لماذا يحرم الإسلام الخنزير ، مع أنه مخلوق من مخلوقات الله ؟
ولماذا خلق الله الخنزير إذاً ؟!....


الجواب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وعلىالصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين..

أما بعد ...

أولا :


لقد حرم ربنا جل وعلاأكل الخنزير تحريما قطعيا ، قال تعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماًمَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) الأنعام/145

ومن رحمةالله تعالى بنا ، وتيسيره علينا ، أنه أباح لنا أكل الطيبات ، ولم يحرم علينا إلاالخبائث ، قال تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُالْخَبَائِثَ ) الأعراف/157

فنحن لا نشك لحظة أن الخنزير حيوان خبيث قذر ،فإن أكله مضر بالإنسان ، ثم هو يعيش على الأوساخ والقاذورات ، وهو ما تأباه النفسالسوية وتعافه وترفض تناوله ، لما فيه من إخلال بطبع الإنسان ومزاجه السوي الذيخلقه الله عز وجل فيه .


ثانيا:

وأما أضرار أكل الخنزير علىجسم الإنسان ، فقد أثبت الطب الحديث جملة منها :

• يعد لحم الخنزير من أكثرأنواع اللحوم الحيوانية التي تحتوي مادة الكوليسترول الدهنية ، والتي تقترن زيادتهافي دم الإنسان بزيادة فرص الإصابة بتصلب الشرايين. كما أن تركيب الأحماض الدهنية فيلحم الخنزير تركيب شاذ غريب يختلف عن تركيب الأحماض الدهنية في الأغذية الأخرى، ممايجعل امتصاصها أسهل بكثير من غيرها في الأغذية الأخرى وبالتالي زيادة كوليسترولالدم .


• يساهم لحم الخنزير ودهنه في انتشار سرطان القولون والمستقيموالبروستاتا والثدي والدم .

• يسبب لحم الخنزير ودهنه الإصابة بالسمنةوأمراضها التي يصعب معالجتها.

• يسبب تناول لحم الخنزير الحكة والحساسيةوقرحة المعدة.

• يسبب تناول لحم الخنزير الإصابة بالتهابات الرئة والناتجةعن الدودة الشريطية ودودة الرئة والتهابات الرئة الميكروبية.


وتتمثلأهم مخاطر تناول لحم الخنزير في احتواء لحم الخنزير على الدودة الشريطية وتسمىتينياسوليم التي يصل طولها إلى 2-3 متر. ويؤدي نمو بويضات هذه الدودة في جسمالإنسان فيما بعد إلى الإصابة بالجنون والهستيريا في حال نمو هذه البويضات في منطقةالدماغ ، وإذا ما نمت في منطقة القلب فإنها تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وحدوث نوباتقلبية ، ومن أنواع الديدان الأخرى التي تتواجد في لحم الخنزير دودة التريكانيلاالشعرية الحلزونية المقاومة للطبخ والتي قد يؤدي نموها في الجسم إلى الإصابة بالشلل والطفح الجلدي .


ويؤكد الأطباء أن أمراض الديدان الشريطية تعتبر من الأمراض الخطيرة التي تنجم عن تناول لحم الخنزير، وتتطور في الأمعاء الدقيقة عندالإنسان، وتنضج خلال شهور عدة لتصل إلى دودة بالغة، يتألف جسمها من حوالي ألف قطعة،ويصل طولها إلى ما بين 4 - 10 أمتار، وتعيش وحيدة في أمعاء الإنسان المصاب وتخرج بيضها مع البراز. وعندما تبتلع الخنازير البيض وتهضمه، يدخل إلى الأنسجة والعضلات مشكّلاً الكيسة المذنبة أو اليرقة، وهي كيس يحتوي على سائل وعلى رأس الدودةالشريطية. وعند تناول لحم الخنزير المصاب تتحول اليرقة إلى دودة كاملة في أمعاءالإنسان، وتسبب هذه الديدان ضعف الإنسان، ونقص فيتامين (ب12)، الذي يسبب نوعاًخاصاً من فقر الدم، وقد يسبب حدوث أعراض عصبية مثل التهاب الأعصاب، وقد تصل اليرقات في بعض الحالات إلى الدماغ مسببة حدوث الاختلاج، أو ارتفاع الضغط داخل الدماغ، ومايتلوه من صداع، واختلاج ، أو حتى حدوث الشلل .

ويسبب تناول لحم الخنزير غيرالمطبوخ جيداً أيضا الإصابة بالديدان الشعرينية ، وعندما تصل هذه الطفيليات إلىالأمعاء الدقيقة تخرج يرقات كثيرة بعد 4 إلى 5 أيام لتدخل إلى جدار الأمعاء ، وتصل إلى الدم ومنه إلى معظم أنسجة الجسم، وتمر اليرقات إلى العضلات وتشكل كيسات هناك. ويعاني المريض من آلام عضلية شديدة، وقد يتطور المرض إلى حدوث التهاب السحايا،والدماغ ، والتهاب عضلة القلب والرئة، والكليتين، والأعصاب ، وقد يكون المرض مميتاًفي حالات قليلة .


