النفقة على الزوجة والأولاد أعظم أجرا من الإنفاق على الأقارب والأصحاب


يشتكي بعض الأبناء من شح وبخل آبائهم حينما يكون الأب ميسور الحال والأبناء يعانون لوعة الفقر وشغف العيش، بل ربما يمدون أيديهم للغير من الحاجة وقد يكونون أحسن حالاً من ذلك لكنهم من ذوي الدخل المحدود الذين لا يملكون سكناً وقد أثقلهم الإيجار السنوي تحت طمع وجشع ملاك العقار.. فأقول للآباء الأغنياء الذين هذه حال أبنائهم: اتقوا الله في أنفسكم وفي من تحت أيديكم ممن ولاكم الله أمرهم وجعلكم مسؤولون عن رعايتهم، كيف ترضى أيها الأب أن تعيش في رغد من العيش وسعة من المال وأبناؤك عالة يتكففون الناس،
ألا يعلم هذا الأب أنه بمثابة الحارس الأمين لهذا المال حتى يتوفاه الله ثم تعود تلك الأموال إلى ورثته من أبنائه وغيرهم كما قسم الله، إذا كانت هذه هي الحقيقة فلم لا يبادر الأب بأن يكسب رضا الله سبحانه وتعالى أولاً ثم رضا أبنائه فينفعهم في حياته ويقسم جزءاً من المال بينهم بالتساوي بحيث يستطيع كل ابن سداد ديونه وشراء حاجاته الضرورية، أو يقوم بالمتاجرة بهذا المال ليعيش من كسبه، ويكون الأب بهذا التصرف كسب ود أبنائه وحقق لهم مطالبهم في الحياة وحفظهم من سؤال الناس، ورفع من معنوياتهم، وسيكون لذلك أثر كبير في زيادة برهم بأبيهم، وفي ذلك - أيضاً - حفظ للأسرة من الضياع وصيانة لعرض الأب من الهمز واللمز، إذ كيف يعيش في سعة من المال وأولاده في حرج وضيق.

فمن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، فكيف إذا كان هذا المسلم أحد أولادك.

إنها حقيقة غفل عنها كثير من الآباء، بسبب ضعف النفس وحب الذات وغلبة الشح وضعف الشعور بالمسؤولية، والتفكك الأسري الذي تعاني منه أغلب الأسر.

(ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير )

أجمع المفسرون على أنها نزلت في مانعي الزكاة ، وفي صحة هذا النقل نظر ، فقد قيل إنها نزلت في اليهود الذين كتموا صفة محمد ، قاله ابن جريج ، واختاره الزجاج : وقيل فيمن يبخل بالنفقة في الجهاد ، وقيل على العيال وذي الرحم المحتاج ، نعم الأول هو الراجح وإليه أشار البخاري .

فإن بخل الأب بالإنفاق الواجب عليه أن يبذله لأولاده الصغار أو العاجزين عن الكسب من الإثم لما في الحديث: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو دواد وحسنه الألباني.
وليعلم أن إنفاقه على بنيه أعظم أجرا من الإنفاق على الأصحاب والأقارب، فالنفقة على الزوجة واجب شرعي، لقوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:233}. ولقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق:7}.
وفي الحديث: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
ويجوز للزوجة أن تأخذ حاجتها وحاجة من يلزم الوالد نفقته من بنيها من ماله من دون إذنه لما في حديث الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.