بسم الله الرحمن الرحيم

تأملات في كتاب الله العظيم

قال الله (تعالى): ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ([1]).
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
﴾.
هنا تبرز أهمية تبليغ دعوة الله (تعالى)، وما لها من مكانة لا تخفى على طلاب العلم.
ولكن، ما التبليغ الذي أمر الله (تعالى) رسوله أن يفعله؟
﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾.
﴿مَا أُنْزِلَ
﴾.
كلمة عظيمة، ليتنا نتدبرها ونتأملها!إن في هذا لعبرة للدعاة والدعوات والجماعات الإسلامية؛ فإنهم إن لم يبلغوا ما أنزل إليهم من ربهم؛ من كتاب الله (تبارك وتعالى)، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم بالسند الثابت؛ فما بلغوا رسالة الإسلام العظيمة.
إذًا؛ فالاندفاع للدعوة والتبليغ والقول والعمل لا يكفي، بل ينبغي أن يكون مبنيًّا على أساس ثابت قوي، وهو التمحيص والتحقيق.
فنشاط الدعاة وحماسهم لا يجدي إذا لم يكن على هذا الأساس، وإلا دعوا إلى أمور كثيرة ظنوها خيرًا وليست كذلك، وهم في نهاية الأمر ما بلغوا رسالة الإسلام الخالدة، ولا أفادهم ما بذلوه من جهد ونصب، بل وتحملوا الأوزار في إلصاقهم أمورًا بالإسلام، والإسلام منها بريء.
﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
﴾.
إذًا؛ ينبغي أن نبلغ ما أنزل من ربنا (سبحانه)؛ من كتاب الله (تعالى)، ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نتحرى الصحة ونتوخى الثبوت.
﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ
﴾.
فكل شيء لا يكون على ما سبق بيانه من فهم ونهج؛ فليس من الرسالة في شيء، ولم ينل حظه من التبليغ.
فليكن همنا قبل الإكثار من القراءة والتعليم والعمل والدعوة والتبليغ لذلك كله: أن يكون مما أنزل من كتاب الله (تعالى)، أو من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة؛ لا الضعيفة، ولا الموضوعة، ولا المكذوبة.
﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾.
إن لهذه العصمة صلة وثيقة بالتبليغ والبيان.أما ترى الفتاوى تنهمر كالمطر، وهي تحلل الحرام، وتحرم الحلال؟!
ها أنت ترى المفتي في البلد البعثي منسجمًا تمامًا مع حاكمه!!ونفس الانسجام تراه في البلد الاشتراكي والرأسمالي، بل وكل البلاد التي لا تحكم بما أنزل الله (تعالى)!
فما سر هذا الاتفاق؟أهذا لاستجابة هؤلاء الحكام لأوامر مفتيهم؟!إذًا؛ فكلهم خلفاء! أم أن هؤلاء المفتين بيد السلاطين يحركونهم كيفما حركتهم الأهواء والشهوات؟!إذًا؛ فمراقبة الله وعدم الخوف من الناس: هو الذي يجعل أهل العلم وطلابه يقولون الحق، ولا يخشون في الله لومة لائم.

