والذي تسره مسراتك وتحزنه احزانك وبذلك تقوم الصداقة على المعاشرة والتشابه والمشاركة الوجدانية والصداقة لا تقوم بين الافراد والاشخاص فقط بل تقوم بين الامم والشعوب والدول والمنظمات والمدن والصداقة هي احدى الحاجات الضرورية للحياة لانه لا يقدر ان يعيش احد بلا اصدقاء مهما توفرت له الخيرات فالأصدقاء هم الملاذ الذي نلجأ اليه وقت الشدة والضيق والصداقة ضرورية للشباب لانها تمده بالنصائح التي تحميه من الزلل وهي مهمة للشيخ تعينه حيث يتقدم العمر ويضعف البدن ويقول ارسطو قوله الرائع (( متى احب الناس بعضهم البعض لم تعد حاجة الى العدل غير انهم مهما عدلوا فانهم لا غنى لهم عن الصداقة كما يقول من كثرت اصدقائه لا صديق له لان الانسان لا يستطيع ان يحافظ على صداقات كثيرة لان الصداقة تحتاج الى عطاء واهتمام ويضع ارسطو ثلاثة اسس للمحبة هي : · المنفعة · اللذة · الفضيلة ويقول ان صداقة المنفعة عرضية تنقطع بانقطاع الفائدة اما صداقة اللذة فتنعقد بسهولة وتنحل بسهولة بعد اشباع اللذة اة تغير طبيعتها اما صداقة الفضيلة فهي افضل صداقة وتقوم على تشابه الفضيلة وهي اكثر دواما وتكون الصداقة اكمل ما تكون عندما تتوافر لها الاسس الثلاثة المنفعة واللذة والفضيلة والصداقة الحقة لا تتكون بسرعة ابدا وانها لا تكتمل الا على مدى الزمن وبشكل عام تقوم الصداقة في الاساس على المساواة في المكانة الاجتماعية حيث يتبادل الاصدقاء الخدمات ذاتها او يتعاوضون مزية باخرى ويقول ارسطو ان الناس لا يصيرون اصدقاء عندما تتفاوت مراكزهم وانا اؤيد ارسطو في ذلك لانه عندما تتسع المسافات لا سيما الثروة والمستوى الثقافي تنتهي الصداقات الصداقة العربية الصداقة من الصدق والصدق نقيض الكذب وبهذا تكون الصداقة هي صدق النصيحة والاخاء والصديق هو المصادق لك والجمع صدقاء وصدقان واصدقاء واصادق وقد يقال للواحد والجمع والمؤنث صديق والصداقة تعني ايضا اتفاق الضمائر على المودة وهناك فرق بين الصاحب والقرين وقد كتب الكثير من العرب في موضوع الصداقة واهمهم : · ابن المقفع · ابي الحسن الماوردي · ابن مسكويه · ابي حيان التوحيدي · ابي حامد الغزالي ويقول الغزالي: من حقوق الصحبة الواجبة مع الا صدقاء : · الايثار بالمال · المبادرة بالاعانة · كتمان السر · ستر العيوب · ابلاغ مايسر من ثناء الناس على الصديق · حسن الاصغاء عند الحديث · شكره على صنيعه في وجهه · الدفاع عنه في غيبته · العفو عن زلته · احسان الوفاء مع اهله · نصحه باللطف · التخفيف عنه في المكاره فوائد الصداقة *علاقة اجتماعية وثيقة حيث يؤثر كل طرف بالاخر * المساندة والتشجيع ودعم الثقة بالنفس التقويم الايجابي للذات · التحقق من صحة الافكار والاراء الشخصية · توسيع المعراف والافكار والرؤى الشخصية · النفع المباشر بتسخير الوقت والموارد الشخصية لخدمة الصديق · تحقيق الاستقرار النفسي الصداقة وعلاقات اجتماعية اخرى · الزمالة وهي اقل من الصداقة · الصديق المقرب وفيه اعلى درجات الحب · الصديق الاجتماعي وهوالصديق العرضي وفيه درجة محدودة من الحب والمشاركة والمساعدة · المشارك في نشاط وهو من يعمل في مشروع مع شخص اخر وقد تتضمن بعض مشاعر الحب · المعارف وهي علاقات لا تنهض على الصداقة كالجيران واعضاء النادي · الحب وهوعلاقة عاطفية بين