بسم الله الرحمن الرحيم
لو قيل للناس فى هذا الوقت من الليل من يحضر فى مكان ما سيأخذ مالاً أو لحماً أو عرضاً من الدنيا لسارعواوتكاثروا ،
{ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون * فلاتعلم نفسٌ ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون } .
فقال تعالى :{ يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً إنا سنلقى عليك قولاً ثقيلاًإن ناشئة الليل هى أشد وطئاً وأقوم قيلاً }.

- فى قيام الليل مجاهد وتقوية للإرادة و العزيمة ومغالبة للشيطان وترويض للنفس على الخضوع لله ، فمن يترك النوم و الراحة و الفراش و الدفء ويقاوم رغبات الجسد ويقوم ويتطهر - وقد يكون الجو بارداً - ويؤثر التعبد لله و التقرب إليه ، لاشك فى أن ذلك زاداً وإعداداً له وعوناً على طريق الدعوة .
- فى كتاب الله آيات كثيرة تحث على قيام الليل وتبين ما خص به القائمين بالليل من خير فقال :{ وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماًو الذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً } :{ أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاماً} .
- وللقائمين بالليل أحوال يتقلبون فيها ذكر القرآن بعضها من قيام وسجود وذكر وتسبيح واستغفارودعاء ففى قوله تعالى :{ أمَّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه * قل هل يستوى الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } ، يذكر من أرَّقَه تفكيره فى الآخرة وما فيها من حساب وجزاء ونعيم وعذاب فصار يعيش الخوف و الرجاء فى سجوده وقيامه وفى هذا زاد يعينه على العمل والاستعداد لهذا المصير .
وقوله تعالى :{ إن المتقين فى جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون }










- الدعاء فى الليل من أروح العبادات وأفضلها جنح الظلام يتذلل العبد لمولاه الكريم يسأله ليعطيه :{ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين }، وعن أبى أمامة قال قيل يا رسول الله : أى الدعاء أسمع ؟ قال : جوف الليل الأخيرودبر الصلوات المكتوبات )رواه الترمذى .
وعن جابر رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن فى الليلة ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة ) رواه مسلم .
- و الدعاء أثناء السجود مطلوب فهذه لحظات قرب من الله يلح فيها المسلم بالدعاء فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ) أخرجه مسلم وأبو داود و النسائى .
- وفى حديث رواه البخارى ومالك ومسلم وغيرهم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل ربنا كل ليلة الى سماء الدنيا حين يقضى ثلث الليل الأخيرفيقول : من يدعونى فأستجب له من يسألنى فأعطيهومن يستغفرنى فأغفر له )فهل بعد هذا الإغراء و التشويق نتراخى ونتكاسل ؟ ولو قيل للناس فى هذا الوقت من الليل من يحضر فى مكان ما سيأخذ مالاً أو لحماً أو عرضاً من الدنيا لسارعواوتكاثروا ، ورسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه يرغبنا فى حديث له عن أبى هريرة رضى الله عنه قال ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر و العشاءولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ) متفق عليه ، أى ما فيهما من خير .
- إن البيت الذى يحيى الليل بالقيام بيت تحفه الملائكة وتتنزل عليه الرحمة وتسوده السعادة الحقة ، ما أجمل أن يتعاون كل من الزوج و الزوجة فى تحقيق هذا الخير، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح فى وجهها الماء ...رحم الله امرأة قامت من الليل فصلتوأيقظت زوجها فإن أبى نضحت فى وجهه الماء ) رواه أبو داود بإسناد صحيح .
- تقرب الى الله يا أخى ما استطعت بالنوافل ومن أفضلها قيام الليل مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل ) رواه مسلم . ومما يعينك على قيام الليل إخلاص النية واستحضار العزيمة وتجديد التوبة و البعد بالنهار عن المعصية و التبكير بالنوم و القيلولة إن أمكن والاستعانة بالله .
- أما عن عدد الركعات فعن عائشة رضى الله عنها قالت كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات ويوتر بسجدة ويركع ركعتتى الفجر فتلك ثلاث عشرة ركعة )










كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال اللهم ربنا لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت مالك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاءك حق و الجنة حق و النار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حقو الساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لى ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به منى أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ) أخرجه الستة وهذا لفظ الشيخين


فهيا بنا نقوى عزائمنا قبل فوات الأوان.