بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

عندما تذكر احكام الحجاب ووجوب تغطية الوجه

يحتج بعد المتكلمين والمتفلسفه بالإجماع بأنه لا يثبت أو أن الأجماع لا يكون ألا من الكتب المخصصة بالإجماع ثم يذكرون ان هذا القول يتضمن

تكفير الألباني والشافعي فضحكت على عقله وبكيت على حالهم في ردهم للإدلة وهذا حالهم

( إذا أتى المعقول رمينا المنقول ثم تأولنا المنقول بما يوافق العقول ) وتتكرر شبهاتهم

وتتوالد لكن بأسلوب آخر فقد قال الكفار للأنبياء ما هذا إلا بشر مثلنا وترددت هذه الشبهة

إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث قالوا أنه بشر مثلهم ومع هذا تتكرر البدع والشبهات

لكن بأساليب ملتوية تأتي لا أريد أن أطيل أريد أن أذكر الأدلة بشكل تفصيلي .:



* الأدلة من القران :

1- قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا}[الأحزاب:59].

( حسن ) قال ابن عباس -رضي الله عنهما- : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينًا واحدة.

( صحيح ) فلبسها عندنا ابن عون قال: ولبسها عندنا محمد قال محمد: ولبسها عندي عبيده قال ابن عون: بردائه فتقنع به فغطى أنفه وعينه اليسرى, وأخرج عينه اليمنى وأدنى رداءه من فوقٍ حتى جعله قريبًا من حاجبه أو على الحاجب.

( صحيح ) عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن قوله:{قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}. قال: فقال: بثوبه فغطى رأسه ووجهه وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه.

ولقد قال بذلك حفصة بنت سيرين والسدي والحسن .

قال الواحدي: قال: المفسرون يغطين وجوههن ورءوسهن إلا عينًا واحدة فيعلم أنهن حرائر فلا يعرض لهن بأذى.

قال العلامة اللغوي الزمخشري في تفسيره الكشاف [3/274]:
" ومعنى: "يدنين عليهن من جلابيبهن"، يرخينها عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن. يقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة: أدنى ثوبك على وجهك" .

ودلت هذه الآية ايضا على أن حجاب نساء المؤمنين كحجاب زوجاته صلى الله عليه وسلم؛ لأنالأمر واحد للجميع ( قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين)، وقد اتفق العلماء بلا خلاف على أن حجاب نسائه صلى اللهعليه وسلم هو وجوب تغطية الوجه. إذاً: فحجاب نساء المؤمنين هو تغطية الوجه. وهومعنى قوله تعالى (يدنين عليهن من جلابيبهن) .


2- قول الله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}[المؤمنون:31].

( صحيح ) عن عبد الله بن مسعود قال: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}. قال: الثياب.

وهو قول الحسن وابن سيرين وأبي الجوزاء وإبراهيم النخعي وغيرهم

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الزينة زينتان، زينة ظاهرة، وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج. فأما الزينة الظاهرة: فالثياب، وأما الزينة الباطنة: فالكحل، والسوار والخاتم. ولفظ ابن جرير، فالظاهر منها الثياب، وما يخفى، فالخلخالان والقرطان والسواران.

وقال ابن كثير في تفسيره : "{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، أي ولا يظهرن شيئا زينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه. وقال ابن مسعود: كالرداء والثوب. يعني ما كان يتعاناه نساء العرب، من المقعنة التي تجلل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثوب، فلا حرج عليها فيه، لأن هذا لا يمكن إخفاؤه. ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها، وما لا يمكن إخفاؤه. وقال بقول ابن مسعود: الحسن، وابن سيرين، وأبو الجوزاء، وإبراهيم النخعي وغيرهم"..

3- قوله تعالى: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن}[النور: 60].

( صحيح ) عن عاصم الأحول قال: كنا ندخل على حفصة بنت سيرين, وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقبت به فنقول لها: رحمك الله قال الله تعالى: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}. هو الجلباب قال: فتقول لنا أي شئ بعد ذلك؟ فنقول: {وأن يستعففن خير لهن}. فتقول: هو إثبات الجلباب.