الاستعاذة سلاح لا بد منه
قال الله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ([1]).
وقال تعالى:
﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ([2]).
وقال تعالى:
﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ([3]).
قال ابن كثير في «تفسيره»: «فهذه ثلاث آيات، ليس لهن رابعة في معناها، وهو أن الله تعالى يأمر بمصانعة العدو الإنسي والإحسان إليه؛ ليرده عنه طبعه – الطيب الأصل – إلى الموالاة والمصافاة، ويأمر بالاستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة، إذ لا يقبل مصانعة ولا إحسانًا، ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم؛ لشدة العداوة بينه وبين آدم من قبل...»
إعجاز نبوي
عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًّا ([1])، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريًّا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة»، ثم سكت ([2]).
في هذا الحديث العظيم إخبار عن حال الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وعلى مر الدهور والعصور أيضًا.
وفي ذلك إخبار لنوع الحكم القائم، وما يتبعه من وضع سياسي واجتماعي واقتصادي، كل ذلك بطريقة مجملة جامعة، وعبارات وجيزة، ولا عجب من ذلك؛ فهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى فيه:
﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى([3]).
وقوله هذا صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم.
أحاديث نبوية وشيء من فقهها
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بطعام وهو بـ (مر الظهران)([1])، فقال لأبي بكر وعمر: «ادنوا فكلا». فقالا: إنا صائمان. فقال: «ارحلوا لصاحبيكم ([2])! واعملوا لصاحبيكم! ادْنُوَا فكلا»([3]).
قال شيخنا حفظه الله تعالى: «والغرض من قوله صلى الله عليه وسلم: «ارحلوا لصاحبيكم...»: الإنكار، وبيان أن الأفضل أن يفطرا، ولا يحوجا الناس إلى خدمتهما.
ويبين ذلك ما روى الفريابي (1/67) عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: «لا تصم في السفر؛ فإنهم إذا أكلوا طعامًا؛ قالوا: ارفعوا للصائم! وإذا عملوا عملاً؛ قالوا: اكفلوا للصائم! فيذهبوا بأجرك»، ورجاله ثقات.
قال: «ففي الحديث توجيه كريم إلى خلق قويم، وهو الاعتماد على النفس، وترك التواكل على الغير، أو حملهم على خدمته، ولو لسبب مشروع كالصيام، أفليس في الحديث إذًا رد واضح على أولئك الذين يستغلون علمهم، فيحملون الناس على التسارع في خدمتهم، حتى في حمل نعالهم!
ولئن قال بعضهم: لقد كان الصحابة
رضوان الله عليهم أجمعين يخدمون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن خدمة، حتى كان فيهم من يحمل نعليه صلى الله عليه وسلم وهو عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فجوابنا: نعم؛ ولكن هل احتجاجهم بهذا لأنفسهم إلا تزكية منهم لها، واعترافًا بأنهم ينظرون إليها على أنهم ورثته صلى الله عليه وسلم في العلم؛ حتى يصح لهم هذا القياس؟!
وايم الله؛ لو كان لديهم نص على أنهم الورثة؛ لم يجز لهم هذا القياس؛ فهؤلاء أصحابه صلى الله عليه وسلم المشهود لهم بالخيرية، وخاصة منهم العشرة المبشرين بالجنة؛ فقد كانوا خدام أنفسهم، ولم يكن واحد منهم يخدم من غيره عشر معشار ما يُخدم أولئك المعنيون من تلامذتهم ومريديهم!
فكيف وهم لا نص عندهم بذلك، ولذلك فإني أقول: إن هذا القياس فاسد الاعتبار من أصله، هدانا الله تعالى جميعًا سبيل التواضع والرشاد».
عن عبدالرحمن بن جبير: أنه حدثه رجل خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين: أنه كان يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرب إليه الطعام يقول: «بسم الله»، فإذا فرغ؛ قال: اللهم أطعمت وأسقيت، وأغنيت وأقنيت
([4])، وهديت وأحييت؛ فلك الحمد على ما أعطيت»([5]).
قال شيخنا حفظه الله تعالى: «وفي هذا الحديث أن التسمية في أول الطعام بلفظ: بسم الله، لا زيادة فيها، ولا أعلمها وردت في حديث؛ فهي بدعة عند الفقهاء بمعنى البدعة، وأما المقلدون؛ فجوابهم معروف: (شو فيها؟!).
فنقول: فيها كل شيء، وهو الاستدراك على الشارع الحكيم الذي ما ترك شيئًا يقربنا إلى الله؛ إلا أمرنا به وشرعه لنا، فلو كان ذلك مشروعًا ليس فيه شيء؛ لفعله، ولو مرة واحدة.
وهل هذه الزيادة إلا كزيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من العاطس بعد الحمد؟! وقد أنكرها عبدالله بن عمر رضي الله عنهما؛ كما في «مستدرك الحاكم»، وجزم السيوطي في «الحاوي للفتاوي» (1/338) بأنها بدعة مذمومة فهل يستطيع المقلدون الإجابة عن السبب الذي حمل السيوطي على الجزم بذلك؟!
قد يبادر بعض المغفلين فيتهمه – كما هي عادتهم – بأنه وهابي! مع أن وفاته كانت قبل وفاة محمد بن عبدالوهاب بنحو ثلاثمائة سنة!ويذكرني هذا بقصة طريفة في بعض المدارس في دمشق؛ فقد كان أحد الأساتذة المشهورين من النصارى يتكلم عن حركة محمد بن عبدالوهاب في الجزيرة العربية ومحاربتها للشرك والبدع والخرافات، ويظهر أنه أطرى في ذلك، فقال بعض تلامذته: يظهر أن الأستاذ وهابي!!».
من روائع الذكاء وبدائع القضاء
روى الشعبي أن كعب بن سور كان جالسًا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاءت امرأة، فقالت: يا أمير المؤمنين! ما رأيت رجلاً قط أفضل من زوجي، والله؛ إنه ليبيت ليله قائمًا، ويظل نهاره صائمًا، فاستغفر لها، وأثنى عليها، واستحيت المرأة، وقامت راجعة([1]).
فقال كعب: يا أمير المؤمنين! هلا أعديت
([2]) المرأة على زوجها؛ فلقد أبلغت إليك في الشكوى.فقال لكعب: «اقض بينهما؛ فإنك فهمت من أمرها ما لم أفهم».قال: فإني أرى كأنها امرأة عليها ثلاث نسوة هي رابعتهن، فأقضي بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن، ولها يوم وليلة.فقال عمر: «والله؛ ما رأيك الأول بأعجب من الآخر! اذهب؛ فأنت قاض على البصرة، نعم القاضي أنت»([3]).
فضل أهل الحديث ([4])

