أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من أن تحصى، فهو الإنسان الكامل صلوات الله وسلامه عليه جعله الله لنا أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر.


ومن أخلاق النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله "التواضع" ، فعلى الرغم من علو قدره الشريف ورفعة مكانته بين الناس إلا أنه كان جمَّ التواضع، بل ان الله سبحانه وتعالى خيره بين أن يكون نبياً ملكاً ، أو نبياً عبداً ، فأختار أن يكون نبيًا عبدًا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.


ومن مظاهر تواضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أتاه رجلٌ فكلمه وكان يرتعد خوفًا ورهبة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "هوِّن عليك نفسك فإني لستُ بِمَلِكٍ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد".


ودخل عليه رجل يومًا فقال له:
يا سيدَنا وابنَ سيدِنا، ويا خيرَنا وابنَ خيرِنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا أيها الناس عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بنُ عبدِ الله، عبدُ الله ورسولُه، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل".


وكان صلى الله عليه وسلم يمنع أصحابه من القيام له، وما ذلك إلا لشدة تواضعه فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متكئاً على عصاً، فقمنا له، قال:
"لا تقوموا كما يقوم الأعاجم ، يعظِّم بعضهم بعضاً".


وقالت أن المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.


ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل هذا من فراغ في وقته، ولكنه كان يحقق العبودية لله سبحانه بجميع أنواعها وأشكالها وصورها.


بل كان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يخصف نعله، ويرقع ثوبه بنفسه، ويقوم على خدمة أهل بيته.
وحين شرع الصحابة في حفر الخندق لم يقعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتفرج عليهم، أو يركن إلى منزلته بين أصحابه، ولم يترفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن العمل معهم في الحفرِ ونقلِ التراب، يقول البراء بن مالك: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينقل معنا التراب يوم الأحزاب، ولقد رأيته وارى الترابُ بياضَ بطنه يقول:
والله لولا أنت ما اهتدينا ، ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنـزِلَنْ سكيـنة علينا ، وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأعداء قد بغوا علينا، إذا أرادوا فتنة أبَـينا