دلالة الأثر : هكذا فهمت حفصة بنت سيرين التابعية الجليلة أن معنى: {وأن يستعففن خير لهن}. هو إثبات الجلباب وتطبيقها العملي له هو التنقب وتقدم قريبًا عن ابن عباس وابن مسعود -رضي الله عنهم- أن المراد بقوله تعالى:{فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن}.

4- قال الله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}[الأحزاب:53].

وجه الاستدلال بالآية الكريمة:
ووجه الاستدلال بهذه الآية الكريمة مبني على أصلين:

الأول: أن خطاب الواحد يشمل خطاب الجماعة.
الثاني: الاشتراك في العلة.

أما بالنسبة للأصل الأول فيتأيد بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((... إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة)), وقد أمر الله -عز وجل- نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحجاب -ولا نعلم في ذلك خلافًا- فنساء المؤمنين تبع لهم في ذلك؛ لما ذكرناه من أن خطاب الواحد يشمل خطاب الجماعة.

ويتأيد هذا الكلام بالأصل الثاني ألا وهو: الاشتراك في العلة, فعلة السؤال من وراء حجاب طهارة القلوب, ونساء المؤمنين كنساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الاحتياج إلى ذلك, ويتأيد هذا الكلام بالعموم الوارد في حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إياكم والدخول على النساء)). ويتأيد أيضًا بقرينة انضمام نساء المؤمنين إلى نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبناته في قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا}

5- قال الله تعالى : { فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء} 25 القصص

( صحيح ) قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها ليست بسلفع من النساء ولاجة خراجة.

·الأدلة من السنة :

1-( صحيح ) عن ابن مسعود ‏‏قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان)

وجه الدلالة: أن المرأة كلها عورة ووجب ستر كل ما يصدق عليه اسم العورة وتغطيته.

2-( صحيح ) عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت‏:‏ كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام ‏.‏

3-( صحيح ) فاطمة بنت المنذر أنها قالت : كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق.

4-( صحيح ) قالت عائشة: (.. وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي, فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني, وكان يراني قبل الحجاب, فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني, فخمرت وجهي بجلبابي..).

4-( صحيح ) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (خرجت سودة(2)-بعدما ضرب الحجاب(3)- لحاجتها, وكانت امرأة جسيمة(4) لا تخفى على من يعرفها, فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة, أما والله ما تخفين علينا, فانظري كيف تخرجين, قالت: فانكفأت راجعة, ورسول الله صلى الله وعلى آله وسلم في بيتي, وإنه ليتعشى وفي يده عرق, فدخلت فقالت: يا رسول الله, إني خرجت لبعض حاجتي فقال: لي عمر كذا و كذا قالت: فأوحي الله إليه, ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال: ((إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن)) .


6-( صحيح ) حديث أنس رضي الله عنه قال : ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اصطفى لنفسه من سبيخيبر صفية بنت حيي قال الصحابة ((ما ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد ؟ فقالوا : إنيحجبها فهي امرأته ، وإن لم يحجبها فهي أم ولد)) ، فلما أراد أن يركب حجبها حتىقعدت على عجز البعير ، فعرفوا أنه قد تزوجها)) (وفي رواية) ((وسترها رسول الله صلىالله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها ثم شده من تحت رجلها ،وتحمل بها ، وجعلها بمنزلة نسائه))

7-( صحيح ) أخبرنا أبو الشعثاء: أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به. قال روح في حديثه: قلت: وما لا تضرب به قال: تعطفه وتضرب به على وجهها كما هو مسدول على وجهها.

ولقد ورد الاثر بسند جيد في مسند الشافعي عن عطاء عن ابن عباس قال : « تدلي عليها من جلابيبها ، ولا تضرب به . قلت : وما لا تضرب به ، فأشار لي كما تجلبب المرأة ، ثم أشار إلى ما على خدها من الجلباب فقال : لا تغطيه فتضرب به على وجهها ، فذلك الذي لا يبقى عليها ، ولكن تسدله على وجهها كما هو مسدولا ، ولا تقلبه ، ولا تضرب به ، ولا تعطفه » قال الحافظ ابن كثير إسناده جيد لا بأس به.