ومن المعروف أن هناك أيضا بعض الأمراض الخاصة بالبشر، لا يشاركهم فيها من الحيوانات إلا الخنزير، ومن ذلك الروماتيزم، وآلام المفاصل،وصدق الله العظيم إذ يقول : "إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم" البقرة/173 .

فهذه بعض أضرار أكل الخنزير ، ولعلك بعد الوقوف عليها لا تستريب في تحريمه، وإننا لنأمل أن يكون ذلك الخطوة الأولى لهدايتك إلى الدين الحق ، فلتقف ، ولتبحث، ولتنظر ، ولتتأمل ، بعدل وإنصاف وتجرد لمعرفة الحق واتباعه واسأل الله تتعالى أنيهديك لما فيه خير لك في الدنيا والآخرة .


على أننا لو لم نعلم في أكل الخنزير مضرة ولا أذى ، فهذا لا يغير من إيماننا بتحريمه شيئا ، ولا يضعف من تركناله ، ولتعلم أن آدم عليه السلام إنما أخرج من الجنة لأجل أكلة أكلها من الشجرة التينهاه الله عنها ، وما علمنا عن تلك الشجرة شيئا ، ولا كان آدم في حاجة إلى أن يبحثفي سبب تحريم الأكل منها ، بل كان يكفيه ، كما هو يكفينا ويكفي كل مؤمن ، أن يعلمأن الله حرم هذا .

وانظر حول بعض الأضرار المترتبة على أكل لحم الخنزير : أبحاث المؤتمر العالمي الرابع عن الطب الإسلامي ، ط الكويت [ 731 وما بعدها ] ،وأيضا : الوقاية الصحية في ضوء الكتاب والسنة ، لؤلؤة بنت صالح [ 635 وما بعدها ] .

على أننا نعود فنسألك أنت أيها السائل :

أليس الخنزير محرما فيالعهد القديم الذي هو شطر كتابكم المقدس :

{ لا تأكل رجسا ما * هذه البهائمالتي تأكلونها ... والخنزير لأنه يشق الظلف ، لكنه لا يجتر ، فهو نجس لكم ، فمنلحمها لا تأكلوا ، وجثثها لا تلمسوا } [ سفر التثنية 14/3-8 ونحوه في سفر اللاويين 11/1-8 ] .

وتحريم الخنزير على اليهود لا يحتاج إلى أن ننقل دليلا عليه ،فإن كنت في شك ، فاسأل القوم يخبروك لكن الذي نظن أننا نحتاج إلى تنبيهك عليه هوبعض ما جاء في كتابكم المقدس أيضا ، لكن في عهده الجديد الذي يقول لكم إن أحكامالتوراة ثابتة في حقكم ، لا يمكن أن تتغير * أليس فيها أن المسيح قال :

{ لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس ، أو الأنبياء ، ما جئت لأنقض ، بل لأكمل * فإنيالحقَّ أقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف أو نقطة واحدة من الناموس، حتى يكون الكل } [ متى 5/17-18 ]

ومع أننا لا نحتاج مع هذا النص إلى أننبحث عن حكم آخر للخنزير في العهد الجديد ، فإننا نزيدك هنا نصا آخر قاطعا في نجاسةالخنزير وخبثه :

{ وكان هناك عند الجبال قطيع كبير من الخنازير يرعى . فطلبإليه كلُّ الشياطين قائلين : أرسلنا إلى الخنازير لندخل فيها . فأذن لهم يسوع للوقت، فخرجت الأرواح النجسة ، ودخلت في الخنازير } [ إنجيل مرقس 5/11-13 ] وانظر نصوصاأخرى في استقذار الخنازير ، واحتقار من يقوم برعيها [ متى 67 ، رسالة بطرس الرسولالثانية 2/22لوقا 15/11-15 ]

فلعلك تقول هذا نسخ ، فقد قال بطرس ، أو قالبولس ؟!!

وهكذا يبدل كلام الله ، وتنسخ التوراة ، وينسخ كلام المسيح الذيأكد لكم أنه ثابت ثبوت السماء والأرض ، يبدل كل هذا وينسخ بكلام بولس أو بطرس ؟!

فلنفرض أنه صادق ، وأن تحريمه قد نسخ حقيقة ، فما تنكرون أن يكون حراما فيالإسلام كما كان عندكم أول مرة ؟!


ثالثا :


وأما قولك :إذا كانأكله محرما ، فلماذا خلق الله الخنزير إذاً ، فلا نحسبك جادا فيه ، وإلا فإننانسألك لماذا خلق الله كذا وكذا من الأشياء المؤذية ، أو المستقذرة ، بل نسألك لماذاخلق الله الشيطان ؟!

أليس من حق الخالق أن يأمر عباده بما يشاء ، ويحكم فيهم بما يريد ، لا معقب لحكمه سبحانه ، ولا مبدل لكلماته ؟

أليس من واجب المخلوق العابد أن يقول لربه ، كلما أمره بشيء : سمعنا وأطعنا ؟

( قد يلذلك مذاقه ، ويستهويك أكله ، ويتمتع به من حولك ، لكن ألا تستحق الجنة منك أن تضحي ببعض ما تشتهيه نفسك ؟ ).