بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة



بعضهم يتوارى خلف كثيب الحقد و الغيرة أوالكِبر والبطر ،فيُرسل كلماته سهاماً موجعة تخرق أعماق القلوب فتُدميها..!!
ألسنتهم .. تجردت من المشاعر والأدب .. فصارت تقذف من حولها لأدنى سبب أولئك يتقنون فنّ الأذى والشجب علِموا أن الإعتداء على النفس بالازدراء والاحتقار أجدى نفعاً من العراكِ والشجار ،وآمنوا بأن الفؤاد ينفطر إن لطمته الحروف ..أكثر من صفع الوج بالكفوف ..

وقد بارك اعتقادهم علماء النفس إذ صنفوا العدوان إلى ثلاث صنوف ..

(عدوان جسدي) ـ (عدوان لفظي ) ـ( وعدوان رمزيّ وهو محور موضوعنا..

فالعدوان الرمزي يعني :

" ممارسة سلوكٍ يرمز إلى احتقار الآخر، أويقود إلى توجيه الانتباه إلى إهانة تلحق به بطريقة رمزية غير مباشرة .."

ومن المؤسف أن نرى مثل هذا السلوك شائعاً في مجتمعنا على مختلف طبقاته الفكرية ، إذ يجعل الحذقة ـ بهذا السلوك ـ ألسنتهم وسائل ذاتية للأخذ بالثأر أو التنقيص من قدر الغير أو السخرية بالناس بطريقٍ غيرمباشر ..!!

فقد تبدوا مجالسنا حرباً ضروساً تدوي فيها معمعات الحروف الساخرة والكلمات الساذجة رمزاً بدون تصريح وفي ذلك استخفاف للعقول وتهميش للوجدان..!!

فهل تناسينا شريعة الإسلام التي قيدت أخلاقنا بضوابط ترغيبية وترهيبية حتى تتعمق أواصر الأخوة والمحبة .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله ولايحقره ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ..)

[فإلى كل حاذقٍ في إيذاء الناس وسلقهم بلسانه .. ]

حسبي وإياه .. ماتوعد الله به في قوله سبحانه ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغيرما اكتسبوا فقداحتملوا بهتاناً وإثما مبينا..)..

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله يبغض الفاحش البذيء) رواه الترمذي ..

وقد يُفسد اللسان ـ بأذيته لعبادالله ـ أفضل الأعمال وأحبها إلى الله يقول أبوهريرة رضي الله عنه .. قيل يارسول الله : إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار وتؤذي جيرانها بلسانها فقال صلى الله عليه وسلم : (لاخيرفيها هي في النار ..) صححه الحاكم ..

أيها المُـتقن لفنّ الأذى .. باستكبارك وتجبرك على الورى
إعلم .. أن الله سيعاملك كماتعامل عباده .. يقول الإمام ابن قيم الجوزية في الوابل الصيب: ( (ومن عامل خلقه ـ أي خلق الله تعالى ـ بصفة عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة فالله تعالى لعبده على حسب مايكون العبد لخلقه ولهذا جاء في الحديث (من سترمسلماً سترالله عليه في
الدنياوالآخرة ..)

وكذلك في الحديث الذي في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته يوماً يامعشرمن آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه لاتؤذوا المسلمين ولاتتبعوا عوراتهم...)
فكما تدين تدان وكن كيف شئت فإن الله تعالى لك كما تكون أنت له ولعباده ..

إنتهى كلامه رحمه الله ..)

وإلى كل من تجرع لقمة المذلة والإهانة .. أُهديك.. هذه الكلمات

لاتبالي بماتسمع ولاتصغي لكل مايقال ، واجعل من كلماتهم لبناتٍ تبني في ذاتك شموخاً وعزة وثقة بنفسك ، إذ أنهم مااشتغلوا بك إلالفرط أهميتك في أنفسهم فضلاً عن كون أذيتهم إحسانا يُثقل ميزان حسناتك ، ويخفف من موازينهم ..

عن أم حبيبة الأنصارية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كلام ابن آدم كله عليه لاله إلاماكان من أمرٍ بمعروف أونهيٍ عن منكر أو ذكرلله) ..!!

يقول الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (الوسائل المفيدة للحياة السعيدة )..
{ ومن الأمور النافعة : أن تعرف أن أذية الناس لك وخصوصاً في الأقوال السيئة لاتضرك ، بل تضرهم ، إلا إن أشغلت نفسك في الاهتمام بها وسوغت لهاأن تملك مشاعرك ، فعندذلك تضرك كماضرتهم ، فإن أنت لم تضع لها بالاً لم تضرك شيئا..انتهى كلامه رحمه الله)..

ولِـتحظى بالخيرية من مشكاة النبوة .. كُـن صامداًلاتحطمك توافه الأقوال

واصبرعلى ماتجده من الناس فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبرعلى أذاهم خيرمن الذي لايخالط الناس ولايصبرعلى أذاهم )