8-( صحيح ) عن عائشة : (أنها كانت تطوف بالبيت وهي منتقبة) .

9-( صحيح ) قوله صلى الله عليه وسلم : "لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها" .


فقوله صلى الله عليه وسلم : "كأنه ينظر إليها" دليل على أن النساء كن يُغطين وجوههن وإلا لما احتاج الرجال إلى أن تُنعت لهم النساء الأجنبيات، بل كانوا يستغنون عن ذلك بالنظر إليهن مباشرة.

10- أحاديثه الكثيرة صلى الله عليه وسلم في أمر الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته؛ ومن ذلك

( صحيح ) ما رواه المغيرة بن شعبة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها. قال: "اذهب فانظر إليها؛ فإنه أجدر أن يؤدم بينكما". قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم. فكأنهما كرها ذلك. قال: فسمعتْ ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدك. كأنها أعظمت ذلك. قال: فنظرت إليها، فتزوجتها"

دلالة الحديث : ففي هذا الحديث دليل على أن النساء كن يحتجبن عن الأجانب، ولهذا لا يستطيع الرجل أن يرى المرأة إلا إذا كان خاطباً.

ولو كنّ النساء يكشفن وجوههن لما احتاج الخاطب أن يذهب ليستأذن والدا المخطوبة في النظر إليها.

وأيضًا لو كنّ يكشفن وجوههن لما احتاج صلى الله عليه وسلم أن يأمر الخاطب بالنظر إلى المخطوبة. في أحاديث كثيرة .
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لمن خطب امرأة من الأنصار: "اذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئاً" أخرجه مسلم.

إذًا استثناء النظر إلى المخطوبة دليل على أن الأصل هو احتجاب النساء ، وإلا لم يكن لهذا الإستثناء فائدة .


* أقوال أهل العلم من مختلف المذاهب :




·المذهب الحنبلي :



قال الإمام أحمد بن حنبل:" كل شىء منها_ أي المرأة_ عورة حتى الظفر"



قال العلامة البهوتي في الكشاف (1/316) : (وهما) أي الكفان (والوجه) من الحرة البالغةعورة خارجها - أي الصلاة- باعتبار النظر ، كبقية بدنها ). لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم "المرأة عورة".



قال شيخ الاسلام ابن تيمية : والتحقيق أنه ليس بعورة في الصلاة وهو عورة في باب النظر إذ لم يجز النظر إليه. (شرح العمدة في الفقه )



قال ابن القيم – رحمه الله - : والعورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النَّظر، فالحرَّة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع النَّاس كذلك . إعلام الموقعين ( 2/80)



فائدة : أن إسحاق حدَّثهم ، أنه قال لأبي عبدالله الإمام أحمد بن حنبل : يكره للأمة أن تخرج منتقبة قال لنا : إذا كانت جميلة تنتقب. ( أحكام النساء ).



من المعلوم ان الجلباب واجب على الحرة وغير واجب على الأمة و الإمام أحمد بن حنبل كان لا يرى بأسا ان تنتقب الأمة اذا كانت جميلة .



( حسن ) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رأى أمة سترت وجهها فمنعها من ذلك وقال : أتشتهين أن تتشبهي بالحرائر.






·المذهب الشافعي :





قال النووي رحمه الله (ت676ه)في المنهاج ( وهو عمدة في مذهب الشافعية ) : " و يحرمنظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة ( قال الرملي في شرحه : إجماعاً ) وكذا عند الأمن على الصحيح "



قال الشيخ الشرواني: "قال الزيادي في شرح المحرر: أن لها ثلاث عورات:



عورة في الصلاة ، وهو ما تقدم _ أي كل بدنها ما سوى الوجه والكفين .


وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها:"جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد.



