من آفات اللسان :


القول على الله بغير علم





من أعظم آفات اللسان خطرًا على صاحبها آفة القولِ عَلى اللهِ تَعالى بِغَيرِ عِلمٍ، ومن كانت فيه هذه الآفة لا يفلح أبدًا ومن كانت فيه هذه الآفات فهو أظلم الناس على الإطلاق، ومن كانت فيه هذه الآفة كان مرتكبًا لأعظم المحرمات، فإن القولُ عَلى اللهِ تَعالى بِغَيرِ عِلمٍ أعظم المحرمات على الإطلاق، فإن الله تعالى جعله أعظم من الشرك بالله تعالى.


القَوْلُ عَلى اللهِ تَعالى بِغَيرِ عِلمٍ من أعظم مقاصد الشَّيْطَانِ :


القولُ عَلى اللهِ تَعالى بِغَيرِ عِلمٍ من أعظم مقاصد أبليس، ومن أَوْلَى مَسَاعِيهِ لإغواء بني آدم، قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلًا طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ[1].


قال ابن كثير : قَوْلُهُ : ﴿ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَأَيْ : إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ عَدُوُّكُمُ الشَّيْطَانُ بِالْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ، وَأَغْلَظُ مِنْهَا الْفَاحِشَةُ كَالزِّنَا وَنَحْوَهُ، وَأَغْلَظُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ، فَيَدْخُلُ فِي هَذَا كُلُّ كَافِرٍ وَكُلُّ مُبْتَدِعٍ أيضًا[2].


قال ابن جرير :


وَالسُّوءُ : الإِثْمُ مِثْلُ الضُّرِّ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : سَاءَكَ هَذَا الْأَمْرُ يَسُوءُكَ سُوءًا؛ وَهُوَ مَا يَسُوءُ الْفَاعِلَ.

وَأَمَّا الْفَحْشَاءِ : فَهِيَ مَصْدَرٌ مِثْلُ السَّرَّاءِ، وَالضَّرَّاءِ، وَهِيَ كُلُّ مَا اسْتَفْحَشَ ذِكْرُهُ، وَقَبُحَ مَسْمُوعُهُ.

وَقِيلَ : إِنَّ السُّوءَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ هُوَ مَعَاصِي اللَّهِ؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَإِنَّمَا سَمَّاهَا اللَّهُ سُوءًا؛ لِأَنَّهَا تَسُوءُ صَاحِبَهَا بِسُوءِ عَاقِبَتِهَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ.

وَقِيلَ : إِنَّ الْفَحْشَاءَ : الزِّنَا؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَإِنَّمَا يُسَمَّى لِقُبْحِ مَسْمُوعِهِ وَمَكْرُوهِ مَا يُذْكَرُ بِهِ فَاعِلُهُ.[3].



وقال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا[4].