علامات قبول الحج
يحب الإنسان أن يكون حجّه مقبولا وأن يكون مبرورا، فلذلك علامات يعرفها مَن حقّق النظر فيها، فإذا رجع الحاج من حجّه وقد قُبِل حجّه وقد أتمّه، رأيته محافظًا على العبادات، ورأيته يسابق إلى المساجد، ورأيته يتقرّب إلى الله تعالى بنوافل العبادات ورأيته يفعل الرواتب التي قبل الفرائض وبعدها، ويكثر من ذكر الله، يأتي بالأذكار الّتي بعد الصّلوات تسبيحا وتكبيرا وتحميدا.
كما أن من علامات مَن تقبّل الله منهم من الحجاج حجّهم: انشراح الصدر وسرور القلب ونور الوجه، لأن للطاعات علامات تظهر على بدن صاحبها، بل على ظاهره وباطنه أيضًا، وذكر بعض السلف أن من علامة قبول الحسنة أن يُوفّق الإنسان لحسنة بعدها، فإن توفيق الله إياّه لحسنة بعدها يدل على أن الله عزّ وجلّ قبل عمله الأول، ومنَّ عليه بعمل آخر ورضي به عنه.
والواجب على مَن عاد إلى بلاده تجاه أهله بعد أداء الحج، أن يقوم بحق أهل والرعّية الّتي استخلفها، وقد ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن ''الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته''. وعليه أن يقوم بتعليمهم وتأديبهم، كما أمر بذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أو كما كان يأمر بذلك الوفود الّذين يفدون إليه أن يرجعوا إلى أهليهم فيعلّموهم ويؤدّبوهم. والإنسان مسؤول عن أهله يوم القيامة، لأن الله تعالى ولاّه عليهم وأعطاه الولاية، فهو مسؤول عن ذلك يوم القيامة، ويدل لهذا قوله تعالى: ''يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفُسَكُم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة''، فقرن الله تعالى الأهل بالنّفس. فكما أن الإنسان مسؤول عن نفسه يحرص كل الحرص على ما ينفعها، فإنه مسؤول عن أهله كذلك، يجب عليه أن يحرص كل الحرص على أن يجلب لهم ما ينفعهم ويدفع عنهم بقدر ما يستطيع ما يضرهم.
وكذلك ينبغي لمَن منَّ الله عليه بالعبادة أن يشكر الله سبحانه وتعالى على توفيقه لهذه العبادة، وأن يسأل الله تعالى قبولها، وأن يعلم أن توفيق الله تعالى إيّاه لهذه العبادة نعمة يستحق سبحانه وتعالى الشكر عليها، فإذا شكر الله، وسأل الله القبول، فإنه حريٌّ بأن يقبل، لأن الإنسان إذا وُفِّق للدعاء فهو حريٌّ بالإجابة، وإذا وُفِّق للعبادة فهو حري بالقبول، وليحرص غاية الحرص أن يكون بعيدًا عن الأعمال السيّئة بعد أن مَنَّ الله عليه بمحوها، فإن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: ''الحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة''. ويقول صلّى الله عليه وسلّم: ''الصّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لمَا بينهن، ما اجتنبت الكبائر''. ويقول عليه الصّلاة والسّلام أيضًا: ''العمرة إلى العمرة كفارة لمَا بينهما''. وهذه وظيفة كل إنسان يمنُّ الله تعالى عليه بفعل عبادة، أن يشكر الله على ذلك وأن يسأله القبول.