وعورة في الخلوة وعند المحارم: كعورة الرجل" حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (2/115)



قال الشيخ محمد بن قاسم الغزي: " وجميع بدن المرأة عورة إلا وجهها وكفيها ، وهذه عورتها في الصلاة ، أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها" فتح القريب شرح ألفاظ التقريب( ص19)





·المذهب المالكي :




وذكر الآبِّيُّ: أنَّ ابن مرزوق نصَّ على: أنَّ مشهور المذهب وجوب ستر الوجه والكفين إن خشيت فتنة من نظر أجنبي إليها (جواهر الإكليل 1/41).




قال الشيخ الحطاب: "واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين. قاله القاضي عبد الوهاب ، ونقله عنه الشيخ أحمد رزوق في شرح الرسالة ، وهو ظاهر التوضيح . هذا مايجب عليها" مواهب الجليل لشرح مختصرخليل (1/499)




وقال الشيخ أبو عليٍّ المشداليُّ، رحمه الله: إنَّ من كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف -كما جرت بذلك عادة البوادي- لا تجوز إمامته، ولا تقبل شهادته. (المعيار المعرب للونشريسي 11/193).





·المذهب الحنفي :




قال أبو بكر الجصاص، رحمه الله: المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها (أحكام القرآن 3/458 )




وقال علاء الدين الحنفيُّ، رحمه الله: وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.




قال ابن عابدين، رحمه الله: المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة.




وفسَّر الشهوة بقوله: أن يتحرك قلب الإنسان، ويميل بطبعه إلى اللَّذة. ونصَّ على أنَّ الزوج يعزر زوجته على كشف وجهها لغير محرم (حاشية ابن عابدين 3/261)




قال العلامة الطحطحاوي في حاشيته الشهيرة على مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح عند هذه العبارة مايلي: "وتُمنع الشابه من كشفه_أي الوجه_لخوف الفتنة" حاشية الطحطحاوي على مراقي الفلاح (ص/161)


* عمل المسلمين ( الاجماع العملي ) :



يقصد بالاجماع العملي : هو ما استمر عليه المسلمون في العمل براي معين قد يكون هذه الراي فيه خلاف او مجمع عليه فقهيا منذ عهد النبي عليه الصلاة والسلام مرورا بالقرون المفضلة وعصور ازدهار الحضارة الإسلامية .


ذكر شيخُ الإسلام ، الإمام ابنُ تيمية – رحمه الله – في منهاج السنة : ( اتفاق المسلمين على منع خروج النساء سافرات الوجوه لأنّ النظر مظنة الفتنة ) .


نقل النووي في روضة الطالبين 5/ 366عن الإمام الشافعي(اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه).


كما نقل - رحمه الله – عن الإمام الجويني إمام الحرمين ( اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه ) (( روضةالطالبين 7/ 21 ))


وحكى الإمام العلامة أحمد بن حسين بن رسلان الشافعي المتوفى سنة 844 ه : (( اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ،لا سيما عند كثرة الفساق )) نقله الشوكاني في نيل الأوطار ( 6 / 130)


وحكى العلامة السهانفوري المتوفى سنة 1346 ه في بذل المجهود ( 16 / 431 ) : (..اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره)


حكى الحافظ ابن حجر في الفتح ( 9/337) : ( استمرار العمل على جواز خروج النساءإلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات ؛ لئلا يراهن الرجال ..إلى أن قال : إذ لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات)


وبمثله حكاه العيني في عمدة القارئ ( 20/217)


وقال الحافظ أيضا ( 9/ 424) : ( ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب) .


وقال الغزالي في إحياء علوم الدين ( 2/53 ) : ( .. لم يزل الرجال على ممر الأزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات .. )


وقال الموزعي الشافعي في تيسير البيان لأحكام القرآن ( 2/ 1001 ) : ( لم يزل عمل الناس قديما وحديثا في جميع الأمصار والأقطار ، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها ،ولا يتسامحون للشابة ، ويرونه عورة ومنكرا ..) .


