كثرة المزاح تسقط المهابه وتجلب الضغائن


المزاح منه ما هو مباح وما هو ممنوع، روى الطبراني من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأمزح ولا أقول إلا حقا.
فكان مزحه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه قليلاً، ولذلك قال العلماء: لا خير في كثرة المزاح ولو كان مباحا؛ لأن الإكثار منه يميت القلب ويجلب الضغائن.. ويسقط مهابة من هو في مقام التوجية والإرشاد أمام من يوجههم ويرشدهم.
وهذا الأمر يكثر وقوعه بين الناس فترى من يغلب عليه كثرة مزاحه وإسفافه وتماديه فيه
وهذا الأمر مظهر من مظاهر دنوا الهمة فكثرة المزاح تسقط الهيبة وتخل بالمروءة وتجـــــريء
السفهاء والأنذال.. قال بعض الحكماء: (من كثر مزاحه قلت هيبته ).
وقال ابن عبد البر رحمه الله: وقد كره جماعة من العلماء الخوض في المزاح لما فيه من
ذميم العاقبة ومن التوصل إلى الأغراض واستجلاب الضغائن وإفساد الإخاء.
وكان يقال: (لكل شيء بدء وبدء العداوة المزاح).. وقال سعيد بن العاص: (لا تـــمــــــازح
الشريف فيحقد عليك ولا الدنيء فيجتريء عليك)..
وقال ميمون بن مهران: (إذا كـــــــان
المزاح أمام الكلام فآخره الشتم واللطام).
والمقصود أن المزاح لا ينبغي الإكثار منه ولا الإسفاف فيه أما ماعدا ذلك فيحسن لــمـا
فيه من إيناس الجليس وإزالة الوحشة ونفي الملل والسآمة وإنما المزاح في الكـــــلام
كالملح في الطعام إن عدم أو زاد على الحد فهو مذموم.

فالذي يسرف في المزاح يكثر منه الوقوع في لغو الحديث . ولا يخلو أن تصدر منه
كلمات تؤذي غيره ..
وكمال الانسانية لا يلتقي
بلغو الحديث أو إيذاء الغير ..

وكمــاقال ابو هفان يرحمه الله
مازح صديقــكَ ما أحبَ مزاحـاً **
وتـَوقَ منهُ في المـزاح جـِـماحاً

فلربـما مزح الصديـقُ بمـزحة ٍ **
كانـت لبــابِ عــداوة مفتاحا


وهذه بعض من ابيات شعرا قيلت في كراهية المزاح

قال ابن وكيع يرحمه الله
لا تمزحنَ فان مزحت فلا يكن
مزحاًتضافُ بهِ الى سوء الادب

واحـذر مـمازحـةً تعـود عــداوةً
ان المزاح على مقـدمة الغضب

قال جعفر الطبري رحمه الله :

لي ....ٌ ليــس يخلــو

لسانهُ عن جــــراح ٍ

يـُجـــيدُ تمـزيق عـِـرضــي

على سبيل المزاح ِ


قال بعض الحكماء شعرا
أفِـد طبعكَ المكدودَ بالجد ِراحة ً **
يَـجـِـمَ,وعلّـلهُ بشـيءٍ من المــزح ِ
ولـكن اذا اعطيـتهُ المـزحَ فليـكن
**
بمقدار ما تـُـعطي الطعامَ من الملح