بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسباب تدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة وطريقة علاج ذلك

السؤال: أنا امرأة متزوجة، وأمي تتدخل في شؤوني، وتسبب لي المشاكل مع زوجي، حيث إنها تذهب وتسأل الطبيب عن حالتي الصحية، أو أنها تأخذ من المركز الصحي نتائج فحوصي، وأحيانا تستمر في سؤالي عن أشياء تخص زوجي، وهي تعلم أنه لا يحب هذه الأسئلة، ولكنها لا تبالي, طبعاً هي تقول إنها تفعل ذلك بحجة الاطمئنان عليَّ وعلى صحتي، ولكن أنا وزوجي نرى أن هذا تدخل في حياتنا، وليس من حقها، حاولت التكلم معها مراراً ولكن دون جدوى، بل إنها تغضب مني، أنا لا أدري ما أفعل؛ حيث إنني لا أريد أن أغضب أمي ولا زوجي. ؟.


الجواب:
الحمد لله
إن حقَّ الأم على أولادها حقٌّ عظيم، وقد أوجب الشرع على أولادها إيفاء هذه الحقوق، وعُدَّ عقوق الوالدين من كبائر الذنوب.
وينظر تفصيل ما للأم من حقوق، وما عليها من واجبات في جواب السؤال رقم:
(5053)- حق أمي عليّ وحقي على أمي ومدى استقلاليتي

وينبغي أن تعلم الأم التي زوَّجت ابنتها : أنه لا يجوز لابنتها أن تقدِّم طاعة أمها على طاعة زوجها ، وأنه ليس لها التدخل في حياة ابنتها بعد زواجها، إلا أن يُطلب منها التدخل للإصلاح والوعظ والإرشاد.
وتدخل أم الزوجة في حياة ابنتها المتزوجة له آثار سلبية وآثار إيجابية، ومن آثاره الإيجابية: ما تفعله الأم العاقلة الحكيمة من توجيه ابنتها وإرشادها إلى ما يُصلح حياتها، سواء كان ذلك التوجيه والإرشاد قبل زواج ابنتها أم بعده.
ولا شك أن تجربة الأم في حياتها، وعاطفتها نحو ابنتها يدفعانها إلى بذل النصح والتوجيه للابنة التي لا تملك ما تملكه أمها من الخبرة والحكمة في التعامل مع الزوج.
وقد يكون لتدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة آثار سلبية، ومن أعظم تلك الآثار ما قد يتسبب به تدخلها من تطليق ابنتها، وذلك عندما يرى الزوج أنه لا طاعة له على زوجته، ولا قوامة له عليها، وأن أم زوجته هي الآمرة والناهية لزوجته، وبذلك تتسبب في خراب بيت ابنتها.

فلا يجوز للابنة مجاراة أمها فيما تتطلبه من أخبارها الخاصة، ولو تسبب ذلك بغضبها عليها ، فطاعة الله تعالى مقدَّمة على طاعة غيره.

ولا شك أن هذا التدخل من أم الزوجة له أسبابه ، ومن هذه الأسباب:
1. قوة شخصية الأم ، مع ضعف شخصية زوجها، فتكون هي المسيطرة في بيتها على قراراته ونظامه، فتريد نقل هذا لبيت ابنتها.
2. ضعف شخصية زوج ابنتها مع ضعف شخصية ابنتها، وهنا تكون الفرصة مواتية لأن يكون للأم الدور الأكبر في توجيه دفة قيادة بيت ابنتها، فترى الأم أن البيت يحتاج لإدارة قوية، وأن الزوجين لا يستطيعان إدارة هذا البيت ، فتتولى هي قيادته.
3. العاطفة الجياشة نحو ابنتها، وهذا يدفعها لسؤالها عن طعامها، وشرابها، ودوائها، وأمراضها، وعن كيفية تعامل زوجها معها، بل يتعدى ذلك إلى أدق تفاصيل الحياة الزوجية.
4. ظلم الزوج لزوجته، وهذا الظلم يدفع الأم للتدخل في كل صغيرة وكبيرة؛ لتوقف الزوج عند حدِّه، وتساهم في إعطاء ابنتها حقوقها المسلوبة.
5. كثرة زيارات الابنة لأمها، وكثرة اتصالاتها بها، وفي غالب هذه الزيارات والاتصالات لا تجد الأم شيئاً تتكلم به إلا معرفة ما يجري داخل بيت ابنتها.

وإذا تدخلت الأم في حياة ابنتها المتزوجة تدخلاًّ سيئاً، فعليها وعلى زوجها مراعاة أمور، ومنها:
1. التوجه بالنصيحة المباشرة للأم من قبَل الابنة وزوجها بعدم التدخل في حياتهما الخاصة.
2. مناصحة الأب ( زوج الأم ) بضرورة كف زوجته عن التدخل في حياة الابنة وزوجها.
3. التلميح للأم، بأنه إن استمر التدخل في حياتهما فسوف يمنعها الزوج من زيارة ابنتها أو الاتصال بها، كما أنه سيمنع زوجته وأولاده من زيارة أمها، وبذلك تظهر قوة شخصية الزوج والزوجة، ويكون هذا مانعاً للأم من التدخل السلبي في حياتهما.
4. ضرورة التفاهم بين الزوجين على تجاوز هذه المشكلة ، وعدم تفرد واحد منهما بحلها دون الآخر ، فهي مشكلة تتعلق بالطرفين ، وينبغي أن تكون الرؤية مشتركة.
5. مشاورة الأم في بعض الأمور ، وطلب نصحها فيها ، حتى تبقى الصلة بينهما بحدودها الشرعية ، وحتى تعلم أن تدخلها ليس مرفوضاً كله، وأنهما قد يحتاجانها في بعض الأمور ، وهذا يُعطي الثقة فيها ، ويُبقي على التواصل ، ويمنع من تدخلها السلبي.
6. تخفيف الزيارات والاتصالات بالأم ، وإذا حصل شيء من هذا أن يستثمر في الكلام المفيد ، والنصح والتذكير بالطاعات ، والبُعد عن المعاصي واقتراف السيئات.

ونسأل الله تعالى أن يصلح الأحوال ، وأن يهديكم جميعاً لما فيه رضاه.