إخوتي في الله،،،
أسأل الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل
أولا: إياكم وهيشات الأسواق.. والزموا المساجد
إياكم وهيشات الأسواق: هيشات الأسواق هي الضوضاء والجلبة التي تحدث في السوق؛ الكل ينادي على سلعته، والكل لا يسمع غير نفسه. فهو حريص على أن لا يسمع غير نفسه، ويظن أن الناس لا تسمع أحدًا غيره.
إياكم وهيشات الأسواق: أن تعيش في وسط هذه الفتن المتلاطمة هذه الأيام في كل المسائل وفي كل الأحوال. الكل يتكلم ولا يسمع، والكل يظن أن الناس يسمعونه، وفي الحقيقة لا أحد يسمع أحدًا.
العلاج: الزموا المساجد (اللهم اجعلنا أوتادا لبيوتك، اللهم اجعلنا من أهل المساجد الذين تفتقدهم الملائكة. اللهم حبّب إلينا المكث في المساجد).
ثانيا : إياكم والجدل في الدين.. والزموا الصمت
إياكم والجدل الكثير واللَّجاجة، فما غضب الله من قوم إلا رزقهم الجدل، ومنعهم العمل. وهذه القضية سمة من سمات غضب الله على القوم. قال حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم:
فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت أمرا لا بد لك منه فعليك بنفسك وإياك وأمر العوام فإن من ورائكم أيام الصبر صبر فيهن على مثل قبض على الجمر للعامل منكم يومئذ كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله
الراوي: أبو ثعلبة الخشني - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الطحاوي - المصدر: شرح مشكل الآثار - الصفحة أو الرقم: 3/212
إن هذه الأمراض التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وصحبه وسلم:
- شُح مطاع.
- هوى متبع.
- دنيا مؤثرة.
- إعجاب كل ذي رأي برأيه.
..هذه يسيرة بالنسبة لما نحن فيه اليوم؛ فعليك بخاصة نفسك، ودَعْ عنك العوام (اللهم اهد الناس، وأصلح الناس).
والحل: في لزوم الصمت؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك لسانك، وليَسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك" صحيح_صحيح الترغيب وغيره.
إذن الأولى: إياكم وهيشات الأسواق، والزموا المساجد.
الثانية: إياكم والجدل، والزموا الصمت.
ثم..
ثالثا: إياكم والدنيا.. والزموا الآخرة
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "
من كانت همه الآخرة ، جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا راغمة ، ومن كانت همه الدنيا ، فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له
الراوي: زيد بن ثابت - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6516
. وقال الحسن: "إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فألقِها في نحره، وإذا رأيت الرجل ينافسك في الآخرة فنافسه فيها".
الله أكبر..! في زمن غلاء الأسعار.. ونَهَم الناس.. وظلم الناس.. وطمع الناس..!!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اقتربت الساعة ، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا ، ولا يزدادون من الله إلا بعدا
الراوي: عبدالله بن مسعود - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترغيب
. فكلما ارتفعت الأسعار ازداد الناس حرصا على الدنيا، وتضاعف طمعهم فيها، وكبرت رغبتهم في الاستزادة منها. وسبحان الله العظيم!!
فإياكم والدنيا. (اللهم اكفنا شر الدنيا، اللهم اصرف عنا همّ الدنيا)
وأؤكد هنا -وأنتم خاصتي، فلا ينبغي لي في الأصل أن أوضح لأنكم تفهمون المنهج- أن كلامي هذا ليس نهيا عن التملك، بل لا بأس أن تملك ملايين بل ملايين الملايين.. امتلك دون أن يشغلك هذا عن الله.. دون أن يشغل هذا قلبك.
إذن فعندما أقول: "إياك والدنيا" فالمقصود:
* إياك أن يشتغل قلبك بالدنيا.
* إياك أن تفرح بالدنيا.
* إياك أن تحزن على الدنيا.
* إياك أن تنافس في الدنيا.
* إياك أن تكون حريصا على الدنيا.
* إياك أن تحرص على زيادة الدنيا.
* إياك.. إياك.. إياك والدنيا، والزم الآخرة (اللهم اجعلنا من أهل الآخرة).
يقول ابن الجوزي: "علامات الإدبار عن الآخرة لا تخفى عليك؛ ندخل بيتك فنرى ملعقة ولا نرى مصحفًا، ونرى وسادة ولا نرى سجادة". وهذا صحيح؛ فكل واحد يظهر عليه: من هو؟ فإن كان من أهل الدنيا تظهر عليه علامات ذلك، وإن كان من أهل الآخرة يتضح عليه ذلك (فاللهم اجعلنا من أهل الآخرة) .
رابعًا: الزموا الجماعة.. وفارقوا العامة
فارقوا الرعاع، وإياكم والغوغاء. قال سيدنا عليّ في حديث كميل بن زياد: "الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق".
إخوتي،،،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب"متفق عليه. قال أنس رضي الله عنه: "فما فرحنا بعد الإسلام بشيء مثل فرحنا بهذا الحديث، لأنني أحب رسول الله وأبا بكر وعمر، وأحب أن أحشر معهم".
فمن الذي تحبه وترجو أن تكون معه في الآخرة؟؟بين من تعيش؟ ومع من تتعامل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يغزو جيش الكعبة ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم . قالت : قلت : يا رسول الله ، كيف يخسف بأولهم وآخرهم ، وفيهم أسواقهم ، ومن ليس منهم ؟ . قال : يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2118
مثلا: وأنت تعمل في القصر قد يُخسف به وبك معهم، ثم تبعثون على نياتكم.. فما نيتك في وجودك في هذا المكان؟ وما هي نيتك وأنت تتعامل مع هذه الأشكال؟
قد يكون في "الميكروباص" –مثلا- خمسة عشر شخصا، فإذا ماتوا فيه بُعثوا على نياتهم. وإني قد رأيت اليوم حادثة عجيبة على الطريق؛ لقد أتت سيارة من الجهة الأخرى، فاصطدمت بمقدمة سيارة أخرى، ومات رجل. فقلت: "هذا الرجل المسكين كان يسير وفق القانون على اليمين، وبهدوء، ويربط حزام الأمان، أي أنه كان يسوق بشكل صحيح.. ولكن من أين أتاه البلاء؟
لذلك؛ فالقضية ليست فقط أن تسير بشكل صحيح، ولكن القضية هي: ما نيتك؟
إذن.. الزموا الجماعة -أي الصحبة الصالحة والصالحين من المسلمين-, وإياكم والرعاع.
هذه وصيتي، وبقيت الأخيرة:
خامسا: إياكم والرخص.. والزموا المنهج
إني أجعلها كلمة باقية في عقبي، أحتسبها عند الله، وأسأل الله أن ألقاه بها:
المنهج هو: الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
الله.. الله في المنهج؛ كل الناس يقولون: "كتاب وسنة"، ويبقى التمايز في: "بفهم سلف الأمة"
إياك وعقلك.. إياك وآراء الناس. عليك بالمنهج بفهم السلف، أي الصحابة والتابعين وأتباع التابعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.