حذر تقرير صادر عن خبير بمنظمة الأمم المتحدة من الجهود الحكومية الرامية إلى إضعاف أدوات الأمن الرقمي بهدف التجسس على الأفراد واقتحام خصوصياتهم، مؤكدًا أن تلك الجهود تُعادي حرية التعبير والرأي في جميع أنحاء العالم.


وقال التقرير، الذي كتبه «ديفيد كاي»، المتخصص في الشؤون المعلوماتية، إن عمليات التشفير يجب أن تؤخذ على محمل الجد، حتى لا يصل الأشخاص غير المخوّل لهم الاطلاع على المعلومات الشخصية لبيانات المستخدمين المُطالبين بعدم كشف هويتهم.
ويأتى التقرير المزمع تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الشهر القادم، وسط جدل متزايد، داخل وخارج الولايات المتحدة، عن كيفية تحقيق التوازن المثالى بين حقوق الخصوصية الشخصية والأمن الوطني، ذلك الجدل الذي تصاعد بحدة بعد أن كشف الموظف الحكومي إدوارد سنودن عن برامج تستخدمها وكالات الأمن القومي الأمريكية لمراقبة المستخدمين والوصول إلى معلومات لا يحق لهم الاطلاع عليها.
وقتها، سارعت الشركات الرقمية لتشفير منتجاتها وحمايتها ورفع درجات الأمان فيها، إلا أن بعض المسؤولين عن إنفاذ القانون في الولايات المتحدة الأمريكية مارسوا ضغوطًا على بعض الشركات التقنية للوصول إلى محتويات خاصة بالأفراد عبر ما يُسمى بـ«الأبواب الخلفية»، وهو الأمر الذي يتعارض مع حق الفرد في الخصوصية الرقمية .
مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «جيمس كومي» ورئيس وكالة الأمن القومي الأدميرال «مايكل روجرز» قالا في تصريحات سابقة إن النمو في استخدام التشفير يجعل من الصعب تعقب المجرمين، وإن على الحكومة أن تفرض قيودًا على الشركات التقنية وإجبارها على بناء طرق لإنفاذ القانون عبر الوصول إلى المحتويات المشفرة.
في وقت سابق من هذا العام، وبحسب ما نُشر في جريدة «واشنطن بوست» طرح «روجرز» فكرة تقسيم مفاتيح فك تشفير البيانات على أكثر من وكالة أمنية، حتى لا تتمكن وكالة واحدة من اتخاذ قرار بفك تشفير المحتويات الشخصية والاطلاع على بيانات المستخدمين، في خطوة تبدو وكأنها وسيلة لاستمالة خبراء الأمن، الذين يرون أن تقنيات «الأبواب الخلفية» ستُشكل ضربة قاصمة للأمن الرقمي للأشخاص.
ويوصي التقرير بسد جميع الثغرات الأمنية والأبواب الخلفية ومعايير التشفير الضعيفة واتخاذ كل التدابير اللازمة التي من شأنها إضعاف قدرة الأجهزة الأمنية على الوصول إلى البيانات السرية للأشخاص لتحقيق أعلى معدلات الأمن الرقمي والخصوصية الشخصية في الفضاء الإلكتروني.
يقول «ديفيد كاي»، إن النقاش العام حول هذه القضية يُركز على مكافحة الإرهاب والجريمة إلا أن ذلك النقاش لا يأخذ بعين الاعتبار كيفية تشفير المحتويات الحيوية وإسهام ذلك في حماية الصحفيين والنشطاء والناس العاديين في جميع أنحاء العالم.
وبحسب «كاي»، فإذا مضت الولايات المتحدة قُدمًا في استخدام سياسات الباب الخلفي للاطلاع على بيانات الأشخاص، سيشجع ذلك الدول الأخرى، التي لها ماضٍ سيئ في ملفات حقوق الإنسان، على المُضي قدمًا هي الأخرى في فك تشفير المعلومات والحصول على بيانات شخصية يُفترض أن تكون محفوظة بأمان، وهو ما سينتج عنه انعدام الأمن للجميع، حتى وإن كان الهدف هو إنفاذ القانون.