اجعلي شعارك في الحياة:

ما مضى فات والمؤمل غيبُ *** ولك الساعة التي أنت فيها
وأحسن منه وأجمل قول ابن عمر رضي الله عنه: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ) [رواه البخاري].
إنسي الماضي مهما كان أمره، انسيه بأحزانه وأتراحه، فتذكره لا يفيد في علاج الأوجاع شيئاً وإنما ينكد على يومك، ويزيدك هموماً على همومك. تصوري دائمك أنك وسط بين زمنين:
الأول: ماض وهو وقت فات بكل مفرداته وحلوه ومره، وفواته يعني بالتحديد عدمه فلم يعد له وجود في الواقع وإنما وجوده منحصر في ذهنك.. ذهنك فقط ! وما دام ليس له وجود.. فهو لا يستحق أن يكون في قاموس الهموم.. لأنه انتهى وانقضى.. وتولى ومضى !
والثاني: مستقبل وهو غيب مجهول لا تحكمه قوانين الفكر ولا تخمينات العقل.. وإنما هو غيب موغل في الغموض والسرية بحيث لا يدرك كنهه أحد.. قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:34].
إذاً فالماضي عدم.. والمستقبل غيب !
فلا تحطمي فؤادك بأحزان ولّت.. ولا تتشاءمي بأفكار ما أحلت ! وعيشي حياتك لحظة.. لحظة.. وساعة ساعة.. ويوماً بيوم !
تجاهلي الماضي.. وارمِ ما وقع فيه في سراب النسيان.. وامسحي من صفات ذكرياتك الهموم والأحزان.. ثم تجاهلي ما يخبئه الغد.. وتفائلي فيه بالأفراح.. ولا تعبري جسراً حتى تقفي عليه.
تأملي كيف استعاذ النبي من الهم والحزن إذ قال: { اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وقهر الدين وغلبة الرجال } [رواه البخاري ومسلم].
فالحزن يكون على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها.. والهم يكون بسبب الخوف من المستقبل والتشاؤم فيه.
أختي المسلمة.. يومك يومك تسعدي.. أشغلي فيه نفسك بالأعمال النافعة.. واجتهدي في لحظاته بالصلاح والإصلاح.. استثمري فيه لحظاتك في الصلاة.. في ذكر الله.. في قراءة القرآن.. في طلب العلم.. في التشاغل بالخير.. في معروف تجدينه يوم العرض على الله.. يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً [آل عمران:30].