ما هي العفة؟


العفة هي البعد عن الحرام وسؤال الناس والاكتفاء بما حل وإن كان قليلا


والعفة ليست خاصة بالنساء دون الرجال بل كلاهما معا .


وفيما يتصل بمعنى العفة أن نعرف طبيعة النفس الإنسانية،أنها لو تركت لهواها لا تشبع


فالنفس كما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أن ابن آدم لو كان له واد من ذهب لابتغى ثانياً، ولو كان له واديان لابتغى ثالثاً، ولا يملأ فم ابن آدم الا التراب)



أنواع العفة



عفة الجوارح:


فقال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله} [النور: 33].


فالمسلم يعف جوارحه عما حرمه الله عليه فلا تغلبه شهواته .


ومن لا يستطيع ان يعف نفسه بالزواج وصاه الرسول صلى الله عليه وسلم بالصوم
فقال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء .[متفق عليه].


يوسف عليه السلام


فلقد أُعجبتْ به امرأة العزيز.. ووسوس لها الشيطان أن تعصي الله معه.. فانتظرت خروج العزيز وقامت بغلق الأبواب جيدًا.. واستعدت وهيأت نفسها.. ثم دعت يوسف إلى حجرتها.. لكن نبي الله يوسف أجابها بكل عفة وطهارة، قائلا: {معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون} [يوسف: 23]. معاذ الله أن أجيبكِ إلى ما تريدين، وأُنَفِّذ ما تطلبين.. وإن كنتِ قد أغلقتِ الأبواب.. فإن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.



غض البصر :
سئل بعض السلف من أهل الإيمان والصلاح والتقى كيف السبيل إلى غض البصر ؟ قال


" علمك بأن نظر الله إليك أسبق من نظرك الى ما حرم عليك "


أثر عن بعض السلف أنه كان يربي بعض الصغار من بني قرابته، فكان هذا الصغير ينظر إليه عابداً متهجداً ذاكراً تالياً داعياً لله - سبحانه وتعالى - فالتفت إليه ذلك المربي يوماً وقال له :


" استحضر في قلبك وإن لم تنطق بلسانك أن تقول : الله شاهدي .. الله ناظري .. الله مطلع عليّ ،كلما هممت بهم أو فعلت فعلا فقل ذلك في قلبك، قال : فما زلت أتعود ذلك وأنا صغير السن، فلما كبرت كان ذلك من نعمة الله عليّ ومن عصمة الله لي " .






عفة السمع :


وحاسة السمع أيضاً لها تأثير على النفس ...فإن بشار بن برد وكان من فحول الشعراء وكان أعمى، فكان يقول أبياتاً في الغزل والحب والعشق والغرام فسئل عن ذلك وكيف يصف هذه الأوصاف وهو كفيف البصر فقال :


يا قوم أُذني لبعض الحي عاشقة **** والأذن تعشق قبل العين أحياناً



ولذلك قال الله - عز وجل - في شأن نساء المؤمنين ، وفي شأن أمهات المؤمنين على الخصوص ( ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض )






عفة الجسد:
المسلم يستر جسده ولا يظهر عورته




قال تعالى : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ[الأعراف:26




وإظهار عورتك فيه تحقيق لرغبة إبليس





قال تعالى : يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ(الأعراف 27)


اللباس نعمة ومنة من الله علينا...ليواري سوءاتنا


فالباس ستر للجسد فهو رمزالحياء والعفة


فعلى المسلم أن يستر ما بين سرته إلى ركبتيه، وعلى المسلمة أن تلتزم بالحجاب، لأن شيمتها العفة والوقار، وقد قال الله -تبارك وتعالى-: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31]، وقال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا} [الأحزاب: 59].






العفة عن أموال الغير:


المسلم عفيف عن أموال غيره لا يأخذها بغير حق...فلا يسرق


ولا يأكل اموال اليتامى ظلما وعدوانا .


وقد ضرب لنا الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- مثلا رائعًا في العفة عن أموال الغير حينما هاجر إلى المدينة المنورة، وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع -رضي الله عنه-، قال سعد لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسَمِّها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجْها. فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك. أين سوقكم؟ فدلُّوه على سوق بني قَيْنُقاع) [البخاري]. وذهب إلى السوق ليتاجر، ويكسب من عمل يديه.



عفة المأكل والمشرب:


المسلم يعف نفسه ويمتنع عن وضع اللقمة الحرام في جوفه، لأن من وضع لقمة حرامًا في فمه لا يتقبل الله منه عبادة أربعين يومًا، وكل لحم نبت من حرام فالنار أولي به، يقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} [البقرة: 172].


وذلك لأن في الكسب الحلال عزة وشرفًا، وفي الحرام الذل والهوان والنار. ويقول صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يربو لحم نبت من سُحْتٍ إلا كانت النار أولى به) [الترمذي].





عفة اللسان:


المسلم يعف لسانه عن السب والشتم، فلا يقول إلا طيبًا، ولا يتكلم إلا بخير


ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يكون المؤمن لعَّانًا) [الترمذي]. ويقول: (ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللَّعَّان ولا الفاحش ولا البذيء) [الترمذي].


وقال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلْيَقُلْ خيرًا أو لِيَصْمُتْ) [متفق عليه]. والمسلم لا يتحدث فيما لا يُعنيه. قال صلى الله عليه وسلم (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يُعنيه) [الترمذي وابن ماجه].





التعفف عن سؤال الناس:
المسلم يعف نفسه عن سؤال الناس إذا احتاج، فلا يتسول ولا يطلب المال بدون عمل، وقد مدح الله أناسًا من الفقراء لا يسألون الناس لكثرة عفتهم، فقال تعالى: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273].


وقال صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عن ظهر غِنًى، ومن يستعففْ يُعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يُغْنِه الله) [متفق عليه].