الجنسين والحب يشبه الصداقة في وجوه عديدة اهمها : - الاستمتاع برفقة الطرف الاخر - تقبل الطرف الاخر كما هو - الثقة في حرص كل طرف على مصالح الطرف الاخر - احترام الصديق او الحبيب والاعتقاد في حسن تصرفه - المساعدة المتبادلة والنجدة عند الحاجة - التلقائية وشعور كل طرف بانه على طبيعته في وجود الاخر - الافصاح عن الخبرات والمشاعر الشخصية خصائص تنفرد فيها علاقة الحب · الافتتان ويعني ميل الى المحبوب والانشعال به وادامة النظر اليه والتامل فيه والبقاء بجواره · التفرد أي تميز العلاقة عن العلاقات الاخرى والاخلاص للمحبوب والامتناع عن اقامة علاقة مماثلة مع طرف ثالث · الرغبة الجنسية أي رغبة المحب في القرب البدني من الطرف الاخر ولمسه ومداعبته · العناية التامة وتعني تقديم اقصى ما يمكن والدفاع والمناصرة ومساندته على النجاح وظائف نفسية واجتماعية للصداقة · خفض مشاعر الوحدة · دعم المشاعر الايجابية السارة · الاسهام في عليات التنشئة الاجتماعية · الافصاح عن الذات · المساندة الاجتماعية · المشاركة في الميول والاهتمامات · تنمية العلاقات الاجتماعية مع الاخرين · الضبط الاجتماعي الصداقة في الميزان تلعب الصداقة دور كبير جدا في التفاعل الاجتماعي وتؤدي الى الغيرية والإيثار والتضحية والمساعدة وجميع هذه القيم مهمة جدا ان تنتشر في محيط العمل وفي اجواء المؤسسات التي نعمل بها ونحن بحاجة ماسة اليوم الى قيم الصداقة والتعاونية والتشاركية والتواصلية والتفاعلية ويجب ان نتعلم جميعا اساليب حل الخلافات بين الاصدقاء الصغار والكبار لان ذلك ينعكس على العمل العام وعلى الخير العام ويجب تعريف واضح للصداقة وتضمينه المناهج المدرسية والجامعية كما نقترح التالي : *اجراء دراسات حول تصور الاشخاص لوظائف الصداقة *تعليم مهارات بدء علاقات الصداقة والحفاظ عليها * تحليل مصادر الخلاف بين الاصدقاء ووضع الحلول من نتائج التحليل *يجب اعتبار الصداقة شيئا مهما في حياتنا العامة والخاصة والمهنية والعاطفية والجامعية وغيرها ما الذي يشكل الخلاف بين الاصدقاء؟؟ · اختلاف وجهات النظر · الخيانة والخداع · السخرية والاستهزاء · الغيرة والحقد · التنافس · الاعتداء على الممتلكات والحقوق الشخصية · التفاخر والغرور · الخذلان وعدم الاهتمام · المداعبة البدنية الخشنة كيف نحل الخلاف بين الاصدقاء؟؟؟ *المواجهة والتفاهم والنقاش الهادئ * التسامح والاعتذار *التجنب وتفادي الخلاف وعدم تكرار الموقف *وساطة طرف ثالث * اظهار الاهتمام بالطرف الاخر مقترحات لكسب محبة الناس بشكل عام *اظهر اهتماما بالناس * ابتسم *خاطب الاخرين باسمائهم *كن مستمعا طيبا * تكلم فيما يسر محدثك * قدم اقتراحات مهذبة ولا تصدر اوامر *دع الرجل الاخر يحتفظ بما وجهه *حبب الى الشخص الاخر العمل الذي تقترحه عليه * اجعل الغلطة التي تريد اصلاحها ميسورة التصحيح في نهاية الامر اقول يجب العناية بتحسين العلاقات الاجتماعية لابنائنا ويجب التمييز بين الصداقة بين المراهقين والصغار والكبار ويجب تعزيز الصداقة بين الكبار ويجب دعم برنامج مهارات الصداقة في اطار برنامج متكامل نقدم من خلاله الخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية والتعليمية لشبابنا امل ان أكون قد وفقت في الا ضاءة على جانب من الموضوع