هيمنت أخبار الصفقة النووية مع إيران على عناوين الصحف والنشرات الإخبارية في كافة أنحاء العالم، ولكن هناك صفقة بشأن أوكرانيا يجرى حالياً إتمامها، وهي قد تهدد السلام في أوروبا.



ورأت صحيفة وول ستريت في افتتاحيتها لهذا اليوم، الأربعاء، بأنه عندما اتخذت أوكرانيا في عام 2014 خياراً بالتحول نحو اندماج أوروبي ـ أطلسي، قدمت هدية سياسية واستراتيجية ثمينة للغرب، إلا أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا كشفت، منذ ذلك الوقت، مدى تمزق الاتحاد الأوروبي، واستغلت تردد وتخبط إدارة أوباما.

وتشير الصحيفة إلى أن الهدنة التي تم توقيعها في 12 فبراير (شباط)، فيما يتعلق بالأجزاء المحتلة من شرق أوكرانيا، هي أكثر من وقف لإطلاق النار. فإن الفقرات السياسية الخاصة بمينسك 2، كما عرفت به الاتفاقية، تسمح لروسيا ووكلائها المحليين للتسيد على الديموقراطية في أوكرانيا. وأن الاتفاق يسمح "لجمهورية الشعب" التي أنشأتها قوات مدعومة من موسكو داخل أوكرانيا بالمشاركة في مفاوضات من أجل إصلاح الدستور والقوانين الأوكرانية. وأن تم تحقيق تلك الإصلاحات كما هو مرسوم لها، فإنها سوف تعيق مسار أوكرانيا الأوروبي. كما سيسمح بنود الاتفاق لروسيا وللانفصاليين بإبقاء قواتهم في شرق أوكراني، ولتمركز قواتهم على طول ما يعرف قانونياً بالجانب الأوكراني من الحدود الأوكرانية الروسية. ويستطيعون البقاء على تلك الحالة إلى أمد غير محدد دون خرق الهدنة.

أهداف حقيقية
لكن برأي صحيفة وول ستريت، أهداف الكرملين الحقيقية تتجاوز أوكرانيا. فإن فلاديمير بوتين يسعى للحصول على إقرار أوروبي بتمتع روسيا بنفوذ يقف في مواجهة مباشرة مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلنطي، في إطار جهد مشترك لإنهاء حالة وضع راهن برز منذ الحرب الباردة. وتسعى دبلوماسية بوتين لتحقيق مشاركة روسية، فيما يسميه "أساس متكافئ" مع قوى أوروبية أخرى، في صناعة القرار في شؤون أمنية واقتصادية أوروبية. وهذا بدوره سيسمح لروسيا بتخريب السياسات الأوروبية من الداخل، وزيادة التهويل من تجريد أوروبا من السلاح، وتمزيق المجمعات الأوروبية، وإبعاد أوروبا عن الولايات المتحدة، كما تأمل موسكو.

مختبر للقرارات
وتعتقد الصحيفة أن روسيا تنظر إلى أوكرانيا باعتبارها مختبراً لنموذج جديد لصناعة القرارات بشأن الشؤون الأوروبية الأمنية. وسوف تعمل روسيا مع ألمانيا، وربما مع لاعب أوروبي آخر من ضمن القاطرة الألمانية، متجاوزةً أو معفيةً الاتحاد الأوروبي، والناتو، ومهمشةً الولايات المتحدة. وتأتي "رباعية النورماندي" التي تشكلت لمعالجة الأزمة الأوكرانية (وسميت بهذا الاسم نسبة لقمتها التي افتتحت في عام 2014)، وغدت اليوم الأداة القوية لتنفيذ تلك التجربة. ولعبت روسيا وألمانيا الدور الرئيسي في تلك القمة الرباعية، وتراجع دور فرنسا خلف ألمانيا، وبقيت أوكرانيا رهينة إجماع تلك الدول الثلاث على آراء صبت في صالح روسيا. ومن خلال تلك القمة قدم بوتين مسودة لاتفاقية هدنة تمنح الانفصاليين في شرق أوكرانيا وضعاً دستورياً داخل أوكرانيا. وفي نهاية المطاف وافقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على الاتفاقية، ليس باسم الاتحاد الأوروبي، ولكن بموافقة ضمنية من غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.