قيل في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ([5]): «ليس لأهل الحديث منقبة أشرف من ذلك؛ لأنه لا إمام لهم غيره صلى الله عليه وسلم».
وكان عبدالله ولد الإمام أحمد رحمهما الله تعالى يقول: سألت الإمام أحمد عن الرجل يكون في بلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يعرف صحيحه من سقيمه، وصاحب رأي؛ فمن يسأل منهما عن دينه؟ فقال: «يسأل صاحب الحديث، ولا يسأل صاحب الرأي».
وكان الإمام أحمد رحمه الله يتبرأ كثيرًا من رأي الرجال، ويقول: «لا ترى أحدًا ينظر في كتب الرأي غالبًا؛ إلا وفي قلبه دخل»
([6]).
وكان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول: «أهل الحديث في كل زمان كالصحابة في زمانهم».
وقال أيضًا: «إذا رأيت صاحب حديث؛ فكأني رأيت أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وكان أبو بكر بن عياش يقول: «أهل الحديث في كل زمان كأهل الإسلام مع أهل الأديان».
وقال أحدهم: «كفى خادم الحديث فضلاً دخوله في دعوته صلى الله عليه وسلم حيث قال: «نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره...»
([7]).
قال سفيان بن عيينة: «ليس من أهل الحديث أحد إلا وفي وجهه نضرة لهذا الحديث».
في الفقه
هل الورق ونحوه يسد عن الحجارة في الاستنجاء ([1])؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اتبعت النبي صلى الله عليه وسلم وخرج لحاجته، فكان لا يلتفت، فدنوت منه، فقال: «ابغني أحجارًا استنفض بها ( أو نحوه)، ولا تأتني بعظم ولا روث»([2]).


فنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن العظم والروث دال على جواز سواهما مما تزال به النجاسة، ولو لم يجز هذا؛ لقال له صلى الله عليه وسلم: ابغني أحجارًا استنفض بها، وسكت، أو قال: ولا تأتني بغيرها؛ بيد أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ولا تأتني بعظم ولا روث».


ومن المعلوم أن النجاسات محصورة؛ بخلاف الأعيان الطاهرة؛ فإنها غير محصورة، فحصر النهي عن العظم والروث يدل على جواز استعمال غيرهما.


وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم هذا النهي، فقال: «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام؛ فإنه زاد إخوانكم من الجن»([3]).


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «... وهكذا؛ كما أنه لما أمر بالاستجمار بالأحجار؛ لم يختص الحجر؛ إلا لأنه كان الموجود غالبًا، لا لأن الاستجمار بغيره لا يجوز، بل الصواب قول الجمهور في جواز الاستجمار بغيره؛ كما هو أظهر الروايتين عن أحمد؛ لنهيه عن الاستجمار بالروث والرمة ([4])، وقال: «إنهما طعام إخوانكم من الجن».


فلما نهى عن هذين تعليلاً بهذه العلة؛ علم أن الحكم ليس مختصًّا بالحجر، وإلا لم يحتج إلى ذلك»([5]).


وذكر نحوه الحافظ رحمه الله في «الفتح»([6]).


وأيضًا الشوكاني رحمه الله في «الدراري المضية»، فقال: «وإذا لم توجد الأحجار؛ فغيرها يقوم مقامها للضرورة، ما لم يكن ذلك الغير مما ورد النهي عنه؛ كالروثة والرجيع ([7]) والعظم...»([8]).
* * *

في أصول الفقه
المثبت مقدم على النافي؛ لأنه معه زيادة علم.
ماذا تفيد صيغة الأمر بعد الحظر؟
جاء في «المسودة»([9]): «والتحقيق أن يقال: صيغة (افعل) بعد الحظر لرفع ذلك الحظر وإعادة حال الفعل إلى ما كان قبل الحظر، فإن كان مباحًا؛ كان مباحًا، وإن كان واجبًا أو مستحبًّا؛ كان كذلك.


وعلى هذا يخرج قوله: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ([10])؛ فإن الصيغة رفعت الحظر وأعادته إلى ما كان أولاً، وقد كان واجبًا، وقد قرر المزني هذا المعنى.


قال أبو محمد ([11]) رحمه الله تعالى: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفرض؛ قال الله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ([12])».


الصنف الذي يبين سياقه معناه.


قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ([13]).


«فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال: ﴿إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ الآية؛ دل على أنه إنما أراد أهل القرية؛ لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون»([14]).