هو تأخير وتأجيل تنفيذ عمل ما دون مسوّغ أو عذر حقيقي مقبول
وهو آفة من الآفات المعادية للهمة؛؛ إذ تجد الإنسان المسوّف يؤجل عمل يومه إلى الغد أو بعد الغد، وقد يكون مصمماً فعلاً على إنجاز هذا العمل غداً أو بعد غد، ولكنه لم يأخذ الظروف والعوامل الخارجية، أو الظروف النفسية الذاتية الداخلية في الحسبان، والتي قد تعيقه عن القيام بالعمل الذي كان في استطاعته إنجازه لو قام به في وقـته المحـدد، ولم يلجأ فيه إلى التسويف..


وللتسويف العديد من الأسباب:

1- دور الأسرة في تأصيل آفة التسويف في نفوس أبنائها..!
فنرى العديد من الأسر تفكر في إنجاز عمل، وتحدد وقت تنفيذه، وسرعان ما تلجأ إلى التسويف وتأجيل تنفيذه دون عذر قهري، أو عذر مقبول. .
2- دور الأصدقاء..!
فصحبة الكسالى والمسوّفين تؤثر بلا شك في تشكيل وتأصيل هذه الآفة في نفس الصديق.. وقد أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: 'لا تصاحب إلاّ مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلاّ تقي'. أخرجه أبو داود في السنن.... وقد علّمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف أن نستعيذ من الكسل، والذي يُعدّ من أهم أعوان التسوّيف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل...'.
3- ضعف الإرادة والتراخي مع النفس..!
فضعف الإرادة، وفتور الهمة، وخوار العزيمة، والتهاون مع النفس وعدم أخذها بالحزم والحسم، كل هذا من الأسباب القوية التي تؤدي بل وتؤصل في النفس آفة التسويف، ومن ثم القعود عن العمل بحجة أنه ما زال في الغد فرصة.. بل فرص..!
4- طول الأمل، ونسيان الموت..!


آثار التسويف:

* عدم تحقيق النجاح المنشود..
* الندم في وقت لا ينفع فيه ندم، فالمسوّف – بلا شك – يفوّت على نفسه الكثير من الفرص، فالفرصة.. إذا أتت ولم تغتنمها في وقتها الصحيح؛ فإنها لن تعود ثانية في الغالب الأعمّ..
* تراكم الأعمال مما يؤدي إلى استحالة أدائها وإنجازها في الأوقـات المحددة سلفاً، مما يصيب المسوّف بالإحباط، ومن ثم اللجوء إلى المزيد من التسويف الذي يؤدي به في النهاية إلى عدم الإنجاز، وبالتالي حصد الإخفاق. .


ولكي تحقق النجاح في عمل ما، عليك البدء في القيام بإنجازه، وفقاً لما خطّطته سابقاً، في وقته المحدد، أي لا تؤدّه قبل وقته المحدد فتوصف عندئذ بالعَجُول، ولا تؤدّه بعـد الوقت المحدد فتوصف عندئذ بالمسوّف، ومن ثم تدخل في دائرة التقصير..!
فكثير من الشباب تفوتهم فرص التفوق إن كان طالباً، أو فرص التقدم الوظيفي لمن يعمل منهم.. بسبب التسويف..!
والعجيب أننا نرى كثيراً من الناس يغترّون بالوقت، أو بالزمان..! فتراهم يقولون: الأيام مثل بعضها البعض، وكل شيء متشابه، وفي الوقت متّسع، ومازال في العمر الكثير.. فماذا سيحدث لو أنجزنا عمل اليوم غداً أو بعد غد..؟! فهؤلاء الناس مغبونون في نعمة الفراغ، وهي النعمة التي حذّر منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجانب نعمة الصحة، ويمنّون أنفسهم بطول العمر.. والحقيقة الظاهرة لكل ذي لبّ أن الموت أقرب من ابن آدم من حبل الوريد، فمثل هؤلاء الناس لن يحصدوا إلاّ الإخفاق، ولن يذوقوا للنجاح طعماً، ولن يحققوا تقدماً يُذكر في يوم ما..!
وقد فات هؤلاء الناس أيضاً أن الساعة التي تمر لن تعود، وأن اليوم الذي ينتهي هو مؤشر لقربهم من النهاية، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: 'كل يوم يقول لابن آدم: أنا يوم جديد، وغداً عليك شهيد، فاعملْ فيّ خيراً، وقلْ فيّ خيراً فإنك لن تراني أبداً'.


وسائل علاج والتغلب على التسويف :

1- جنّب نفسك اختلاق الأعذار.. فالمسوّف أكثر الناس اختلاقاً للأعذار، فلا تلجأ إلى اختلاق الأعذار، وعدم تحميل نفسك المسؤولية الحقيقية عن تقصيرك في إنجاز الأعمال، واللجوء إلى التأجيل. .
2- تعامل مع نفسك بذكاء.. كأن تضع لنفسك برنامجاً ممتعاً عقب إنجاز عمل شاق؛ فإن رغبتك في الاستمتاع بهذا البرنامج الممتع قد تدفعك إلى إنجاز العمل الشاق وإنهائه في موعده المحدد.. أي تدفعك رغبة الاستمتاع إلى عدم اللجوء إلى التسويف..
3- حاول أن تمحو من ذاكرتك الكلمات المعينة على التسويف مثل: 'سأقوم بعمله غداً'، 'فيما بعد'، 'سأفعل ذلك غداً'، دون تقديم مشيئة الله، وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن ذلك في قوله تعالى: "وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ". [الكهف:23-24].. فلا تضعْ في ذهنك إلاّ ما يجب إنجازه اليوم، ولا تشغل ذهنك بما يجب عملـه في الغد إلاّ بعد إنجاز عمل اليوم. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'إذا أصبحت فلا تحدّث نفسك بالمساء.. وإذا أمسيت فلا تحدّث نفسك بالصباح، وخذْ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، فإنك لا تدري ما اسمك غداً'..
4- أصّل في نفسك أن لكل عمل وقته الخاص به.. فلا يصح تأجيل عمل اليوم إلى الغد، أو استجلاب عمل الغد إلى اليوم..! إن كانت هناك خطة زمنية معدة سلفاً، ومحددة الأوقات الخاصة بإنجاز الأعمال. .
5- اعتن بالتخطيط الصحيح والفعّال، والذي تحدد فيه غاياتك وأهدافك تحديداً واضحاً، فضلاً عن تحديد وسائل تنفيذ هذه الأهداف. واعلم أن المسوّف يعمل – إن عمل – بشكل ارتجالي وشمولي، فهو بعيد عن التخطيط الصحيح والتنظيم الفعّال..
6- ضع في ذهنك إنجاز العمل المحدد طبقاً للأهداف المحددة، وبالجودة المطلوبة، وابتعد عن المثاليات؛ فقد يكون طلبها أحد أسباب تأجيل العمل، ومن ثم عدم إنجازه..
7- خذْ نفسك بالعزيمة، وذكّرها دوماً بأن تعب اليوم يجلب راحة الغد. .
8- رسّخ في نفسك أن التسويف من صفات الضعفاء أصحاب الفكر السقيم، والرأي الضعيف، والهمة المتدنية. .