وقال محمد بن يوسف أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط ( 7/ 240 ) : ( ..وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلاعينها الواحدة)

*هل ينكر على السافرة ؟


قال شيخ الاسلام ابن تيميّة- رحمه الله - : وكشف النِّساء وجوههنَّ بحيث يراهنَّ الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهي عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنَّه يعاقب على ذلك بما يزجره. ( الفتاوي )

قال عمر السنامي الحنفي : الحرة تمنع من كشف الوجه والكف والقدم فيما يقع عليه نظر الأجنبي لأنها لا تأمن عن شهوة بعض الناظرين إليها.( نصاب الاحتساب )

* تفنيد شبهات المخالفين :

تتراوح ادلة المخالفين ما بين ادلة ضعيفة وظنية الدلالة ، سأقوم أشهرها وتفنيدها :

1- (ضعيف جدًا ) أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض .....)).

هذا حديث ضعيف جدًا؛ وذلك لأمور:

أولها: ما أشار إليه أبو داود وجمع من أهل العلم وهو أن خالد بن دريك لم يدرك عائشة فالسند منقطع
ثانيا: سعيد بن بشير ضعيف وخاصة في قتادة.
.ثالثها: قتادة مدلس وقد عنعن.
رابعها: الوليد - وهو ابن مسلم- وهو مدلس وقد عنعن.

2- ( ضعيف ) : عن أسماء بنت عميس أنها قالت: دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على عائشة بنت أبي بكر وعندها أختها أسماء بنت أبي بكر وعليها ثياب دامية واسعة الأكمام،....... .
والخبر ضعيف لضعف ابن لهيعة.

3- ( ضعيف ) كانت امرأة تصلي خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه .... فأنزل اللّه تعالى: (ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين)

وهذ الخبر منكر سنداً ومتناً أما في السند فلأن عمرو بن مالك النكري له مناكير عن أبي الجوزاء قال ابن عدي في الكامل (1/402) في أبي الجوزاء:"حدَّث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة"

قلت والرواية المذكورة من من رواية عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس فقد تكون من تلك المناكيروأما النكارة في المتن فوجهها أن الآية المذكورة من سورة الحجر وهي سورةٌ مكية ولم يكن للمسلمين مسجدٌ يصلي فيه الرجال والنساء إلا في المدينة وفي السورة من الآيات ما يدل على أنها نزلت قبل الهجرة من آيات إهلاك الأمم السابقة والأمثال ضربها المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم

4- ( ضعيف ) عمران بن حصين ، قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا ، إذ أقبلت فاطمة رحمها الله ..... .

في هذا السند غرابة فليس من عادة عكرمة أن يروي عن عمران بن حصين حتى أن المزي لميذكر عمران في شيوخ عكرمة في تهذيب الكمال والذي يظهر أن السند منقطع فقد طعن أبو حاتم في سماع عكرمة من سعد بن أبي وقاص ( انظر ترجمة عكرمة فيتهذيب التهذيب)وقد ذكروا أن سعد توفي سنة 55 وقيل 54 وقيل 51 وهناك أقوالأخرى قريبة من هذه ( انظر ترجمته في تهذيب التهذيب)

وأما عمران بن حصين فقدذكروا أنه توفي سنة 53فيكون عمران أقدم وفاةً من سعد على أكثر الأقوال أوتوفي بعده بقليل وعلى هذا يكون الطعن في سماع عكرمة من سعد طعناً في سماعه من عمران أيضاً والله أعلم

5- ( ظني ) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أردف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته, وكان الفضل رجلاً وضيئًا فوقف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للناس يفتيهم, .... .

وجواب ذلك هو: أن الأعرابي عرض ابنته على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أجل أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

( صحيح ) عن الفضل بن عباس قال : (كنت ردف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأعرابي معه بنت له حسناء فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ رجاء أن يتزوجها, وجعلت ألتفت إليها ويأخذ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم برأسي فيلويه فكان يلبي حتى رمى جمرة العقبة).

6- (ظني ) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- (أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت يا رسول الله ..... .

وجواب ذلك أن مجيئها على هذا الحال كان لإرادة التزويج من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, ومن ثم فلها حينئذٍ أن تكشف وجهها ليراها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي جاءت لتهب نفسها له, وقد قال الحافظ ابن حجر (فتح 9/210): وفيه (أي في الحديث) جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها وإن لم تتقدم الرغبة في تزويجها ولا وقعت خطبتها.