الولاء لكل مسلم




أصل الموالاة المحبة كما أن أصل المعاداة البغض فالتحاب يوجب التقارب والاتفاق ، والتباغض يوجب التباعد والإختلاف .




وبهذا نزلت الآيات القرآنية مؤكدة هذا المنهج القويم.




قال تعالى في المولاة : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ".




وقال تعالى في المعاداة : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ".




ومن هنا كان الولاء لكل مسلم والعداء لكل كافر ، وهذا يعني أن المسلم يوالي أخاه المسلم في كل أمر مشروع ويبغضه في كل أمر ممنوع ، وعلى قدر البغض والحب يكون الولاء ويخرج عن هذا الولاء مولاة المسلم لصديقه أو شيخه أو جماعته في كل شئ يفضي إلى التحزب الذي يعادي في سبيله ويناصر في سبيله ، بحيث أن كل من وافق فلاناً من الناس على طريقته وفكره فأخي المسلم الذي أقرِّبُه مني وإن خالف الشرع.




هذا من البدع المضلة المفضية إلى منهج الخوارج والروافض والنعرات الجاهلية.




والفيصل في هذه الأمور هو شرع السماء الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام ، أما التعتيم على شباب الأمة وإيهامهم بأن الدين والعلم عند فلان دون غيره فأضحوكة ما سمعنا بها في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق.




قاعدة الإسلام تنص على أن الولاء لكل مسلم ، فنحبه على قدر ما فيه من إيمان ، ونبغضه على قدر ما فيه من عصيان.




قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 35/94 : والواجب على كل مسلم أن يكون حبه ، وبغضه ، وموالاته ، ومعاداته تابعاً لأمر الله ورسوله ، فيحب ما أحبه الله ورسوله ، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله ، ويوالي من يوالي الله ورسوله ، ويعادي من يعادي الله ورسوله ، ومن كان فيه ما يوالي عليه من حسنات ، وما يعادي عليه من سيئات عومل بموجب ذلك كفساق أهل الملة إذ هم مستحقون للثواب والعقاب،والموالاة والمعاداة والحب والبغض بحسب ما فيهم من البر والفجور فإن :"مَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ".أهـ




والأمر كما ذكر شيخ الإسلام إلا أن هذا الأمر لا يعني عدم النكير على المبتدعة والتحذير منهم وبغضهم ، فإن المسلم المبتدع يُوُالَى كونه مسلماً مع إقامة الحجة عليه فيما هو فيه من البدع والتحذير من بدعته إن لم يرجع بل وربما منه ، ولكن لا يُخْذَل إن حاربه العدو أو اختلف معه بل يلزم نصرته والدفاع عنه كونه مسلماً والجهاد في صفه لدحر العدو إذ الضلال يتفاوت ، ومسلم مع ضلاله خير للمسلمين من كافر حربي يحارب الله ورسوله جهاراً نهاراً.




هكذا علمنا ديننا الإسلامي ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : "المسلم أخو المسلم "




فله من الحقوق العامة والخاصة ما له وعليه من البغض والهجران ما يستحق بقدر بدعته وضلاله ، والله يتولى الصالحين.