بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فتنة المسيح الدجال [ نعوذ با الله منها ]




الوقاية من فتنة الدجال


أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الدجال ، فقد ترك أمته على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، فلم يدع صلى الله عليه وسلم خيراً إلا دل أمته عليه ، ولا شراً إلا حذرها منه ، ومن جملة ما حذر منه فتنة المسيح الدجال ، لأنها أعظم فتنة تواجهها الأمة إلى قيام الساعة ، وكان كل نبي يُنذر أمته الأعور الدجال ، واختص محمد صلى الله عليه وسلم بزيادة التحذير والإنذار ، وقد بين الله له كثيراً من صفات الدجال ، ليحذر أمته ، فإنه خارج في هذه الأمة لا محالة ، لأنها آخر الأمم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين .

وهذه بعض الإرشادات النبوية التي أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته ، لتنجو من هذه الفتنة العظيمة التي نسأل الله العظيم أن يعافينا ويُعيذنا منها :


ـ التمسك بالإسلام ، والتسلح بسلاح الإيمان ، ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى التي لا يشاركه فيها أحد ، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب ، وأن الله تعالى منزه عن ذلك ، وأن الدجال أعور ، والله ليس بأعور ، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت ، والدجال يراه الناس عند خروجه ، مؤمنهم وكافرهم


2 ـ التعوذ من فتنة الدجال ، وخاصة في الصلاة ، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة :

فمنها ما رواه الشيخان والنسائي عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ... الحديث ) .


وروى البخاري عن مصعب قال : كان سعد يأمر بخمس ويذكرهن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بهن ... ( منها : ) ( وأعوذ بك من فتنة الدنيا [ يعني : الدجال ]
وفي إطلاق الدنيا على الدجال إشارة إلى أن فتنة الدجال أعظم الفتن الواقعة في الدنيا .

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا تشهد أحدكم ، فليستعذ با الله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال ) .


وكان الإمام طاوس يأمر ابنه بإعادة الصلاة إذا لم يقرأ بهذا الدعاء في صلاته .

وهذا دليل على حرص السلف على تعليم أبنائهم هذا الدعاء العظيم .

قال السفاريني : [ مما ينبغي لكل عالم أن يبث أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال ... وقد ورد أن من علامات خروجه نسيان ذكره على المنابر ] .إلى أن قال : [ ولا سيما في زماننا هذا الذي أشرأبت فيه الفتن ، وكثرت فيه المحن ، واندرست فيه معالم السنن ، وصارت السنن فيه كالبدع ، والبدعة شرعُ يُتبع ، ولا حول ولا قوة إلا با الله العلي العظيم ]




3 ـ حفظ آيات من سورة الكهف ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال ، وفي بعض الروايات خواتيمها ، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها .


ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان الطويل ... ( وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ) ( من أدركه منكم ، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ) .

وروى مسلم أيضاً عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ، عُصم من الدجال ) .
أي : من فتنته .

قال مسلم : [ قال شعبة : من آخر الكهف ، وقال همام : من أول الكهف ] .


قال النووي : [ سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات ، فمن تدبرها لم يُفتن بالدجال ، وكذلك آخرها قوله تعالى : " أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا .. " [ الكهف : 102 ] ] .


وهذا من خصوصيات سورة الكهف ، فقد جاءت الأحاديث بالحث على قراءتها ، وخاصة في يوم الجمعة .

روى الحاكم عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة ، أضاء له من النور ما بين الجمعتين ) .

ولا شك أن سورة الكهف لها شأن عظيم ، ففيها من الآيات الباهرات ، كقصة أصحاب الكهف ، وقصة موسى مع الخضر ، وقصة ذي القرنين ، وبناءه للسد العظيم حائلاً دون يأجوج ومأجوج ، وإثبات البعث والنشور والنفخ في الصور ، وبيان الأخسرين أعمالاً وهم الذين يحسبون أنهم على الهدى وهم على الضلالة والعمى .

فينبغي لكل مسلم أن يحرص على قراءة هذه السورة ، وحفظها ، وترديدها ، وخاصة في خير يومٍ طلعت عليه الشمس ، وهو يوم الجمعة .

4 ـ الفرار من الدجال ، والابتعاد منه ، والأفضل سكنى مكة والمدينة ، فقد سبق أن الدجال لا يدخل الحرمين ، فينبغي للمسلم إذا خرج الدجال أن يبتعد منه ، وذلك لما معه من الشبهات والخوارق العظيمة التي يُجريها الله على يديه فتنة للناس ، فإنه يأتيه الرجل وهو يظن في نفسه الإيمان والثبات ، فيتبع الدجال ، نسأل الله أن يُعيذنا من فتنته وجميع المسلمين .

روى الإمام أحمد وأبو داود والحاكم عن أبي الدهماء قال : سمعت عُمران بن حصين يُحدث ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن ، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات ، أو لما يبعث به من الشبهات ) .